* عبد المالك بوغابة
ما قبل الجائحة، عرفت السياحة المغربية عموما، والفنادق خاصة، عام 2019، انتعاشة ملحوظة، فالبلاد استقبلت خلالها 12 مليونا و 932 ألف سائح، قضوا 25 مليون ليلة سياحية، قبل أن تسجل تراجعا 80 في المائة خلال 2020، ولم يتعد عدد السياح بالمملكة 2.8 ملايين سائح سنة 2020، وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة ناقص 78.5 في المائة، مقارنة مع سنة 2019.
منذ يونيو الماضي بدأ التعافي شيئا فشيئا، واستقبلت المملكة خلال شهرين حوالي مليوني سائح، لكن أعاد إغلاق الحدود الأوضاع إلى نقطة الصفر، حيث أن القطاع السياحي، الذي يعد قطاعا حيويا للاقتصاد المغربي ويوفر مناصب شغل كثيرة، تأثر نشاطه بشدة جراء الأزمة الصحية ولا يزال إلى حدود الساعة بسبب استمرار إغلاق الحدود لمواجهة متحور أوميكرون، مما جعل مهنيو السياحة من خلال الكونفدرالية الوطنية للسياحة تطالب الحكومة بتأجيل سداد القروض المصرفية بالنسبة إلى الشركات السياحية والعمال، مع سداد تلك القروض 12 شهرا بعد فتح الأجواء الجوية والبرية وعودة النشاط السياحي، ويقترح بوقف سداد الضرائب المحلية العائدة لعامي 2020 و2021، خاصة الرسم المهني، مع الالتزام بسدادها ستة أشهر بعد رفع القيود أمام السفر، وذلك خلال فترة 48 شهرا من دون غرامات من أجل الخروج من الأزمة بعد الإغلاق الجزئي للأجواء المغربية، ولمواجهة تداعيات جائحة فيروس أميكرون المستجد الذي تضرر به القطاع السياحي خاصة منه: وكالات الأسفار، النقل السياحي، الفنادق، المنتجعات، والإقامة السياحية، المرشدين السياحين، المطاعم المصنفة…،
وفي هذا السياق تأتي المبادرة الحكومية القاضي بإطلاق مخططاً استعجالياً لدعم القطاع السياحي بقيمة 2 مليار درهم. من خلال سلسلة من الإجراءات هدفها:
– ضمان استدامة المقاولات.
– الحفاظ على مناصب الشغل.
– الاسترجاع التدريجي لعافية القطاع.
وخمسة تدابير رئيسية:
1. تمديد صرف 2000 درهم كتعويض جزافي خلال الربع الأول من سنة 2022 لفائدة مستخدمي القطاع السياحي. والنقل
السياحي والمطاعم المصنفة
- تأجيل أداء اشتراكات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لـ 6 أشهر لفائدة المستخدمين.
- تأجيل آجال استحقاق القروض البنكية لمدة قد تصل إلى سنة لفائدة أصحاب الفنادق وشركات النقل السياحي.
- إعفاء أصحاب الفنادق من الضريبة المهنية المستحقة خلال 2020 و 2021 ، وستقوم الدولة بدفعها.
- منح دعم من الدولة لفائدة القطاع الفندقي بمبلغ 1 مليار درهم.
فهذه الإجراءات جاءت كثمرة للقاءات عديدة جمعت الوزيرة الوصية على القطاع فاطمة الزهراء عمور والكونفدرالية الوطنية للسياحة، فضلا عن المشاورات الثنائية بين وزارة المالية والمجموعة المهنية لبنوك المغرب. وهذا ما اعتبروه مهني القطاع بالاجابية.
بالمقابل حتى السياحة الداخلية كذلك جزء من الحل، لكن ليس بأسعار خيالية التي تغضب المغاربة في عز كورونا، ومن أهم هذه القطاعات تأثراً، القطاع السياحي، والذي يتوقع الخبراء أنه يحتاج لوقتٍ ليعاود نشاطه بالطريقة المعتادة لكون الكثيرين لا يثقون بالسفر والسياحة ويحتاجون لبعض الوقت ليتأكدوا من سلامة هذه التجربة. معظم مطارات العالم مغلقة، والعديد منها تسير رحلات محدودة، لذا من أهم الحلول لهذه المرحلة هي تشجيع السياحة الداخلية، ونحن في المغرب لدينا الكثير من المقومات والوجهات الداخلية التي تتطلب تشجيع المواطنين والمقيمين لزيارتها، وبذلك ننشط هذا القطاع ونعيد له بريقه ليكون مستعداً لاستقبال السياح المغاربة، والجيد في الأمر أن في بلادنا الكثير من المرافق والغرف الفندقية التي توفر التباعد الاجتماعي، بل يوجد لدينا غرفٌ فندقيةٌ مستقلةٌ يمكن استغلالها وتشجيع السياحة العائلية. وأن يتم التنسيق لزيارة هذه الأماكن لضمان الإجراءات الصحية التي تتطلبها المرحلة،
تشجيع السياحة الداخلية يتطلب إيجاد باقات سياحة داخلية تتناسب مع مستوى الدخل العام، وأن تتوفر بدرجات متفاوتة تتناسب مع جميع فئات المجتمع، وأن يتم تخفيض الأسعار لتشجيع الحركة في هذا القطاع الهام من اقتصاد الدولة من خلال “سياسة سياحية” تروم تجويد العرض الداخلي وجعله متاح في وجه المغاربة ويراعي قدرتهم الشرائية.
ومن الجيد أيضاً تنوع الوجهات السياحية داخل ترابنا، والتي أجزم أن الكثيرين ممن يقطنون على أرضنا لم يتسن لهم زيارة الكثير من هذه الوجهات لعدم توفر الفرصة أو المال اللازم لخوض هذه التجربة، ولهذا من الأفضل تقديم حلول تشجيعية تساهم في دفع الكثيرين لخوض تجاربنا الفريدة، خصوصاً أن لدينا في المغرب جميع التجارب العالمية، من أماكن ترفيه مغطاة وأخرى مفتوحة، منها الطبيعية ومنها ما هو مصطنع، منها للمغامرات وأخرى للاسترخاء، وهذا يشجع جميع الأذواق على ارتياد
هذه الوجهات ونشجع قطاعنا وسياحتنا.
ولكي يتم تشجيع الناس على السياحة الداخلية المنظمة يجب توفير النقل السياحي والجوي الداخلي من إلى عبر الخطوط الملكية المغربية “RAM”، كما هو الحال في دول العالم بإتاحة الفرصة أمام الناس لشراء تذاكر للوجهات السياحية أو قسائم تسوق للمطاعم والوجهات الترفيهية بأسعار مخفضة ومشجعة وتمكنهم من استخدامها خلال وقت معين وبذلك تشجعهم على شرائها مما يحرك حجم السيولة النقدية لوجهاتنا السياحية، ومثل هذه التجارب ستكون نافعة جداً لقطاعنا السياحي الذي لديه جميع المقومات لإصدار وبيع مثل هذا الأمر، وهذا سوف يتباه القطاعات المعنية بالسياحي لضمان سلامة صحة الزوار والنزلاء، وهذا سيشجع كثيراً على عودة الثقة في السياحة، ومع انتشار هذه التجربة الداخلية يتاح للعالم أن يشاهدها في دولتنا في هذه الأوقات فتكون وجهاتنا الداخلية على قائمة الحجوزات المنتظرة للسياح العالميين، ونكسب معركة الثقة المفقودة بين السائح والسياحة. وستكون مثل هذه الخطوات مشجعة جداً للسياح الذين ينتظرون انتهاء هذه الجائحة.
إن مؤسساتنا الحكومية المتخصصة بتنشيط السياحة لديها الكثير من الفرص والبرامج للنهوض بالقطاع على سبيل المثال “نتلقاو فبلادي” “فيزيت مروكو” الذي أبهر العالم، وسيبقى مبهراً بما يميزه من تنوع وجمالية وخدمة متميزة لا تجدها في أي مكان في العالم، ولهذا من الواجب أن نستغل حالة الركود العالمي لنخطط بأن نكون أولى الوجهات العالمية التي تفتح أبوابها للعالم، وتضمن لهم تجربة استثنائية وآمنة تعالج الخوف الذي يقف عائقاً بين السائح والسياحة في هذه الأوقات العصيبة.
أنا على ثقة بأن دولتنا تمتلك تجارب فريدة، ويجب علينا استغلال تنافسيتنا العالمية التي أكسبتنا فرصاً كثيرة خلال السنوات الماضية لنكون رواداً حتى في الأفكار المشجعة للسياحة مستقبلاً، فنحن بلد الإبهار والازدهار.
*رئيس المنتدى المتوسطي للسياحة بجهة طنجة تطوان