صرح صالح المالوكي رئيس الجماعة الترابية لأكادير بأن مجلسه يهدف إلى إصلاح اختلالات أربعة عقود من تسيير شؤون المدينية …وهي المدة التي تغطي تسيير حزب الاتحاد الاشتراكي منذ انطلاق أول تجربة جماعية سنة 76.
لست هنا بصدد الدفاع عن تلك التجربة …والتي تبقى تجربة للتدبير الجماعي لشؤون مدينة حتما ستعرف اختلالات…لأنها عمل بشري تعتريه ما يعتري أعمال الانسان بصفة عامة . كما أننا سنتجاوز عما يفعله مجلس السيد الماولكي بعد انصرام نصف الولاية الانتخابية ، ولا عن انه كان جزء من الاغلبية خلال ولايات متتالية ..
لكن من باب التذكير والانصاف أن نذكر السيد المالوكي بما يلي:
– أهل سوس صوتوا بكثافة أيام الرصاص والسجون لحزب الاتحاد الاشتراكي ، الحزب المعارض بالمغرب ..يوم كان الاخرون يندسون وسطه ويرفعون التقارير، ولكم ان تتخيلوا كيف يمكن لمجلس مكون من ” رجال التعليم” ان يواجه تغول سلطات الوصاية في “عزها” ويوم كان ” العامل” يصفع المنتخبين …كيف يمكن لمنتخبين مسنودين فقط باصوات الناخبين ان يواجهوا إدارة “البصري” بكل ما تعنيه من قوة خلال الثمانينات ، في حين يكفي لقائد او خليفته ان يمنع وزيرا لكم من نشاطه وينزع لافتاتكم و فبالاحرى ان تقفوا في وجه العامل” أما الوالي فلكم الشرف فقط حين تلتقطوا سيلفيات بجانبه..
– من هي” النخبة “التي سيرت اكادير ؟
أكادير هي عاصمة سوس، وإن تتواجد جغرافيا في خليج محاط بقيائل اداوتنان ومسكينة ، فانها ملتقى لكل أبناء سوس …من الاخصاص وماسة واشتوكة و هوارة و حاحا ،
أبناء السوسييين الذين عاينوا إقطاع المحتل و جور الحكم الفردي بعده ، والذين توقفت دراستهم لولوج ” سلك التعليم” بعد معهد تارودانت …وحملوا احلام أبائهم في التنمية والكرامة المسلوبة…
فهل تساءلت يوما كيف امكن لمنتخب خريج معهد أصيل ، ومن بيئة قروية وغير منفتح على اللغات ان يشيد مسرحا للهواء للطلق لم يتواجد حتى في كبريات المدن المغربية؟ وكيف أمكن التخطيط لمدينة سياحية عصرية، ومواجهة لوبيات العقار السياحي و اليد الطولى للداخلية على الجماعات ومجالسها….
– وهل تعلم بان الحي الذي غيرتم اسمه من “الموظفين” إلى “الصفاء” ، لأن الاسم يغيظكم…هو تجربة فريدة بالمغرب بداية الثمانينات والتي مكنت الموظف الصغير من امتلاك منزل بمدينة سياحية مثل اكادير..، وبان احياء المسيرة والقدس والداخلة ، تسكنها طبقة من الموظفين الصغار والمتوسطيين الذين استفادوا من تسهيلات واثمنة مشجعة لاقتناء عقار لمنزل يضمن الحياة الكريمة وهو ما يعد الان من سابع المستحيلات بالمدينة …
– وهل تعلم بان المدينة كانت تعرف حياة ثقافية وفنية متميزة، اسأل نفسك ماهي آخر مرة زار فيها “مارسيل خليفة اكادير؟ وما هي آخر مرة القى فيها أدونيس شعرا او محاضرة بمدرجات قاعاتها؟ وأين اختفى الدعم للاندية السينمائية ؟ وما هو مآل “مهرجان البحر” المستمد من تاريخ وتراث المدينة ” لفيشطا ايبوركا/ مهرجان المراكب), كل هذا اختفى ليحل معه البؤس مع دعم جمعيات كفن الاموات وحملات تنظيف المقابر…
الكذب يكون على الاموات، اما على الاحياء …فانتظر موتهم..
عياد الجيد / أگادير