آخر الأخبار

الكل خاسر مما حدث في سورية، باستثناء إسرائيل

عمرو ناصف 

أتمنى من كل من يكتبون عن الخيانات، وعن البيع، وعن الخذلان، أن يتريثوا، وألا يتصور أحدهم أنه عالم ببواطن أمر سورية، وخاصة أولئك الذين يدعون بأنهم كانوا قد (تنبأوا)، أو(توقعوا)، أو أنهم (طالما حذروا، ونبهوا).
ما حدث في سورية لم يكن ليخطر على بال أحد سواء كان معه، أو ضده، باستثناء قيادات: (سورية، وروسيا، وإيران، وتركيا، والسعودية، وقطر، ومصر، والعراق).
ما حدث في سورية هو ما توصلت إليه الأطراف التي ذكرتها، والتي تمتلك من الأدلة ما يؤكد أن المخطط كان يهدف إلى جر سورية، إلى حمام دم غير مسبوق، وإلى حصار أشد وأقسى مما فات، وأن كل السيناريوهات المتوقعة ستتنافس في قسوتها، وكارثيتها.. وأن المخرج الوحيد، هو الاتفاق على خروج الرئيس الأسد، بعد الحصول على ضمانات بحقن الدماء، وعدم تقسيم سوريا، وتفكيك جيشها.
ولكن، هل ستحكم جبهة النصرة سورية؟
هذا السؤال، هو التحدي الأكبر الآن للعالم وفي مقدمته أمريكا تأسيسا على تصنيف جبهة النصرة، والجولاني نفسه، فضلا عن أن أطرافا أخرى للمعارضة المسلحة، وغير المسلحة، ستبدأ في البروز بشكل أكبر، وأقوى في المشهد السوري، وليس أولها (قسد) (المعادية للنصرة)، وليس آخرها ما يسمى بالجيش الحر، وجميعها لن يفرط في حلمه في الحصول على قطعة من الكعكة السورية.
أعلم أن السؤال الذي سيطرأ على أذهان كثيرين الآن: أولم يكن في وسع محور (المقاومة)، التصدي؟
والإجابة ببساطة هي: نعم، كان في وسعه، لكن سورية كانت ستصبح أفغانستان ثانية.
إن ما حدث ليس صعبا فحسب، لكنه بمثابة الباب الذي شُرّع، على مرحلة جديدة، وواقع مختلف، ربما يكون ترجمة لكلام نتنياهو عن الشرق الأوسط الجديد، وهذا يجبرنا على الإقرار بأن إسرائيل هي الرابح الوحيد مما جرى، وأن في وسعها الآن ستر عورتها في غزة، ولبنان.
أما بقية الأطراف فيمكنني القول بأن المشهد:
-فيه سورية مختلفة من حيث التوجهات والأولويات، والتي لن تربطها أية علاقات خاصة بإيران، ولن تربطها أية موجة (بحزب الله).
-فيه إيران تخسر أهم حلفائها.. وتنتظر حكما أمريكيا يضعها على رأس استهدافاته.
-فيه روسيا، التي ستضطر إلى اللجوء إلى صيغة جديدة للتعامل مع واقع سوري غير معهود.. ولا أشك أبدا في أن ترامب، سيغريها بموقف في أوكرانيا يخفف عليها خسارتها في سوريا، ويبعدها عن أي تنسيق مع الصين.
– فيه تركيا، المتوجسة من نوايا الأكراد.
– فيه (المقاومة) التي يتحتم عليها أن تحمي ظهرها بنفسها، خاصة وأن أطرافا داخلية لن تفوت فرصة خسارة (المقاومة) لدمشق.
-فيه فلسطين، التي ستكون في عين العاصفة.
-فيه المملكة الأردنية، التي يتوجب عليها أن تواجه مخططا سيحاول الدفع بأهالي الضفة إليها.
-فيه مصر، التي ينبغي عليها أن تدرك أنها ليست في مأمن من شرور المتأسلمين، ومن يدعمهم.
-فيه العراق الذي سيحاول الخصوم إلهائه بتأجيج تناقضاته الداخلية.
والخلاصة: أن الكل خاسر مما حدث في سورية، باستثناء إسرائيل.