آخر الأخبار

المهراز و الجنوية

بـقـلـم الأديـب الـمـبـدع: إدريس بوطور.
في اطار النبش عن مصادر لغتنا العربية الدارجة وعلاقتها باللغة العربية الفصيحة واللغات الاخرى اقترح اليوم اسمين لأداتين تستعملان كذلك في الحياة اليومية المنزلية وخاصة بالمطبخ وهما ” المهراز ” و ” الجنوي او الجنوية ” ** فالمهراز تعني لدينا تلك الاداة التي كانت امهاتنا تدق وتسحق فيها التوابل الصلبة قبل ان تظهر المطحنات اليدوية ثم بعد ذلك المطحنات الكهربائية ، وأصل الكلمة يرجع الى العربية الفصيحة في كلمة ” المهراس ” (بكسر الميم ) والتي استعملها العرب قديما وقد كانت عبارة عن حجر مجوف منحوت ثقيل الوزن شبيه بحجر الرحى ، تدق فيه الحبوب الصلبة وانتقل صنعه من الحجر الى الخشب حيث اصبح عبارة عن قطعة خشبية اسطوانية مجوفة تدق فيها التوابل الصلبة ، وقد يدق فيها اللحم لتسهيل عملية طهيه وشوائه ، ثم تطور صنعه الى النحاس وهو المتداول حاليا عند بعض النساء ** وكلمة “المهراس’ الفصيحة والتي غيرت فيها الدارجة حرفها الاخير من سين الى زاي مشتقة من الفعل الثلاثي ” هرس ” بفتح الاحرف الثلاثة وتعني دق الشيء وسحقه سحقا قويا** أما كلمة ” الجنوي ” او “الجنوية ” فتعني في الدارجة المغربية ” السكين ” ولا مرجعية لها في اللغة العربية الفصيحة لأنها ترجع في اصل تسميتها من طرف المغاربة بهذا الاسم الى المدينة الايطالية ” جنوة ” gênes او Genova الواقعة شمال غرب ايطاليا وهي مسقط راس المكتشف كريستوف كولومب وهي من اكبر واشهر الموانئ التجارية التاريخية وقد كانت مشتهرة بصنع هذه السكاكين المتطورة انذاك وتصديرها منذ زمن بعيد الى سائر مناكب الارض عبر اسطولها التجاري الاستكشافي حيث وصلت “الجنوية ” الى المغرب بحكم استراتيجية موقعه ومكانته التجارية ** هذه السكاكين الايطالية كانت ذات جودة عالية ولها نصل متين ولكي يميزها المغاربة عن السكاكين التقليدية التي كان يصنعها الحدادون سموها ” جنوي او جنوية ” نسبة الى ” جنوة ” المدينة الايطالية صاحبة الصنع.

المبارك الگنوني

مراكش يوم 5 ماي 2020.