ذ.العبدوني خياري
عزة النفس أن تسمو، وتبتعد عن كل من يقلل من قيمتك، فالنفس الإنسانية مثل الزجاج لا تجرح إلا عندما تنكسر.
في اللاتينيّة كان المصدر كلمة (dignitas) التي تعني قيمة الشخص أو جدارته ، أي أنّ التعبير يطال شخصاً بعينه،
أنا ع.خ. محمد، مواطنٌ مغربيٌّ عاديٌّ جدًّا. . لكنّي أتشرّف بكوني مواطنًا ووطنيا ، أحترم دستوربلادي، وأطبّق قوانينه وأحترم واؤمن بشعاره. لكنّ الصحيح جدًّا، أنّ كرامتي الإنسانيّة غير عاديّة، فهي فائقة القيمة، وهي عندي لا تُقدَّر بثمن. شأني في هذه الموضوع شأن كلّ مواطنٍ عاديٍّ صاحب كرامة، ولا يقبل بتصريف كرامته في أيّ سوق، هذه هي قيمتي الفعليّة والحقيقيّة، وهي عندي أغلى من موجودات البنوك والعقارات، وممّا يُعرَف ولا يُعرَف من ممتلكات أصحاب المال النظيف وغير النظيف، المبيض وغير المبيض….
هذه الكرامة، أتباهى بأنْ أقول عنها إنّها عندي مدعاة اعتزازٍ لا يوصف، ولا يوازى، ولا يستطيع أحدٌ أنْ يتخطّى حقيقة هذه الكرامة سواء بتهديداته أو ابتزازه..
المسألة مسألةٌ معنويّةٌ وشخصيّةٌ بالطبع، وميزانُها ومعيارُها معنويٌّ وشخصيٌّ للغاية أعرف، في المقابل، أنّي في ميزان ومعيار أهل الطبقة السياسيّة وبعض اللوبيات، محضُ مواطنٍ عاديٍّ جدًّا أعرف أنّ قيمة المواطن العاديّ جدًّا، “في السوق”، في سوق المواقع والمناصب ، هي مدعاةٌ للشفقة والسخريّة فأنا لا أملك ذهبًا ولا فضّةً، وليس لي مداخيل باستثناء راتبي الشهري المتواضع، ولستُ صاحب نفوذ. على الرغم من ذلك، أُعلن بملء كرامتي الإنسانيّة الفائقة القيمة، وغير القابلة للمساومة لا بالدرهم، ولا بأيّ عملةٍ “صعبة”، أعلن أنّي لا أباع ولا أشترى، لأن عزة نفسي لا تسمح لي .
لا يعنيني أنْ أكون سليط اللسان( أوحسب رأيي جريئ، البعض يترجمها للوقاحة لأنها لاتنغم مع المنبطحين)، ولا يهمّني البتّة –كما أني لا أريد – أنْ أُساق إلى التحقيقات و المحاكم، بتهمة القدح والذمّ لذا، أقول لمَن يبحث بين الكلمات عن مأخذٍ “قانونيّ” على هذا المواطن العاديّ جدًّا، في ضوء التفسيرات “المستجدّة” لبعض موادّ هذا القانون والاجتهادات لبعض الفقهاء في التنوعير، اني أتكلم بتلقائية لكن يبقى “اللي فيه الفزسيقفز”.
أريد وأرغب فقط أنْ يتمكّن المواطن من أنْ يجد عملًا شريفًا؛ أنْ يتمكّن من شراء الخبز ؛ أنْ يتمكّن من تسديد الفاتورات؛ أنْ يتمكّن من تعليم أبنائه و أنْ يتمكّنوا من الحصول على سقف لبناء مشروع حياتهم المستقبليّ؛ كي لا يضطرّ أبنائه الجامعيّون المتخرّجون للبقاء عاطلين عن العمل لأنّهم لا يعثرون على وظيفةٍ كريمة تحت سماء وطنهم وقد يضطروا لركوب قوارب الموت او اتباع مغامرات تؤدي بهم لما لا تحمد عقباه.
عزّة النفس هي الشيء الوحيد الذي إن خسره الإنسان لن يقوى بعدها على تحدي أي شيء، ولا حتّى نفسه. فكل شخص مسؤول عن صيانة كرامته التي يجب أن يُدافع عنها، فالكرامة صفة ملازمة للإنسان وقد كرّمه الله تعالى، ويقول تعالى في سورة التين: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}، لهذا فالإنسان مكرمٌ من الله تعالى،
فالكرامة هي حق الفرد في أن تكون له قيمة وأن يُحترم لذاته، وأن يُعامل بطريقة أخلاقية. لذايجب التعامل مع الناس على أساس أنهم قيمة أخلاقية ولا يجب استغلالهم كأدوات أواستغلالهم كدرج في السلم لتحقيق غاية الوصوليين والانتهازيين .
كمايجب الحفاظ عليها في كلّ وقت وفي جميع التصرفات والسلوكيات التي يمرّ بها الإنسان، لأنه هو المسؤول الأول عنها ويجب ألّا يسمح لأي شيءٍ أن يسيء إلى كرامته الإنسانية أو يعبث بها مهما كانت الأسباب ، أو قبوله الخنوع والاستسلام مقابل مال او موقع. إذ إن الكرامة الإنسانية تحتّم على أن يكون الحفاظ عليها أمرًا واجبًا، فاحترام الكرامة الإنسانية لا شأن له بالعرق أو اللون أو الجنس أو الدين أو المستوى المادي أو العلمي أو الثقافي أو الاجتماعي، بل ينبغي أن يكون احترام كرامة الإنسان نابعًا من كونه إنسان . وتبدأ المحافظ على مبادئ الكرامة الإنسانية من الإنسان نفسه الذي يجب عليه أن يترفع عن كلّ ما يؤذيه في كرامته الإنسانية، وأن يتجنب وضع نفسه في مواضع تُسبّب له الإهانة، وأن يقف في وجه كل من يُحاول أن يقلل من شأنه مهما كان هذا الشخص.”إنّي لا أحترم من لا كرامة ولا عزة نفس لديه” ..