2/4 الحاج عمر بوري الروداني والمقاومة ضد المستعمر
عندما بلغ الحاج عمر بوري الروداني شيخ الملحون سنته العشرين من عمره، حيث وافق ذلك السنة الأولى من حصول المغرب على الاستقلال سنة 1956، قرر الانخراط في العمل السياسي، حيث التحق بحزب الاستقلال وسلمت له بطاقة العضوية رقم 724066، وهو ما قوى عزيمة الشاب عمر الذي ركب المخاطر أيام المقاومة ضد المستعمر وهو في عقده الثاني من العمر مكلف بحمل قفة مقتنيات غذائية للتمويه يدس في ثناياها أخبار وأسرار المقاومة الوطنية بمنطقته إلى المرحومة فاطنة علال لتبلغها بدورها إلى المعتقلين المحكومين بالأشغال الشاقة في بيوت المعمرين أو معتقل القصبة آنذاك.
بعد بلوغه العقد الثالث من عمره، راودته فكرة الهجرة إلى أوروبا، للاشتغال هناك فشجعه عمه فسافر سنة 1962 وحل بفرنسا ثم في بلجيكا، واستقر هناك لمدة خمس سنوات ونصف.
هجرته إلى فرنسا وبلجيكا واشتغاله هناك لمدة من الزمن في عدة خدمات في مجال الصناعة أكسبت عمر بوري مزيدا من التجربة صقلت شخصيته، ليقرر العودة إلى مدينة تارودانت التي استقر بها ممتهنا بعض الأعمال الفلاحية وتدبير العقار، لكونه لم يعجبه الاستمرار في هذه الوضعية اثر أحداث سنة 1967 في الشرق وانعكاسها بأوروبا.
عشق الحاج عمر بوري فن الملحون وكان يشجعه أصدقاؤه ضمنهم كبار السن ممن لهم ولع بالملحون، ويقول : ” كنت شغوفا بحب المطالعة وفن الملحون وكان أصدقائي أمثال الحبيب حجي وبيه بن زكوط وأحمد الأمين وغيرهم يشجعونني على السير قدما على خطى شيخ الأدب الشعبي وقتها أحمد سهوم.
شكل اطلاعه على كتاب “القصيدة ” للأستاذ عباس الجراري البدايات الأولى بالنسبة لعمر بوري لشق طريقه نحو الإبداع وخط أولى ما جادت يه قريحته الشعرية.
وعلى الرغم من أنه يسير في نظمه على ماتعارف عليه شعراء فن الملحون من قواعد وتقاليد، فإن مايلفت النظر في قصائده، حسب الأستاذ عباس الجراري عميد الأدب المغربي، أنه نادرا ما يختمها بتأريخ نظمها، سواء مباشرة أو بحساب الجمل، كما يلفت النظر في أسلوبه بظواهر لاترصد الا عند كبار الأشياخ، كالقول في المحاورات على نحو ما تمثله قصيدته “الطيار والكار”، و”البدوية وبنت لحضر”، وكذا القول في “السرابة ” مستقلة أو مستهلا بها بعض قصائده.