إدريس الأندلسي
بدأ البناء ينهار تحت أقدام منظري الصهيونية. حاولوا صنع أسطورة الضحية التاريخية لفعل إجرامي وقع في أوروبا و تبنته ايديولوجية عنصرية نازية خلال الحرب العالمية الثانية. و بدل مواجهة المجرم، تواطؤ من يتكلم بإسم الضحية مع المجرم و اتفقوا على الهجوم على ضحايا جدد بعيدا عن أوروبا. قتل آلاف اليهود الفقراء بإسم تطهير عرقي عنصري و ظهر يهود آخرون لينتقموا من شعب لمجرد أنه يسكن أرض فلسطين منذ آلاف السنين. و سخر هؤلاء الغرباء من أوروبا الشرقية أسطورة مفادها كذبة صنعها كتاب الكذب اليهودي و تولدت عنها عقيدة تؤمن بضرورة استعباد كل البشر بعد السيطرة الكاملة على أرض حدودها النهر و البحر. سكنهم الإجرام و أصبحوا يقتلون الأطفال و يقصفون المدارس و المستشفيات و الملاجئ و الحياة البريئة للإنسان و الطير و الحيوان. انهم عنوان الهمجية الإستعمارية في أحلك تعبيراتها.
و هكذا صنعت الإمبريالية الغربية الهمجية و رعتها بكل الوسائل. الصهاينة يقتلون الأطفال بسلاح الغرب الإستعماري. يقتلون و ينسفون المدارس و المستشفيات بقنابل الغرب. يصنعون الكذب و يسيطرون على كل المجالات التي كانت ميدانا لحرية التعبير. و هذا ما اكدته ” شخصيات ” بدون ضمير في منتدى ميدايز بطنجة. حولوا حقدهم إلى سلاح لشرعنة التطهير العرقي في غزة و القطاع. لكن أحرار المغرب الذين كانوا حاضرين واجهوهم بالحقيقة التي تطبع الهمجية الصهيونية. اشترى من يمول هؤلاء الحاقدين كل المنابر الإعلامية بالملايير لكنهم خسروا معركة حقيقة سلوكهم النازي العنصري. الكذب عبر تشويه الحقائق التاريخية و السطو على الجامعات و المنتديات و مراكز البحث العلمي، كان و لا زال مشروعا صهيونيا خضع له الغرب لكي يتم إعدام حق الشعب الفلسطيني على أرضه. و هكذا لم يتورعوا في استهداف منتدى فكري على أرض المغرب التي تتنفس روح فلسطين و الفلسطينيين. و لكن الدمار و العنصرية و الجرائم الصهيونية لا قدرة لها على محو الحقيقة التاريخية و صنع واقع دائم مهما كان الفعل النازي الصهيوني و مهما تواطء الغرب الامبريالي مع الظلام و الظلم العنصري. إلى أمس قريب، كان الغرب صديقا لحكام جنوب افريقيا العنصريين قبل أن يصبحوا أصدقاء لنلسون مانديلا. و هذا ما سينطبق قريبا على فلسطين بفضل نضال أبنائها.
ظلت هذه الكذبة الصهيونية الكبرى وسيلة للضغط على أوروبا و أمريكا و خصوصا على ألمانيا. و هذا الوضع يبين الحرج الكبير الذي يقيد سياسيي بلاد بسمارك و عظماء الفلاسفة و الموسيقيين. ألمانيا ” الديمقراطية ” تحاسب كل من يقول لا لقتل الفلسطينيين و كأنها في معركة تكفير عن أفعال هتلر. و لم يفلت من المحاسبة لا صحافي و لا لاعب كرة قدم. الذعر يسكن بلاد الأنوار الفلسفية و الفنية حتى لتخال يتحرك في قبره بعد أن أصبح العنف الفكري يقيد كل الحركات المؤمنة بقدسية الحرية. و لكن الحقيقة لا تحجبها كل الغيوم و لو كانت مصنوعة بفعل فاعل. الحركة الصهيونية صنعت بفعلها النازي رأيا عاما جديدا في أوروبا و أمريكا. من كان يظن أن الامريكيين أصبحوا يشككون في رئيسهم بايدن و حقيقة ما يقول بنسبة تفوق 90%. الشباب الأمريكي ابان عن وعي كبير داخل نواديه و جامعاته المكلفة مالية و تصدى للدعاية الصهيونية و من يدعمونها بالكذب الإعلامي. و هكذا انقلب السحر على الساحر. لم يعد للتلفزيونات و الجرائد التي سيطرت الأموال الصهيونية عليها قادرة على منافسة الوسائل الحديثة للتواصل. شباب أمريكا و شيبها أناس لهم قيم و لهم شرائع علمتهم أن قتل الأطفال و النساء و الشيوخ حرام و أن استهداف المستشفيات و الملاجئ جريمة ضد الإنسانية و أن ما يتابعونه من جرائم صهيونية ضد مدنيين عزل قمة في التنكر لكل القيم الإنسانية.
الحركة الصهيونية عملت منذ عقود على الإستثمار في صنع جريمة معاداة السامية. حرفت الكتابة التاريخية و تحكمت في الجامعات و المنابر الإعلامية، لكن القتل الجماعي و قصف الملاجئ و المستشفيات و التمثيل بالجثث و نزع ملابس الشيوخ و النساء و العبث بعوراتهم اوقد نور الوعي بهمجية الصهاينة و حقيقة سلوكهم الإجرامي. من سيتكلف بتوصيف الجريمة يا سادة العالم؟ كل إنسان سوي و غير سفاك للدماء سيقول أن عصابة بني صهيون و رئيسها العنصري غير اليهودي ناتنياهو هو من سيكون أول الذين سيحاكمون أمام محاكم العالم أجمع. و سيليه كل مجرمي الحرب من حكومته و حزبه و ملته العنصرية. كل شعوب العالم تحاكمهم لأنهم مجرد مجرمين و مستوطنين و مهجرين لأصحاب الأرض الشرعيين. قد استفادوا من ضعف غرب استعماري و عنصري، لكن عقيدة التحرر هي من تصنع تاريخا و مستقبلا و أملا في إرجاع الحق إلى أصحابه. للجغرافيا و الاثنولوجيا و علوم الاركيولوجيا قواعد تدحض كل أكاذيب الصهيونية. الشرق الأوسط يا مزوري التاريخ سكنه كل أتباع الملل و الديانات و لم يعرف أي أثر لمن سموا أنفسهم يهودا في ظروف تاريخية لا علاقة لها بالأصل. و رغم أصولهم الأوروبية سيطروا على اليهود الأصليين الشرقيين بإسم غربب أشكنازي مصطنع.
ولكن المذابح لا يمكن أن تغطي على الحقيقة التاريخية. غزة و سجنها الكبير و العداء الأكبر إتجاه شعبها عرت على همجية الصهاينة. منذ عقود و شعب فلسطين يتحمل الذل و الاستعباد و العنف. منذ عقود و الغرب يؤسس لمنطق قراءة التاريخ بكل ما يريد عتاة الصهاينة. الأمر يا من قالوا ” أننا كلنا اسراءليون ” و أن أحدهم قال بصريح العبارة أنه لا يسمح لمئات الآلاف من المتظاهرين المغاربة الأحرار أن يعبروا عن معاداتهم للتطبيع. إنه زمن الخيانة ” على عينيك يا بن عدي” . وحدتنا الترابية و الوطنية مقدسة و لا تحتاج لإسرائيل. المسيرة الخضراء يمكن أن تتحول إلى مسيرات حمراء لتدمير كل من أراد بالوطن سوءا. و لكل هذا حق للشعب المغربي أن يغضب و يعاند و يواجه كل المتخاذلين بالرأي و الحكمة و الموقف الوطني الصادق و الوفي للقيم الإنسانية.
الصهاينة يرتكبون الفظاعات و يدفعون كل شعوب العالم إلى الضغط على الحكومات لإدانة الإجرام الصهيوني. يا من يشككون في حركة التاريخ و هم في نشوة زائلة و لحظة وعي زائف، افيقوا من نومكم الممول من مصادر ستفضحكم و بالتفاصيل. شباب الغرب يشارك في مواجهة الصهيونية المجرمة و يبني جبهة ضد الجرائم المقترفة ضد الإنسانية. شباب الغرب كفر بالملذات و قاطع شركات تمول القتل الصهيوني للأطفال. و ها هو الموعد مع التاريخ ينتصب أمام المواطن الحر لكي يبني جبهة معاكسة الصهاينة عبر كل الواجهات. استهلاك سلعة أكلة كانت أو عطرا أو سيارة أو اثاثا منزليا أو لباسا هو دعم لمن يقتلون الأطفال و النساء و الشيوخ في غزة و في جنين و في الخليل و في القدس الشريف. شباب العالم من القارات الخمس لم يعد يخضع للدعاية العنصرية الصهيونية. إنه يعادي الظلم و القتل و الإرادة و التطهير العرقي و لا يعادي جنسا أو دين. و هذا مدخل حقيقي إلى الوعي التاريخي.