ظم مركز التنمية لجهة تانسيفت الدورة 15 لملتقى الثقافة والإبداع – دورة الفقيد المبدع أحمد طليمات- ندوة حول “المثقف المغربي وسؤال التنمية والتحولات المجتمعية” يوم السبت 20 نونبر 2021 على الساعة الرابعة والنصف زوالا بمقر مجلس مدينة مراكش.
وقد شارك في هذه الندوة المفكر المغربي محمد نور الدين أفاية والأستاذ الباحث بجامعة القاضي عياض زكرياء الإبراهيمي، وعمل على تسيير أطوارها الأستاذ سعيد بوبيل.
افتتحت الندوة بكلمة ترحيبية، أشار فيها منسق اللجنة الثقافية بالمركز الأستاذ عادل عبد اللطيف إلى روابط المحبة والصداقة التي جمعت أعضاء المركز بالفقيد طليمات وتوقف عند المجهودات والإسهامات التي كان يقدمها سي أحمد في كل المناسبات الثقافية التي نظمها المركز.
وبعد أن قرأ الأخ حميد منسوم على مسامع الحضور أرضية الندوة، تناول الكلمة الأستاذ أفاية الذي قدم محاضرة تحت عنوان “أسئلة الثقافة والنهضة في مغرب اليوم”، عرض فيها بداية تشخيصا لملامح الوضعية المأساوية للثقافة بالمغرب، مبرزا أن هذه الحالة قد ترتبت عن ثلاثة عوامل: انهيار الجامعة وتقلص أدوارها، واحتواء الثقافي من قبل السياسي والاقتصادي-التقني، إضافة إلى التباس الأدوار. ليتساءل عن المنشود في مغرب اليوم، فهل نسعى كمجتمع إلى النمو الاقتصادي بالرفع من مستويات المِلْكية أم ننشد تحسين شروط الكينونة عبر تحقيق التنمية الإنسانية؟ على ماذا نراهن الإنسان أم على البنية التحتية؟ بعد عرضه لهذه الإشكالية، توقف أفاية عند أساسيات النهضة الثقافية والتي تستدعي فكرا تضامنيا ينبني على تعبئة كل شرائح المجتمع حتى يحصل صقل الوعي المواطناتي القاضي بضرورة التزام الجميع بخدمة الصالح العام؛ ليؤكد أن الثقافة قد شكلت فعلا لدى أمم عديدة الطريق الملكي نحو التنمية والنهضة الإنسانية. وبعد أن قارب نقديا مقولة النموذج التنموي، أشار إلى أن المغرب يعيش حالة مفترق الطرق، خاصة بعد ان اهتزت الصورة الكلاسيكية للمثقف المغربي، حيث ينبغي تجاوز الأحكام المانوية، الحدّية التي تتراوح بين إدانة المثقف والإشادة بإسهاماته، بغية الانخراط في فعل مساءلة إنجازاته وفق قراءة منصفة، لا تبْجيلية ولا تبْخيسية. وختم مداخلته بأن المثقف، على العموم، ظل يمارس مهامه داخل المجتمع، وأنه مطالب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بحشد الهمم من أجل محاربة الفساد البنيوي المستشري في بنيات المجتمع المغربي.
بعد القراءة الفلسفية للوضع الثقافي بالمغرب، قدم الباحث زكرياء الإبراهيمي قراءة سوسيولوجية للثقافة بالمغرب، مشيرا إلى الإشكالات التي تثيرها المسألة الثقافية، وأبرزها جدلية المثقف والخبير. فبعد أن سلط الإبراهيمي الضوء على شروط ميلاد المثقف بالمغرب وما خاضه هذا الأخير من معارك دفاعا على أحقيته في التعبير عن هموم مجتمعه والدفاع عنها، أكد أن المثقف كان دوما صوت المقاومة والممانعة، إذ ظل يزعج السلط بمختلف أصنافها، السياسية والفكرية-الدينية، … ثم توقف بعد ذلك عند أصناف المثقفين-الخبراء، مميزا بين المثقف الخبير العابر والمثقف الخبير الصلب، حيث أن لهذا الأخير من الإمكانيات قد تتيح له الإسهام في إبداع وترجمة فكرة الحداثة في الواقع المغربي الراهن، حيث عرض لنماذج من هؤلاء المثقفين الذين يشتغلون من داخل أجهزة الدولة ويقدمون خبراتهم في مجال الثقافة خدمة لمشروع الدولة.
أعطيت الكلمة بعد ذلك للحضور الكريم، الذي أغنى بتساؤلاته وملاحظاته النقاش، لتختتم فعاليات هذه الندوة في جو ثقافي ممتع.