يشكل الحد من البطالة وتشجيع التشغيل أحد الاهتمامات الرئيسية للسلطات العمومية في بلادنا، حيث إن بلورة سياسة التشغيل يتم تدبيرها وفق منضور مركزي و مقاربة لا تأخذ بعين الاعتبار البعد الترابي و التعامل معه كأداة لتنفيذ الإجراءات والتدابير المحددة في السياسة الوطنية للتشغيل.
وقد أظهرت هذه المقاربة، في الوقت الراهن، محدوديتها لكونها لا تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الترابية وإشراك الفاعلين المحليين و كذا المعطيات الديموغرافية الجهوية و مؤهلات النسيج الاقتصادي للجهة باعتبارها احد الركائز الاساسية لتنفيذ سياسة التشغيل، على أرض الواقع، بالفعالية والنجاعة المطلوبتين.
شكل الخطاب الملكي السامي في 20 غشت 2018 بمناسبة الذكرى الخامسة والستين لثورة الملك والشعب، تحولا محوريا في تدبير ورش التشغيل و التكوين ، حيث أن جلالة الملك اشار “…. وهو ما يدفعنا، في سياق نفس الروح والتوجه، الذي حددناه في خطاب العرش، إلى إثارة الانتباه مجددا، وبكل استعجال، إلى إشكالية تشغيل الشباب، لاسيما في علاقتها بمنظومة التربية والتكوين ”
في هذا الخطاب ، دعا جلالته إلى تنظيم “ملتقى وطني حول التشغيل و التكوين” و تبعا للاجتماع الذي عقد في 29 نوفمبر 2018 بالقصر الملكي بالرباط ، تم إعطاء التعليمات الملكية السامية التالية:
• الأخذ بعين الاعتبار قطاع الفلاحة باعتباره خزانا لفرص الشغل؛
• إدماج البعد الترابي في الأعمال التحضيرية للملتقى الوطني حول التشغيل و التكوين ، مع مراعاة خصوصيات وإمكانيات كل جهة .
و في هذا الصدد، خول دستور 2011 والقانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات لهذه المؤسسات دوراً أساسياً و محوريا في إنعاش التشغيل و التكوين.
وفي هذا السياق ، يندرج تنظيم الملتقى الجهوي حول التكوين و التشغيل على مستوى جهة مراكش- آسفي، والذي يهدف إلى مناقشة وتعميق التفكير حول الرافعات الترابية الممكن تعبئتها لإنعاش فرص التشغيل و التكوين على مستوى الجهة، قصد إدراجها أثناء التحضير للمناظرة الوطنية، من جهة، و إشراك الفاعلين المحليين المعنيين بهذا الموضوع، من جهة أخرى.
إن جهة مراكش – آسفي بحكم موقعها الاستراتيجي ونسيجها الاقتصادي المتميز وأهمية شبكتها الأكاديمية و الجامعية زيادة على حيوية قطاعاتها ودينامية فاعليها الاقتصاديين، توفر اليوم الظروف المواتية لإنجاح المقاربة الترابية و اللا ممركزة لسياسة التشغيل مساهمة منها في انجاح هدا الورش الملكي الطموح.
في إطار التحضير للملتقى الجهوي حول التشغيل و التكوين ، تم تنظيم ورشات تحضيرية بمقر ولاية جهة مراكش – آسفي يومي الاثنين 18 و الثلاثاء 19 فبراير 2019.
هذه الورشات التي حضرها ممثلون عن المجلس الجهوي وجميع المصالح اللاممركزة للدولة وممثلي الغرف المهنية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، كانت فرصة لاستخلاص معطيات من وثائق التخطيط ، خصوصا مخطط التنمية الجهوية ، والاستراتيجيات القطاعية على المستوى الجهوي، وجميع المعطيات المتعلقة بتشجيع التشغيل وتأهيل عروض التكوين المهني.
تم تنظيم هذه الورشات حول أربعة مواضيع تشكل الانشغالات الرئيسية بخصوص مسألة التشغيل والتكوين :
ورشة العمل الأولى: المؤهلات والرأس المال البشري:
تمحور النقاش حول العرض والطلب في مجال التشغيل على مستوى الجهة عبر تقديم مخطط التنمية الجهوي والتدابير التي يوفرها من خلال المشاريع والبرامج التي تروج لها الجهة لتشجيع التشغيل. كما تم داخل هذه الورشة إبراز القطاعات النشيطة بالجهة، وخاصة قطاعات الفلاحة، السياحة ، الصناعة التقليدية، الصناعة و التجارة والصحة.
و قد تمحورت أهم التساؤلات التي أثيرت في هاته الورشة حول :
• تقديم خريطة التشغيل على مستوى الجهة؛
• دور الجهة في انعاش التشغيل؛
• إبراز القطاعات الواعدة بالجهة و التوقعات المستقبلية لمناصب الشغل على مستوى الجهة.
ورشة العمل الثانية: آليات التكوين
في هاته الورشة تم تقديم العرض الحالي للتكوينات على مستوى مؤسسات التكوين المهني، الأكاديمي والجامعي ، العمومي والخاص ، نظراً لأهمية التكوين كوسيلة أساسية للإدماج في سوق الشغل.
و تتطلب هاته العملية انخراط فعال لمختلف الشركاء في وضع برامج تكوين تمكن من الملاءمة بين التكوين ومتطلبات سوق الشغل.
وقد كانت هاته الورشة مناسبة للإجابة على التساؤلات التالية:
• تقييم آلية التكوين الحالي بمختلف أنواعه؟
• التوقعات المستقبلية لأجهزة التكوين على المستوى الجهوي؟
• الدور الذي يجب أن يلعبه القطاع الخاص في نظام التكوين لتلبية احتياجات وتوقعات سوق العمل؟
ورشة العمل 3: السياسات العمومية لدعم التشغيل.
تناولت هذه الورشة مسألة تقييم السياسات العمومية لإنعاش التشغيل وكذلك اقتراح التدابير الجهوية لتحسين نطاق وتأثير سياسات سوق العمل.
مكنت هذه الورشة من الاجابة على التساؤلات التالية:
• أي تقييم لبرامج ومخططات دعم التشغيل؟
• ما هي التدابير الجهوية اللازم تنزيلها من أجل سياسة عمومية رشيدة في مجال التشغيل؟
• ﻣﺎ هﻲ ﺁﻟﻴﺎت اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ والحكامة الملائمة لتنفيذ المقاربة الترابية لانعاش التشغيل؟
ورشة العمل 4: آليات مواكبة وتطويرالحس المقاولاتي
يستخلص من تقييم تجربة آليات المواكبة وتطوير الحس المقاولاتي على صعيد جهة مراكش – آسفي تعدد الفاعلين والبرامج المرتبطة بدعم الحس المقاولاتي لدى الشباب مع عدم التركيز على المواكبة بعد خلق المقاولة.
خصصت ورشة العمل هاته لتقديم تجربة المركز الجهوي للاستثمار في هذا الميدان بالإضافة إلى عرض الخبرات والمبادرات الجهوية التي قامت بها الجهات الفاعلة المشاركة في هذا المجال.
الهدف هو الإجابة عن الأسئلة التالية:
• ما هي آليات التنسيق بين المبادرات المتخذة على المستوى الجهوي لتحسين وتوجيه النظام المقاولاتي ؟
• ما هي التدابير التي ينبغي اتخاذها لضمان فعالية ونجاعة آليات دعم النظام المقاولاتي؟
• ما هو التدبير المؤسساتي لتطوير النظام المقاولاتي؟