محمد نجيب كومينة
َبغض النظر عما حصل يوم 8 شتنبر و امس وقبل ذلك في انتخابات الغرف من ممارسات يندى لها الجبين، وبغض النظر ايضا عن كون المسلسل الانتخابي كله سار وفقا لسيناريو بدات معالمه تظهر مند الاعلان عن نتائج الانتخابات السابقة البرلمانية والمحلية وعن نجاح السلطة في تنفيذه بشكل مبهر ، يؤكد ان اساليب البصري كانت بدائية لدى اجراء المقارنة، بغض النظر عن ذلك، يمكن القول، بعد تحليل هادئ للمعطيات المختلفة المحيطة بهذه الانتخابات، ان المزاج الشعبي كان وراء النتائج التي اعطت للثلاثي (التيرسي) المقدمة واغلبية عريضة. الجمهور الذي صوت، والذي لم يصوت ايضا، اراد اخراج الحياة السياسية والمؤسسية من حالة التشويش التي ميزت العشر سنوات الماضية وان يمكن الملك من تدبير دفة الحكم مع اغلبية يرتاح له ويعمل معها في انسجام تام ، ومع وزراء ذوي قدرات تقنية وعملية بدل اسلاميين كانوا فاشلين و مختفين اظهروا عجزا منقطع النظير خلال ازمة كوفيد، يحدوهم الامل في ينتقل قطار المغرب الى السرعة النهائية لمواجهة المشاكل العويصة التي تتخبط فيها البلاد والتي فاقمتها الجائحة. المزاج المغربي في هذه اللحظة، وغيرها ايضا، يميل الى تقوية سلطات الملك و ينتصر للملكية التنفيذية، بل الملكية التقليدية، و لا يهتم بالاصلاحات الدستورية التي حدثت او بتلك التي يركز عليها بغباء سياسي وعقلية مسطرية ونظرية من عزلوا انفسهم في الركن الضيق و استحلوا الجمود وترديد شعارات مكرورة وبعيدة عن الحسابات والممارسات الانتخابية.
هذا المزاج الشعبي لم يات من فراغ، و انما نتج عن البحث عن امل وسط هذا الكم الهائل من المشاكل الاجتماعية الذي يحاصر اغلبية الناس، و خلال السنوات الفائتة تمكنت الدولة من توجيه تواصلها لبيع الامل، مدعمة ذلك ببعض الاوراش التي كانت الحكومة خارج نطاقها اعلاميا، و تم اشراك الثلاثي الفائز بالانتخابات في عملية التسويق في اطار السيناريو سالف الذكر الذي اعتمد على ثلاثة متسابقين لدرء المفاجئات بدل متسابق واحد كما حصل في انتخابات 2016.
الاسلاميون الان خرجوا من باب الخلفي، ليس فقط لان الجمهور عاقبهم على كذبهم وضعفهم و انتهازيتهم او لانه اراد ازاحة عنصر تشويش او غير ذلك، بل وايضا لان الموجة-الموضة انحسرت ويستحيل استحالة مطلقة ان تعود الا اذا حصلت “كسيدة” كبيرة بمضاعفات كبيرة. والخوف اليوم من وقوع هذه “الكسيدة “، لان بروفيلات عدد كبيرمن المنتخبين محليا وجهويا وبرلمانيا لا تبشر بخير.
هناك الكثير من الضالعين في الفساد ومن ذوي السوابق ومن الانتهازيين والملهوطين والاحزاب السياسية المغربية اليوم ذات الطابع الزبوني مليئة بهؤلاء و لم يعد يهمها خط ايديولوجي او اختيار مذهبي او نهج سياسي او واعز اخلاقي، ولذلك راينا كيف نشط الترحال بينها وتبادل المرشحين في سوق راجت فيها اموال ضخمة.