نور الدين الرجراجي من رموز فن الملحون المعاصرين
يعتبر الفنان الشاب نور الدين الرجراجي أحد رموز فن الملحون المعاصرين، الذي يسافر بنا نحو الزمن الجميل، ويأخذنا إلى الحنين للذكريات والأيام الجميلة، من خلال إنشاده لقصائد الملحون، يحمل مشعل هذا الفن التراثي ويمضي به قدما، في زمن كثر فيه صخب الغناء وزخم المغنيين.
اهتمام نور الدين الرجراجي بالملحون، لايتوقف عند محطة البحث في التعامل مع أشهر القصائد وأعرقها، وإنما ينصب أيضا على مواصلة وتجديد العطاء، خصوصا على مستوى الأداء، تتلمذ على يد الشيخ أحمد بن الطاهر أمنزو رحمه الله و الشيخ محمد بوستة من خيرة الشعراء والمنشدين والمتذوقين والحفاظ بالمغرب.
من مواليد 1972 بحي الجزولي بمدينة مراكش، حصل على شهادة الباكالوريا قبل أن يلج سنة 1991 إلى عالم الجزارة وهي الحرفة التي لازال يزاولها الى يومنا هذا، ترعرع وسط عائلة تعشق الفن الأصيل، فكان لذلك تأثير كبيرا على اختياراته منذ طفولته من أجل دخول مجال الغناء والإنشاد.
ولعه وتعلقه بالملحون خصوصا قصائد الغزل المعروفة عند أهل الملحون ب”لعشاق” والقصائد الجفرية التي فيها التنبؤ بالمستقبل كان منذ نعومة أظافره، وذلك عن طريق الاستماع والاستمتاع بقصائد الملحون التي كان جده دائم الاستماع اليها،حيث كان طفلا يافعا شغوفا بحب الملحون، حفظ روائعه في زهرة شبابه قبل أن يصبح منشدا بارعا.
كان عضوا نشيطا في الجمع الأسبوعية التي كانت تنظمها كل من جمعية هواة الملحون وجمعية سبعة رجال لفن الملحون والتراث المغربي، تمت فيها موهبته وقدراته في الانشاد.
شارك في مجموعة من المهرجانات الوطنية التي تحتفي بفن الملحون، بكل من فاس وتافيلالت وآسفي وغيرها، قدم في إطارها أعمالا من ريبرتوار الموسيقى الأصيلة، يتمتع بشخصية حاضرة متوهجة على خشبة الأداء، وهذا شيء هام ويعتبر قيمة مضافة للفنان الشاب الرجراجي في علاقة بالمتلقي حيث يحضر التجاوب، وتسهل عملية التواصل.
لايمكن أن نؤكد على الحضور الوازن للفنان الشاب نور الدين الرجراجي في مجال الإنشاد والإبداع فيه، دون استحضار مجموعة من المقولات الدقيقة والعميقة، والتي تكفي الواحدة منها للإحاطة بموضوع الشعر والإنشاد حيث توجد تلك العلاقة الجدلية الوثيقة والموثـّقة، بين النص الملحوني وإنشاده كما توضحه قاعدة من قواعد الملحون “شيخ الشجية تيولد، وشيخ لكريحة تيربي”.
وقال المنشد الشاب نور الدين الرجراجي، إن الملحون ستظل له خصوصيته على اعتبار أنه يعكس بقوة مجموعة مظاهر اجتماعية وسلوكية، كما أنه يعكس ثقافة شعبية متأصلة، ارتبطت بجلسات “الصنايعية” كما ارتبطت بجلسات الرياض لدى الطبقات الميسورة.
وأضاف الرجراجي أن متعة الملحون في كلامه قبل موسيقاه، هذه الأخيرة تعتبر بمثابة استراحة بالنسبة للمنشد، فالملحون كلامه مسترسل وقصته موحدة، حيث استطاع هذا الفن التراثي أن يؤرخ لأحداث ومواضيع ظلت راسخة وقائمة إلى الآن.