حين نعيش التفاهة وسوء تقدير الأشياء والنزوع للشماتة من واقعنا المرير ،حتى لحظة الفرح المنبعثة من عمق الأزمة لم يتركوا لنا المجال للإستمتاع بها ، مسؤولون جاءوا لينغصوا علينا اللحظة اليتيمة بل يعتبرونها ترقية تتسامى مع مقامهم المتعالي ، فلا غرابة أن نشهد كل أساليب الإستخفاف. ولسوء حظ ” الكيدار” فقد جرى تداوله في هذا المقام لتشخيص مفارقات عجيبة ، في اعتقادي المتواضع ،سمعت هذا الإسم الغريب ككلمة قدحية متداولة درجت على ألسن المغاربة لما لها من بلاغة في التعبير فهي تعني معنيين أساسين :المعنى الأول إذا تراجعت لياقة وقوة الركض عند الحصان الجيد ولم يعد يشارك في المعارض والفروسية ،وأصبح يكتفي بجر العربة إلى السوق أوبجلب الماء للدار ، فإن مالكوه ينعثونه ب “الكيدار”. لفقدانه النخوة والوجاهة والفروسية ، يعتبرونها مرحلة إعلان نهاية مسار . المعنى الثاني حين يقولها تشبيها أب في لحظة غضب لم يعد يتمالك فيها نفسه لابنه المتكاسل ،الضخم الجثة الذي أتعبه بكثرة المشاكل وقلة الفائدة فأصبح وجوده وغيابه سيان لايقوم بأي دور إيجابي في البيت سوى إثارة القلاقل فيصيح الأب بأعلى صوته منتقما “مالك الكيدار على لمشاكل ؟ ”
لكن ماالسر في استدعاء هذه اللفظة في هذا الوقت بالذات؟
“الكيدار “هو حصان سباق أصبح عاطلا محتجزا لايركض ليجني من ورائه أصحابه الأرباح ، أصبح في الحجر الصحي، وفي ضعية “شوماج ”
لقد أظهرت المرحلة مدى سفاهة البعض والناس محاصرون في بيوتهم. والمعيشة ضاقت بأهلها وهناك من قتله التسويف وطول انتظار لكي تصرف له المعونة على قلتها ودخل الشهر الثاني دون أن يتوصل بما يسد به رمق عياله لقد أصبح حائرا بين خطاب التلفزة الغارقة في تفاهات تسد الأنفاس وتسائل ذوقنا جميعا والتي تكرر بشكل آلي طرق تيسير العملية وبين صعوبة التنفيذ. يتساءل المهمش متى يأتي الفرج و تصلني الإعانة ؟ فلا من مجيب ،
وعلى ذكر الإعانة والدعم أتساءل عن توقيت الطلب المرفوع من طرف جمعيات ومؤسسات خاصة في هذا الشأن الذي يؤشر على عامل خطير تحركه ذهنية الإنتهازي والذي يعتبر كل المناسبات فرص للغنيمة وللوزيعة. أقلب الأسباب والمبررات التي تدفع لمثل هذه السلوكات المستهجنة والتي تنم عن خبث ومكر مجموعة لايهمها سوى الربح على حساب لغلابة من هذا الوطن. البارحة التعليم الخصوصي يريد التعويض في ظل الإكراهات وتزامنا مع استنفار كل مكونات الشعب واليوم آخرون يريدون أن نعوض ” الكيدار ” بمايعادل تعويض عائلة بأكملها من أربعة أفراد فعلا هي إهانة في المبنى والمعنى والإجراء يكشف مدى خسة البعض وطريقة تفكيره التي ترفع فيها قيمة التعويض ، بعدما تعطل عن العمل في الركض في حلبة السباق ففاق المواطن الغلبان مع كامل الأسف.إن الوثيقة التي تصرح بأن المسؤول عن القطاع سيمنح مبلغ 1250درهما صافية لاغبار عليها لمدة أربعة أشهر يضعنا أمام حقيقة أن “الكيدار” من درجة أولى والبعض منا في درجة ثانية ألم تكن أساميهم أرقى من أسامينا فهناك (Jeanette – Samuel – Black star …) وغيرها من الأسامي لوحدها تخصص لها احتفالات عيد الميلاد وأصلها وفصيلتها مؤرخة بأوراق ومستندات أقوى من هوية بعضنا في هذا الوطن العزيز. حين يبلغ الغضب مداه من خلال نوايا وتصرفات لامسؤولة متدنية لحد لاتعتبر من الأحداث بل تتركها للترويج والإستهلاك وهي ماضية في خططها الجهنمية تتساءل مع نفسك في هذه اللحظة الحرجة هل هؤلاء الساسة الفاقدي الصلاحية يمتلكون إحساسا بقضايا هذا الوطن ؟
تجد نفسك أمام حقيقة مرة أنهم مرتبطون بمصالحهم ومخططاتهم و بعيدين عن نبض الشعب فمانسمعه مجرد شعارات ونفاق سياسي. إذا أردت الوقوف على نواياهم وأهدافهم فابحث عن الطرق والمنهجيات التي أوصلتهم للمناصب ،فلاكفاءة ولاتدبير مشترك ولا مخططات إنما هي محاصصة تدبر بمفهوم الإستفادة ماأمكن من المرحلة دون النظر للباقي ،هكذا اندحرت السياسة للقاع ولم تعد تلك النافذة التي يفتحها السياسي لنرى سويا من خلالها بصيصا من الأمل ولنشتم معا ريح الحرية .بل هناك من يسعى لإحكام إغلاقها حتى لانستفيد منها إلا بترخيص منه للأسف الشديد. ألم يقل ذات يوم صاحب ” الشكارة ” في مهرجان خطابي بالخارج ” المغاربة خصهم إعادة التربية ”
إنها نفس العقلية التي جعلت تعويض “الكيدار ” يفوق تعويض أسرة بأكملها. إنهم بارعون بأوصاف تفوق الخسة و النذالة فمن العبث إنتظار لمسة إجتماعية منهم.
ذ ادريس المغلشي.