إدريس بوطور
( القلم أحد اللسانين ، والعم أحد الأبوين ، والقناعة أحد الرزقين ، وقلة العيال أحد اليسارين ، والهجر أحد الفراقين …) ******** وما زالت اللائحة طويلة على نفس المنوال من مأثور الكلام العربي الهادف . جمل قصيرة معطوفة على بعضها تجمع بين الحكمة وبلاغة اللغة العربية وبيانها . تتكرر كلمة ” أحد” مع صيغة مثنى مضاف إليها ، هذا المثنى يجمع بين الدلالة الحقيقية والمجازية للكلمة . فالقلم أحد اللسانين ، اللسان الاول الحقيقي هو العضو الفزيولوجي ووسيلة الكلام لدى الإنسان ، واللسان الثاني المجازي هو القلم لأنه عندما يكتب فكأنه يتكلم . والعم أحد الأبوين ، الأب الأول الحقيقي البيولوجي ، والأب الثاني المجازي الذي هو العم الذي يقوم مقام الأب . والقناعة أحد الرزقين ، الرزق الأول الحقيقي الذي يكسبه الانسان ماديا ، والرزق الثاني المجازي الذي يكسبه الانسان بالقناعة لأنها تغنيه عن تعب إضافي للكسب . وقلة العيال أحد اليسارين ، اليسار الأول الحقيقي هو الثراء والغنى ، واليسار الثاني المجازي هو قلة الأبناء وبالتالي قلة المصاريف . والهجر أحد الفراقين ، الفراق الأول الحقيقي الدائم ، والفراق الثاني المجازي والذي هو الهجر والابتعاد المؤقت . من خلال هذا النموذج من الجمل العربية المأثورة ، نستشف سحر البيان ، وسهولة الكلام ، ووصوله الى المبتغى والمنشود. فاللغة العربية فاقت العديد من اللغات العالمية في بيانها وبلاغتها وصورها ولوحاتها التعبيرية لأنها ولدت وشبت وترعرعت في الصحراء ، والصحراء هي أفضل مكان طبيعي يتجسد فيه النقاء والصفاء والنظرة البعيدة دون ضفاف أو حدود ** مجمل القول وما أرومه من وراء طرح هذه التدوينة ، هو أن نعمل على تحبيب اللغة العربية لناشئتنا ، وذلك باختيار النصوص الأدبية البيانية المأثورة السهلة البناء ، البعيدة عن غريب الكلام ، ومن خلالها يتم التركيز على صقل ملكة التعبير لديهم لتكوين رصيد بلاغي كفيل بتعزيز قدرتهم على سبر أعماق لغة الضاد واكتشاف مكنوناتها /