الادارة طبيعتها علبة مغلقة يصعب فك الغازها وطلاسيمها مهما ادعت من الشفافية والوضوح. عبر شعارات رنانة يكذبها الواقع. فكثير من الاحداث تفضح النوايا. وتثير كثير من الاسئلة كحق شرعي ودستوري لكل متتبع وفي ظل شح المعطيات قد تفتح الابواب للاشاعة مادامت مصادر الحقيقة موصدة احكمت باقفال لامجال للنفاذ اليها .وعلى الطرف الرئيسي ان يتحمل تبعات كل الاجراءات والتداعيات والتاويلات والنتائج ،
ان ماوقع مؤخرا بالجهة يستدعي منا التوقف عنده بكثير من التركيز للخروج بخلاصات مادام الكل قد ادلى بدلوه في هذا الحدث وعبر عن موقفه وشارك فيه بطريقته الخاصة فاسمحوا لنا ان نشارككم هذه المحطة لاعتبارات عدة منها:
ان البعض يتوجس رد فعلنا وتفاعلنا مع مايعتمل في الجهة وهو امر محمود نسجله لهم بكامل الاعتزاز ولنا كامل التقدير والاحترام لاهتمامهم الشديد .
ثانيا لايمكن ان يمر الحدث مر الكرام دون ان يكون لنا فيه قول ، على الاقل كمساهم ومهتم بالشان التعليمي بالجهة.
ان البلاغ الصادر عن الاكاديمية والوثيقة الوحيدة التي تفيد ان هناك وضعية جديدة داخل قطاع التعليم بمراكش وتضعنا امام اسئلة وقراءة متانية للوضع نخرج منها بعد محاولة تشريح تؤهلنا للوقوف على مجموعة من الخلاصات اهمها:
البلاغ الاخباري الوثيقة اليتيمة لاتحمل لا توقيعا ولا خاتما للمؤسسة . مما يوحي نية التعويم في الخبر وشكوك نحو المصدر .
من المؤاخذات كذلك في الشكل والتي توحي بارتباك حكم لحظة كتابته على سبيل المثال لا الحصر ان ياتي البلاغ بدون تاريخ يؤطره زمنيا ممايدفع بالقول ان كاتبه لا يرغب في تاطيره زمنيا واراد موته ونهايته فور صدوره بعدما يسد ثغرة زمنية وينتهي الامر. رغم ان عامل الزمن في عمر الوثائق الادارية فيصل و مهم وشديد الحساسية.
ان البلاغ يحمل معطى التكليف والتنصيب اكثر مما يوضح اسباب الانهاء . الذي يعتبر الحدث الرئيسي دون ان يسلط عليه الضوء. لقد احاطت الادارة منطوقه بفقرتين هامتين من حيث عدد المفردات يتوسطها خبر الوضع الصحي للمنتهية مهامه حتى لا نقول صلاحيته. وهي مفردات تخفي العجز كما هي الحقيقة مادامت بنيته اللغوية يطغى عليه التداخل في المبنى والتصادم مما اربك المعنى واحدث تشويشا لدى المتلقي.
لا احد ينكر ان المدير الاقليمي بذل مجهودا معتبرا بتنسيق مع مدير الاكاديمية وهو امر لم يكن مبتكرا ولا جديدا على الساحة التعليمية فقد سبقته وضعية مماثلة شبيهة بين مدير اكاديمية سابق ونائب اقليمي بقلعة السراغنة . في بداية السنة الدراسية 2004 .
لكن سؤال توقيت انهاء المهام يطرح بالحاح ،
لماذا بالضبط مع نهاية شهر اكتوبر وليس قبلها ؟
وان يصادف بداية الفترة البينية الاولى وهو اختيار ذكي لكن تبقى اهدافه غير معلنة تخفي وراءها الكثير من الحقائق الايام القليلة المقبلة كفيلة بكشف حقيقتها. لانشك لحظة ان انسجام الطرفين ضمن بالاساس فورية واستعجالية تنفيذ بعض القضايا وكاننا امام جهاز تشريعي والاخر تنفيذي يضمن نجاعة الاداء.هناك اوراش لايمكن لمتتبع للشان التعليمي بالجهة ان ينكرها لكن الملاحظ ان مثل هذا النموذج مهما كنا متفائلين بصدده فانه يقتل هامش الابداع والمبادرة الفردية في اطار التدبير اليومي والامور ذات الصبغة الاستعجالية لانه كثير من القضايا تحمل تبعاتها المسؤول الجهوي لغياب القدرة الذاتية الاقليمية على الحل وارتهانه بطرف اخر . وهذه حقيقة لايمكن انكارها ،فليس دائما التنسيق التام يعتبر حلا في كل الظروف وكل الامكنة وهي تجربة تحمل اعطابا لا يمكن نفيها .مهما دافع او راهن عليها البعض ، فهو يرهنها للفشل اكثر مما يدفعها للنجاح، كما اننا في ظل غياب معطيات سيكون من التجني الحكم على المرحلة بالفشل كما اننا لن نغامر بالقول بالنجاح لكن نرصد مؤشرات حتى لايتهمنا البعض بالاستهداف.
في خضم كل هذه الاحداث والوقائع يطرح سؤال يفرض نفسه بين التكليف والموافقة على طلب انهاء المهام.
مامصير تقييم مرحلة الرجل ؟
تضيع محطة مهمة في مسار الحكامة وضمان الاستمرارية
وعلى اية ارضية سيتسلم خلفه المهام الجديدة لاسيما وانه مثقل بمهام اخرى اكيد انها ستستنزف من يومه الشيء الكثير.رغم اننا لانشك في قدراته وكفاءته لكن مثل هذه الوضعية الصعبة توحي بان الادارة حين تختار مثل هذه السيناريوهات فهو دليل صريح على احتمالين لاثالث لهما :
ان الجهة لا تتوفر على خيارات متاحة تمكنها من الابداع ولو في لحظة التكليف. وهو امر معيب في البنية التنظيمية للاكاديمية ان صح فهو يسائل موضوع احتياط الكفاءات الذي تتوفر عليه الجهة.
او الادارة بارادتها المنفردة متمركزة حول ذاتها ان لم نقل متقوقعة وغير مستعدة للانفتاح على كفاءات اخرى اثبثت قدرتها وشكلت انموذجا متفردا رغم الاختلاف في وجهات النظر وفي التدبير ايضا.
كنا نتمنى ان يكون البلاغ الاخباري قويا ومؤسساتيا يضع خطا واضحا وفاصلا بين مرحلتين بتقييم موضوعي وان لا مجال للمحاباة ولغة المجاملة في هذا المقام . وان تعرف عملية تسليم المهام كل مكوناتها ومفرداتها بمافيها الامتيازات مادمنا تكلمنا على الوضع الاعتباري لكل مسؤول. لا ان نلجا للترقيع بالتدبير المؤقت والمكلف في نفس الوقت والجهة تؤدي الثمن ان لم يكن على مستوى النتائج في اللحظة الراهنة فحتما سيكون على حساب استقرارها التربوي وهو مؤشر ملحوظ وخطير لايمكن انكاره.ونتمنى الا يطول .
ذ ادريس المغلشي.