ماوقع في الكركرات، وماكان يمكن ان يتطور الى الاسوا لو لم يتخذ الموقف الحازم في الوقت المناسب وعلى رؤوس الاشهاد، هو ان النظام الجزائري استغل الاغبياء في محاولة لفرض ما سعى اليه تاريخيا وفشل بعزل المغرب عن موريتانيا وعن غرب افريقيا على مستوى البر بتغيير المعطيات التاريخية وتلك الناشئة عن وقف اطلاق النار، وخنقه اقتصاديا وجعل تواصله مع محيطه الافريقي بحريا وحسب وذي كلفة عالية، وفي نفس الوقت جعل موريتانيا تحت الضغط الشديد وتحت رحمة العسكر الجزائري ومليشيات بوليزاريو التي كانت قد ضربت في قلب العاصمة نواكشوط في زمن مضى.
ذلك ان الكمشة التي دفع بها لاغلاق معبر الكركرات وتخريب الطريق ببدائية وكره للحضارة والتقدم قد سخرت لتهيئ الارض و قياس رد الفعل، المغربي اولا والموريتاني ثانيا، قبل جلب فلول الانفصاليين ومعهم عناصر التوجيه والتاطير الجزائرية لفرض الامر الواقع بشكل مستدام مع الاستمرار في الصراخ والتباكي والتشكي من خرق حقوق الانسان وغيرذلك. وقد كان تزامن تحرك تلك الكمشة نحو ممر الكركرات والاعلان عن تاسيس جمعية اميناتو حيدر بالعيون واضح الدلالة على التحضير لما هو اسوا من اكديم ازيك، لكن وكما يقال “اللي فراس الجمل فراس الجمالة”. فقد تركتهم الدولة المغربية يلعبون لعبتهم “البايخة” لتظهر كل النوايا ومراحل اللعبة، وجعلت العالم يراقب ويعرف ويتاكد من الخلفيات ومن المحركين الحقيقيين وغاياتهم الخبيثة وخطر تصرفاتهم غير المحسوبة على المنطقة برمتها، وحتى على انفسهم مادام اي تدهور خطير للوضع الاقليمي سيجعل الجزائر عارية، قبل ان تتدخل بذكاء كبير في اطار عملية امنية وليست عسكرية انهت اللعبة و ان تقوم، وبشكل يحترم الالتزامات مع الامم المتحدة، ببناء جدار يحمي حركة تنقل الشاحنات والسيارات والسلع والاشخاص ويؤمنها بشكل نهائي وبالتالي جعل محركي اللعبة يتكبدون الخسارة، على المدى البعيد، هناك حيث كانوا يعتقدون انهم يتجهون نحو الربح وجعل المغرب محاصرا لاخيار امامه سوى البحر.
وقد كانت خسارتهم متعددة الابعاد، ولعل اكثرها اثرا هو التحول الكبير الذي حصل على مستوى الشارع الموريتاني الذي واجه خلال اسابيع ندرة في عدد من المواد الاستهلاكية وارتفاع اثمانها باضعاف ووعى جيدا ان من اغلقوا معبر الكركرات كانوا يرغبون في ذلك ويسعون اليه، كما وعوا ان المعبر الذي فتحته الجزائر مع موريتانيا بنية ممارسة الضغط على معبر الكركرات لايمكن ان تاتي منه السلع التي يحتاجها المواطن الموريتاني وانما يمكن ان تاتي منه الاخطار المهددة لاستقرار وسيادة هذا البلد الشقيق ولشريانه الاقتصادي الرئيسي. فقد فهم الموريتانيون الابتزاز، وهذا ماعبر عنه العديدون.
هذه ليست مشاكل نظرية او ايديولوجية يمكن ان تناقش كيفما اتفق في حلقات من النوع القديم وانما هي مشاكل لها صلة وثيقة بوجود الوطن وبوجودنا كمواطنين مغاربة وبحسابات المصلحة الوطنية وبالتوازن والسلم الاقليمي، ومن لايحسب للوطن حسابا لانه ايديولوجيا لا يتنازل عما الفه وتعود عليه وترسخ لديه وارتاح له فالوطن لن يابه به.