آخر الأخبار

النضال الحزبي… حين يسقط القناع عن الوهم الكبير

كثيرة هي الشعارات، قليلة هي المبادئ. هذا هو واقع النضال الحزبي اليوم في المغرب. زمن اختلط فيه الحابل بالنابل، وتحوّل فيه العمل السياسي إلى مطية للمصالح الخاصة، لا فرق بين مناضل دخل السياسة بحثًا عن منفعة، وآخر جرفته موجة الشعارات الفارغة، معتقدًا أنه يصنع التغيير، بينما هو مجرد أداة في يد الكبار الذين يأكلون الثوم، ويجعلون الصغار يدفعون الثمن.

أغلب المناضلين داخل الأحزاب لا يفرّقون بين الاشتراكي والليبرالي، ولا بين اليساري والمحافظ، ولا يعرفون شيئًا عن الأجناس السياسية التي من المفترض أن تُشكل وعيهم وبرامجهم. تسأل أحدهم عن موقع حزبه الإيديولوجي، فيتلعثم أو يكرر ما سمعه في آخر مهرجان خطابي. هذا جهل قاتل، لكنه لم يمنع كثيرين من الترشح، والتصويت، والتفاوض باسم قضايا لا يفهمونها أصلاً.

الأحزاب بدورها لم تعد تربي الأعضاء، بل تستهلكهم. لا تكوين، لا تأطير، لا فكر. فقط سباق نحو الاستحقاقات، ومحاولة لحشد أكبر عدد من “الأنصار” في موسم انتخابي موسمي، وكأن السياسة مجرد عملية تجميع رؤوس، لا بناء وعي ولا مشروع مجتمعي. فكيف ننتظر التغيير من تنظيمات لا تعرف حتى هويتها؟

أما القيادات، فهي في غالبيتها شخصيات “محترفة للصمت”، خبيرة في فن التلون، تعرف متى تُصالح، ومتى تُقايض، ومتى تختبئ وراء لغة الخشب. نضالها الوحيد هو نضال البقاء في الواجهة، حتى وإن كانت واجهة من ورق.

في هذا السياق، أصبح من الطبيعي أن يُصاب الشباب بالعزوف، وأن تفقد الأحزاب مصداقيتها، وأن يتحول النضال من فكرة نبيلة إلى مجرد أداة في لعبة باردة.

النضال الحقيقي ليس تجمعًا في قاعة ولا رفع شعارات مستهلكة. النضال التزام، موقف، ثقافة، ومعرفة. أما حين يغيب كل هذا، فالأحزاب تتحول إلى دكاكين موسمية، والمناضل إلى مجرد رقم في لائحة.