م.الرحماني
أسدل الستار عن النسخة الثالثة لمهرجان سلام للتبوريدة والعيطة والتراث اللامادي بجماعة اولاد إملول إقليم الرحامنة، حيث عرفت هذه النسخة ناجحا باهرا بالنظر لقوة التنظيم وإحكامه، وكذا لجودة فقرات هذه التظاهرة الثقافية والفكرية والتراثية المتنوعة د، و ذلك بمركز الجماعة نفسها، تحت شعار : “التراث اللامادي اعتزاز بالهوية وانخراط واع بتحديات المستقبل”.
وكما هو معلوم فإن هذا المجال الترابي المحدود الامكانيات تمكن من التاسيس لفعل ثقافي وفكري وتراثي رائع بالنظر لغنى مضمونه،حيث نظمت بالإضافة إلى طقوس التبوريدة التي حج لها الآلاف المواطنين والمواطنات و من كل فج عميق، للاستمتاع بصوت البارود وصهيل الخيل، حيث شاركت أربعة وعشرون فرقة من الخيلة (24 سربة). حيث تمكنت الجماعة الترابية اولاد إملول الواعدة، المنظمة لهذه النسخة الناجحة من تجويد ظروف الاستقبال بشكل جيد، الشيء الذي لقي استحسانا كبيرا من طرف زوار هذا المهرجان الفتي الذي بدأ يشق طريقه نحو الطابع الوطني بامتياز.
كما عرف هذا الحدث الثقافي عدد مهم من الفقرات المتنوعة والغنية، والتي شملت ندوات ثقافية وفكرية هامة جدا غير مسبوقة من حيث تيمتها الأساسية مثل الندوة الوطنية الأولى من نوعها على المستوى الوطني، و التي انعقدت تحت عنوان : “الجماعات الناشئة والتحول الترابي”، ناقشت بالدراسة و التحليل مقومات الجماعات الترابية الناشئة النمودجية، وضرورة الإبداع الترابي من أجل برامج للتنمية المحلية، دامجة لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص في الولوج الحق في التنمية الاجتماعية و الاقتصادية والثقافية في افق التنمية المستدامة، و ذلك من أجل خلق ذلك التحول الترابي القائم على خلق مجالات ترابية آمنة، دامجة،ولوجة وقادرة على تحدي الصعوبات والاكراهات,وذلك بتأطير خبرات وطنية معروفة في مجال اعداد المخططات الترابية وتتبعها وتقييمها، مثل الدكتور سعيد خمري أستاذ القانون والعلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، ومدير مختبر القانون العام وحقوق الإنسان بكلية الحقوق بالمحمدية.
والأستاذ والخبير الوطني عبد الكبير اجميعي خبير في السياسات العمومية والحكامة الترابية.
كما تم تنظيم في نفس الوقت في إطار فعاليات مهرجان سلام لفن التبوريدة والعيطة والتراث اللامادي، لحظة متميزة للاحتفاء بالابداع المحلي والاقليمي بالرحامنة في شكل احتفالي تمت تسميته ب : “يوم يعرفني واعرفه احتفاء بمبدعي الرحامنة”.ط،الذي نظمته جمعية سلام كأحد مكونات النسيج المدني بتراب هذه الجماعة.
كما تم تنظيم ندوة ثقافية افتتاحية هي الاولى التي أقيمت بمناسبة حفل افتتاح مهرجان سلام للتبوريدة والعيطة والتراث اللامادي، حيث أكدت على أهمية الاحتفاء بالهوية الثقافية وربطها بالتنمية المستدامة، استعرض الباحثون في المجال الذين أطروا اشغالها دور التراث اللامادي في تعزيز الهوية الوطنية و الثقافية. كما أكدوا على الإمكانيات الكبيرة التي يحملها التراث اللامادي في دعم التنمية الشاملة، داعين لحفظ الذاكرة الشفهية بإعتبارها ذاكرة حية و متحركة.
اما بخصوص الشق الرياضي الذي كان له نصيب من هذا الحدث الثقافي الهام باقليم الرحامنة، ندوة أخرى لا تقل أهمية عن باقي فقرات هذا البرنامج المتكامل والمنسج،حول موضوع : “اي دور للرياضة في تنمية المجال”، بتأطير عدد من الفاعلين الرياضيين في التسيير الرياضي، والصحافة الرياضية,مثل الاستاذ بلقاضي الصحفي باذاعة راديو مارس والمحلل الرياضي كذلك، وكذا الاستاذ عبد الاله مروان الكاتب العام لنادي شباب ابن جرير لكرة القدم الذي يمارس في القسم الثاني من النخبة الوطنية الاحترافية لكرة القدم، إضافة إلى الصحفي المتميز الاستاذ عبد الاله شبل، الصحفي بجريدة هسبريس و رئيس نادي هلال سيدي بوعثمان لكرة القدم، ناقشت الأدوار الرائدة للرياضة في التنمية وخاصة بالمجالات القروية التي في أمس الحاجة إلى تأهيلها من حيث البنيات والتجهيزات، لتييسير الولوج المتساو والمتكافئ للجميع إلى مختلف الرياضات اسوة بالمجالات الحضرية.
وفي إطار الاختفاء بالشعر العامي الزجل تم تنظيم لقاء للاحتفاء بتجربة شاعر الزحل المعروف وطنيا وعربيا الاستاذ إدريس بلعطار، إضافي إلى الزجالة فتيحة فتح الإسلام، حيث كان للجمهور موعد مع مقاربة نقدية وأدبية لهاتين التجربين المتفردتين مع باحثين في التراث الأدبي والشعري بالمغرب، حيث تميز هذا الحفل بتفاعل كبير من الجمهور الذي استمتع بالأعمال المقدمة وأبدى إعجابه الكبير بالزجالين بلعطار وفتح الإسلام. وأكد العديد من الحضور أن مثل هذه الفعاليات تسهم في إحياء التراث الأدبي وتعزز التواصل بين الشعراء والجمهور، كما اختتم الحفل بتكريم الزجالين اعترافًا بإسهاماتهما الكبيرة في مجال الزجل حيث وعد منظمو المهرجان بمواصلة تنظيم مثل هذه الفعاليات الثقافية التي تساهم في إثراء المشهد الثقافي في المغرب.
كما تم تنظيم ومعارض وفنون شعبية، بالاضافة طبعا لطقوس التبوريدة، التي نالت إعجاب كل المتتبعين والزوار.
ويهدف مهرجان سلام للتبوريدة والعيطة والتراث اللامادي باولاد إملول اساسا إلى إحياء التراث الثقافي اللامادي لهذا المجال الترابي وكل ربوع بلادنا، وتعزيز الوعي بأهمية المحافظة على هذا التراث الغني والمتنوع، كما انه لحظة من اللحظات القوية للتشاور العمومي حول سبل تطوير هذا المجال التربي الواعد، عبر اشراك مختلف الفاعلين الترابيين الاساسين المدنيين الذين كانت لهم مساهمة متميزة وهامة جدا في نجاح فعاليات هذا المهرجان الفتي في نسخته الثالثة، إضافة إلى إشراك المواطنات والمواطنين المعنيين اساسا بالتجاوب مع مختلف حاجياتهم الأساسية وأولوياتهم/هن، و اولويات مجالهم الترابي الذي يعيشون فيه.
هذا واختتمت فعاليات هذا المهرجان في نسخته الثالثة على ايقاع الطلقة الجماعية الاخيرة التي اختتمت فعاليات هذا المهرجان في أمسية رائعة تزينت فيها جماعة أولاد إملول بألوان الثقافة وألوان التراث اللامادي، كما اختُتم مهرجان سلام للتبوريدة والعيطة والتراث اللامادي في أجواء احتفالية عكست جمال وغنى التراث المغربي، مهرجان سلام الذي حضرته جماهير غفيرة من جميع الاعمار والمناطق ، اجتمعوا كلهم للاحتفاء بتراثهم العريق واستشراف مستقبل يظل فيه هذا التراث حيًا ونابضًا بالحياة، كما كان للسلاميات حضور قوي جدا في لحظة صفاء وطهرانية اعطت لهذا الحدث بعده التراثي الممتد في عمق التاريخ، و التي كانت آخر فقرة من فقرات اختتامه في يومه الرابع. وبذلك أعتبر مهرجان سلام لفن التبوريدة والعيطة والتراث اللامادي، بحق لحظة نجاح قوية وهامة جدا يحتدى بها هذا المجال الترابي، بالنظر لساكنته الطيبة و قوة فعالياته الثقافية النشيطة والمتنوعة المشارب.