1/4 الشيخ عمر بوري الروداني أحد رواد الملحون من عشاق فن الحلقة
يعتبر الحاج عمر بوري بن أحمد بن مبارك الفيلالي أحد شيوخ فن الملحلون بمدينة تارودانت، فيلالي الأصل، مراكشي المولد والنشأة، رجل حنكته التجارب وامتهن فن الملحون وامتلك رصيدا من المعارف والملكات بعد تجربة طويلة مع مجموعة من الحرف التقليدية،وبعد استقراره في مدينة تارودانت مشتغلا بممارسة الفلاحة وتدبير العقار، تعلق بفن الملحون وأنتج في هذا الفن بإبداع، وأتقن مختلف الموازين والطبوع.
من مواليد سنة 1936 بمدينة تارودانت، كان جده المعلم امبارك قد انتقل من منطقة تافيلالت إلى مراكش في القرن الثالث عشر للهجرة، والتحق بالكتاب وتعلم ما تيسر له من كتاب الله ، ليمتهن بعدها عدة حرف تقليدية من الحياكة والخياطة إلى الدباغة والخرازة كما امتهن الجزارة وأتقن عملها لأنها حرفة والده، توارثها عنه أبناؤه.
كان شغوفا بحب المطالعة وفن الملحون، وبعصاميته استفاد من عدة وسائل، فحبه للرياضة منذ طفولته جعله يلتحق بفريق سباق الدراجات بتارودانت في الخمسينات، غير أن هذا الفريق لم يستمر لضعف الإمكانيات مما جعله ينتقل للانخراط في فريق حسنية أكادير للدراجات وتمكن من التألق بعد فوزه في عدة مسابقات.
فتح باب التثقيف الذاتي بكل الوسائل، حيث كان من عشاق فن الحلقة في ساحة أسراك وساحة تالماقلات وسط المدينة العتيقة لتارودانت، يستمع إلى المغنيين وأشياخ الملحون المتجولين وأصحاب الحكايات، فأعجب بما يحكون في مجال الثقافة الشعبية عن سيرة عنتر بن شداد وغيرها من السير، فاشترى كتاب سيرة عنتر بن شداد وكتاب ألف ليلة وليلة وغيرها من كتب التراث، ومن تم صار شغوفا بالمطالعة وكان له أصدقائه فقهاء وحرفيون وفنانون، أمثال الشريف مولاي أحمد القادري المعروف ب”ولد عبد القادر الجيلالي”، شيخ الطريقة القادرية بتارودانت وسي إبراهيم شيبوب، كلما سمع من أحدهم مايتير انتباهه يسأله عن الكتاب والمرجع الذي استفاد منه ذلك فيشتريه ويطالعه.
كان شغوفا بالاستماع إلى الإذاعات الوطنية والدولية على قلتها مثل الإذاعة الوطنية وهيئة الإذاعة البريطانية بلندن وإذاعة القاهرة.
وحسب الشيخ الحاج عمر بوري الروداني، فإنه كان يهوى مثل أقرانه الشباب، مشاهدة الأفلام السينمائية الاستعراضية والفكاهية ويتردد على سينما ” التونسي” القاعة الوحيدة التي كانت تعرض أفلاما مصرية وهندية وأفلام الكوبوي الأمريكية بمدينة تارودانت.
وأضاف الشيخ الحاج بوري أن فن الملحون يستمد قيمته ليس فقط من ألحانه الموسيقية، ولكن أيضا من رصيده الغني الذي لم يتم اكتشافه بعد، ومن التعبير عن ذاكرة تعكس مجتمعا بأكمله، باعتباره مرجعا أصيلا لثقافة شعبية متنوعة، حيث يتعايش الديني والدنيوي والخيالي.