عبد الكريم الصادقي شاعر و منشد
في فترة السبعينات بدأ الملحون في تافيلالت في الانحسار بعد موت شيوخ الملحون، وكان هذا الفن يتميز في هذه المنطقة بغياب ما يعرف عن أهل الملحون ب” السرابة، والكباحي، ودقة التعريجة المعمول بها في الوقت الراهن، قبل أن يعمل الشيخ عبد الكريم الصادقي الهيلالي على إدخالها مع بداية الثمانينات.
خلال سنة 1970 انتقل عبد الكريم الصادقي إلى مدينة فاس والتقى بالشاعر والفنان بلعيد السوسي صاحب قصيدة “الفرانة”، حيث ساعده على شراء آلة العود بمبلغ 3500 ريال.
شكلت الفترة الممتدة مابين 1980 و1990 مرحلة ظهور نجم عبد الكريم الصادقي الهيلالي كشاعر لم يبقى محصورا في تافيلالت نظم فيها القصائد التي بلغت أزيد من 50 قصيدة في مختلف المواضيع، والتقى بشعراء ومبدعين آخرين سواء في ملحمة واحة الفرح التي نظمت سنة 1987 والتي التقى خلالها بكبار المخرجين والزجالين وعلى رأسهم المرحوم أحمد الطيب لعلج .
كان لظهور الشيخ عبد الكريم الصادقي في برنامج “سباق المدن” خلال حلقة خصصت بين مدينتي الراشيدية وتارودانت، وهو برنامج كانت تعده التلفزة المغربية آنذاك صيتا كبيرا في أوساط المغاربة وعشاق الملحون، بعدما تعرفوا على صوت عبد الكريم الصادقي الشجي.
امتلك الشيخ عبد الكريم الصادقي حضورا محترما ومتميزا في ساحة شعر الملحون، باعتباره منشدا ذات صوت رخيم وحفاظا، حيث تمكن من إتقان رواية النصوص الشعرية الملحونة ، تم نظرا لضبطه للموازين العروضية والموسيقية التي صيغت وفقها روائع هذا الفن، شارك في مجموعة من المهرجانات الوطنية التي تحتفي بفن الملحون، بكل من فاس وتافيلالت وآسفي وتارودانت وغيرها، قدم في إطارها أعمالا من قصائده التي نظمها في مختلف المواضيع التي تنوعت بين الغزل والمدح والتوسلات والفكاهة.
وخلال ملتقى سجلماسة لفن الملحون بمنطقة تافيلالت، وهو ملتقى سنوي لفن الملحون، تحتضنه كل من الريصاني وأرفود والرشيدية، تنظمه وزارة الثقافة ويروم التعريف بفن الملحون كموروث ثقافي متجذر في الذاكرة المغربية، وإعادة الاعتبار إليه، التقى عبد الكريم الصادقي الهيلالي بفطاحلة شعر وأدب الملحون من منشدين ونظامين من قبيل المرحوم الحاج الحسين التلالي، والمرحوم عبد الله كنون، والمرحوم محمد بنسعيد، حيث أعجبوا بعبد الكريم الصادقي كشاعر وكمنشد .
يؤكد عبد الكريم الصادقي الهيلالي ، أن فن الملحون، الذي مازالَ صامدا في وجه الأنماط الموسيقية الجديدة التي اكتسحت الساحة، بإيقاعاته الفريدة، وأبرزها الحضاري والكباحي، يتميز بقصائده وتناولها لمختلف القضايا والمواضيع.
ويرى الصادقي في هذا الصدد، أن الملحون لازال يحظى بمكانة خاصة لدى الجمهور المغربي، ويحظى أيضا بإقبال الشباب عليه، إذ أن أغلب فرق الملحون بتافيلالت يشكل الشبان عمودها الفقري.
واعتبر الشيخ والشاعر عبد الكريم أن ملتقى سجلماسة لفن الملحون يشكل مناسبة لربط صلة الشباب بفن الملحون، معتبرا أن هذا الفن هو خزينة للمغاربة تضم جزءا كبيرا من تراث البلد، ولن تجد له نظيرا لا في الغرب ولا في الشرق.