خاضت الدولة حربا بلا هوادة ضد المعارضين على مدى عقود من الزمن، وكان الاختراق من الأسلحة الأكثر مضاء لبلوغ هدفها المتمثل في هدم التعددية الحقيقية وفرض الاستبداد المخزني، وطوال العقود الماضية صمدت التعددية في وجه الاختراق والقمع الممنهج، لكننا اليوم نعيش حالة غير مسبوقة إلا في الدول البوليسية التي لاتروج عن نفسها خطابا مفارقا لواقع حالها ولممارساتها، حيث حصل تداخل غير مسبوق، وربما حتى في الدول الأكثر رسوخا في الاستبداد، بين البوليسي والحزبي وبين البوليسي والنقابي وبين البوليسي والجمعوي إلى حد أنه اختلطت عليهم وليس علينا “الحلاليف” وصار المشهد العام مشهدا مضحكا يالنسبة لمن ينظر إليه نظرة برانية ومبكيا بالنسبة لمن استثمر عمرا يدافع عن حق الشعب المغربي في العيش في كنف الحرية وحقوق الإنسان ودولة القانون والديمقراطية الحق والتوزيع العادل للثروة.
هكدا تم تحويل عدد من منظمات المجتمع المدني، بالمعنى الشامل للمجتمع المدني الدي يضم الأحزاب والنقابات والجمعيات والمقاولات والتعاونيات….إلخ، إلى أعشاش من المخبرين والمسخرين لخدمة ترسيخ نمط الدولة البوليسية والاستبدادية ولم يعد اختراقها ينحصر في حدود استخدام المخبرين و”الفاكسات” كما كان يسميهم البعض، وصارت الاستراتيجيات الفردية والجماعية داخل هده المنظمات، إلا من رحم ربك، تقوم على أساس الاستجابة للمنبهات البوليسية والاستخباراتية، وصار المجتمع بدون تمثيليات ووساطات تعكس تطلعاته ومطالبه، لأن من يفترض فيهم القيام بهده الأدوار لايولون اهتماما للمجتمع بقدر ما يحرصون على رضى أجهزة يؤلهونها، وليس للأمر علاقة لابمحاربة الإرهاب ولا بقضايا وطنية لاتثير خلافا ولا يمكن أن تثيره في ظروف أخرى.
الدولة البوليسية يترسخ لديها شعور بالقوة و بالقدرة على الاستقواء على تعدديات المجتمع، غير القابلة للتصفية، لكن دلك الشعور المرضي هو الدي يقودها إلى الغرور القاتل الدي تكون نتائجه كارثية دائما، ولنتدكر الأنظمة البوليسية التي وجدت نفسها وجها لوجه مع عملاء انقلبوا عليها ولم يتوفر لها حتى الوقت لفضح عمالتهم وفسادهم المطلق.
البياع والشكام والمخبر والمتملق والجبان لا أخلاق لهم ومن سوء حظ أي بلد أن يصبح هؤلاء سلطة ومن سوء حظ أي دولة أن يمسك هؤلاء بحبالها ويتحكمون في قراراتها. عندما يحصل دلك تكون الكوارث على مرمى البصر,
كلام بدون مناسبة أملته معطيات تجمعت لدي خلال مدة زمنية غير قصيرة.
الله يدينا فالضو
محمد نجيب كومينة / الرباط