الفساد و الغش و التزوير بالتعليم العمومي

محمد نجيب كومينة 

من كان يتوقع غير ماوقع فهو مخطئ.
تسريبات الباكالوريا ليست حدثا معزولا ولاطارئا خارج سياق الانتظارات.
التزوير والغش والفساد فيروسات قاتلة تواصل الزحف والتخريب في مغرب صار فيه الضمير “تكونيب” والنزاهة غباء والاستقامة بلادة .
التزوير والغش والفساد استوطنوا التعليم العمومي والخاص وللإدارة التعليمية الغارقة في الفساد مركزيا وجهويا ومحليا مسؤولية كبرى في ذلك، ولللأحزاب والنقابات نفس المسؤولية، لأنها متواطئة مع أكثر الإداريين فسادا أو محتضنة لهم ، ومنهم بعض من يغيرون الأقنعة عندما يخرجون إلى المجال العام ويصيحون مناضلين وفقهاء و دعاة .
الغش والتزوير والفساد ظواهر موجودة في كل القطاعات، وهي اليوم مرشحة للانتشار أكثر في ظل مساطر التعيين في المسؤوليات العليا التي تعتبر ضحكا على الدقون وتغطية على الغش و”تبليص” الزبناء والوصوليين من عديمي الخبرات والقدرات، وهذا مايدين الإسلاميين قبل غيرهم ماداموا يروجون لخطاب أخلاقي ويتصرفون بما ينافيه في كثير من الحالات. لكن انتشار هذه الظواهر في التعليم يكتسي خطورة خاصة. إذ أن مايترتب عليه شامل لكافة المستويات. فالتعليم يقود إلى تعميق الفوارق وإلى اليأس وإلى تفقير كثير من الأسر كما يؤدي إلى مشاكل كبيرة فيما يتعلق بأداء مؤسسات الدولة وقيامها بواجباتها وفيما يتعلق بالاقتصاد. فنخن نتجه للحضيض على هذه المستويات. ولعل مستوى عدد من رجال التعليم في كل المستويات، بمن فيهم بعض الظواهر الإعلامية المنتشرة اليوم، واحد من الأدلة.
لقد ورطنا الظلاميون و نسختهم الإخوانية في الجدل العقيم وبدل أن نحارب الفساد الإداري الذي بلغ درجة لايعرفها إلا المكتوون بنار الإدارة والعارفون بخباياها استغرقتنا الحروب الدونكيشوتية حول المؤخرات العارية والمكوغطة وحول فيلم تافه، وبدل أن يذهب التفكير والجهد في اتجاه إبجاد آليات ناجعة وفعالة لمحاربة هذا الفساد شغلونا بالخطب الرديئة والفتاوي والفرجة البنكيرانية التي لاتكاد تخفي نرجسية الرجل الذي وجد نفسه في موقع لايملك الخبرة ولا المؤهلات ولا الشجاعة الفكرية والسياسية لتوليه، وخصوصا بعدما خرج الشباب ذات 20 فبراير للمطالبة بإسقاط الاستبداد والفساد.
نحن نسير في الطريق الخطأ ونعرض البلاد لأخطار كبرى. من اختلطت عليهم الأبقار لايمكن أن يشعروا أن هذه الأخطار قائمة ومن يصطادون في الماء العكر ويتحينون الفرص لسرقة تطلعات الناس مرة أخرى لايهمهم أن يسقط كل شئ لأنهم يحلمون بالصحاري والبعير وبوله. لنحدر. إصلاح التعليم بالمغرب صار صعبا بعدما خربه المحربون واغتنوا على ظهره الإغتناء الفاحش ويتطلب قرارات شجاعة وليس الصفسطة في اجتماعات يضغط عليها لوبي التعليم الخاص المتوحش ويشارك فيها من لاأبناء لهم في التعليم العمومي.