كنا أهل النخوة، كنا أهل الكلمة الطيبة، كنا مجتمعًا متماسكًا، يعين القوي فيه الضعيف، ويأخذ الكبير بيد الصغير، لكن اليوم، أين نحن من كل هذا؟ لماذا تبدّلت القلوب؟ لماذا أصبحنا نتنافر بدل أن نتحاب، ونغرق في النميمة بدل أن نتعاون؟
في السابق، كان الجار يسأل عن جاره، وكان الكبير يُحترم، والصغير يُؤخذ بيده. اليوم، أصبحنا نُكيل لبعضنا التهم بدل النصيحة، نبحث عن زلّات بعضنا بدل أن نستّرها، نُسارع إلى الهجوم بدل أن نصغي ونتفهم. حتى مجرد طرح فكرة أصبح يجرّ الخلاف، وكأن الاختلاف صار عيبًا لا يُغتفر!
لماذا لم نعد نساعد بعضنا؟ أين ذهب ذاك المراكشي الذي كان يتوقف ليساعد مسنًا في حمل قفته، أو ذاك الذي كان يبادر في الملمات قبل أن يُطلب منه؟ أين روح التعاون التي كانت تميزنا؟ لماذا صار كل واحد منا يعيش لنفسه، وكأن الآخر عبء وليس أخًا في المعاش؟
المراكشي لم يكن يومًا قاسي القلب، ولا كان يومًا أنانيًا، لكن شيئًا ما تغيّر.. ربما هو ضغط الحياة، أو ربما نحن من ابتعدنا عن قيمنا الأصلية وتركنا السطحية والتنافس الأجوف يُفسدان علاقاتنا. لكن هل هذا قدرنا؟ هل سنبقى هكذا حتى نفقد ما تبقى من شهامة ونخوة؟
لنعد إلى أصلنا، لنستحضر أخلاق أجدادنا الذين عاشوا بالحب والتسامح والتعاون، وأدركوا أن القوة في الاتحاد، وأن الخير لا يضيع بين الناس. فقد قال الله تعالى: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ” [المائدة: 2].