إدريس الأندلسي
قال تبونهم المطيع لأوامرهم إن العلاقات مع المغرب وصلت إلى نقطة ” اللاعودة”. تصريح بليد في زمن يتحكم فيه صعاليك السياسة بوسائل إعلام لا تناقش و لا تتجرأ و لا تتمنى إلا إنهاء لقاء مع رئيس يتقن المونولوج أمام كراكيز يتم ” ترقيصها” عبر خيوط تحمل الوعد و الوعيد. فتكن اللاعودة حلا لعلاقات مع من ألم بهم مرض عضال يصاحبه إسهال خطابي لا دواء له. تبون و رئيسه شنقريحه الذي بلغ من الكبر عتيا لا يتقنان إلا الكلام غير الموزون. المغرب ثم المغرب هو موضوعهم الذي سبب لهم هذيانا مسترسلا .
أن تضيع أموال الشعب الجزاءري، فهذا لا يهمهم. الأمر بدأه الطاغية بومدين و الناكر لما نال من خيرات المغاربة حين كان إسمه بوخروبة. و أستمر الغدر مع كابرانات فرنسا الذين نفذوا الأوامر على أحسن وجه و تمت تصفية المجاهدين من طرف الخونة. و هؤلاء هم من يسيطرون اليوم على البلاد و العباد. راكموا المال الحرام بالمليارات و سيطروا على الصفقات العمومية و تمكنوا من التحكم في أموال سوق المخدرات البترول و الغاز. و لذلك تنافروا و ادخلوا بعضهم البعض إلى السجون بعد محاكمات صورية. و إذا كلمتهم عن طوابير المواطنين للحصول على قارورة غاز في بلد الغاز نكروا الحقيقة و جندوا ابواقهم للتغطية على واقع مرير. و الأمر يهم كذلك و منذ زمان السميد و الزيت و الأسماك و الحليب و لنقل كل شيء.
ينفقون بسخاء للحصول على عمولات في سوق الأسلحة الفاسدة. يقدمون الرشاوي لشراء كل المواقف التي تعادي المغرب و هذا منذ زمن حكم بوخروبة. ” المغرب فوبيا” يعمق عقدتهم النفسية و التي تتأجج حين يطرح المواطن الجزائري سؤال الفرق الكبير بين سوق بلاده و سوق جارها الغربي. هذا الأخير مليء بكل الخيرات و التي تعرف خلال الفترة الأخيرة تزايدا في الأسعار لا تضاهي مستوى التضخم في الجزائر.
ماذا يريد سجين الكابرانات بقصر المرادية. ” اللاعودة ” لا تعني شيئا اخرا غير المواجهة المسلحة . فهل هذا ما يريدونه بدعم من فرنسا و بعض القوى التي تريد أن تشعل شمال أفريقيا كما أشعلت العراق و سوريا و ليبيا و كثيرا من دول أفريقيا. إذا كان هذا قدرا محتوما، فالمغرب قادر على الدفاع عن أراضيه بقوة. و بما أن بلدنا قهر كل من أراد به سوء، فليعلم مرضى ” المغرب فوبيا” أن كيدهم سينفجر في نحرهم. و ليتذكروا امكالا و حكمة الحسن الثاني الذي عفى عن من وجدوا أنفسهم مطوقين و في وضعية من سدت في وجهه أبواب الذكاء العسكري. و لمن يشك في هذه الواقعة أن يرجع إلى الكلام الذي قاله الراحل حسني مبارك عند تكليفه من طرف الراحل أنور السادات. وبينت شهادة حسني مبارك أن الملك الراحل الحسن الثاني ابان عن حكمة عالية و مسؤولية تاريخية. لكن شتان بين تكوين ملك و تكوين كابران.
مشكل الكابران الأكبر و رهينته في قصر المرادية داخلي بامتياز. خسرت الجزائر فرصا كثيرة لكي تصبح قوة اقتصادية و اعتمدت على الضعف الفكري و سهولة الاستيراد و أقفلت باب الإبداع الإقتصادي. كانت النتيجة تدمير للقطاع الفلاحي و قفل للأبواب أمام المقاولين و ترك باب واحد للحصول على موارد مالية من خلال تصدير البترول و الغاز. و توالت فترات الكذب لتنويع الإقتصاد حتى برزت فكرة عبقرية لتصدير أرجل الدجاج.
لكل هذا، لا يمكن شفاء حكام الجزائر الفعليين من ” المغرب فوبيا” إلا الإتجاه الحقيقي لإصلاح الإقتصاد و إقرار حكامة جيدة و ديمقراطية و استغلال لقدرات البلاد في كل القطاعات. المليارات التي تهدر في المعارك الوهمية يجب أن توجه للاقتصاد و تفتح أبواب الأمل أمام شباب الجزائر. قبل أكثر من عقدين من الزمن، قال الملك محمد السادس في خطاب للشعب أنه لا يملك عصا سحرية لتغيير الأوضاع و لكنه ابان أنه يملك إرادة للإصلاح و البناء. مغرب اليوم ورش كبير و حضور في القارة الأفريقية و تصدير للسيارات بنسبة محترمة في معدل الادماج و دخول إلى صناعة الطائرات و كثير من النقد الذاتي للتقدم أكثر. أمامنا طريق طويل للوصول إلى مصاف الدول الصاعدة. بدل التصعيد و الوعيد و التهديد الذي نحن له بالمرصاد، افتحوا أوراش الإصلاحات بالجزائر لكي نلتقي على أرض صلبة لبناء المغرب الكبير.