النقيب ابراهيم صادوق المحامي و المبدع والمثقف الوطني وكتابة السيرة الذاتية
( محاولة في النقد الادبي)
وبمثل هذه اللغة الشعرية التي تحمل الكثير من النوايا الأدبية الجميلة، تتوشح سيرة الأستاذ النقيب. نقرأ في الصفحة الثامنة والستين :
“كانت البلاد قد خرجت لتوها من المغامرة الدونكيشوطية للصخيرات والطائرة، وأعلنت مغربة 74 وانطلاق المسلسل الديمقراطي، وزحفت في مسيرة سلمية نحو الصحراء المغربية وأصدرت قانونا انتخابيا جديدا، وانتعش فيها الحقل الفكري والثقافي مع العروي والجابري وسالم يفوت وحميش وبنيس واللعبي وزفزاف والسطاتي وغيرهم…”
الكتاب جدير بالقراءة في مقامات الاحتفاء والاحتفال، إذ شكل مبادرة لامعة في حقل كتابة السيرة الذاتية، وإذا كان ماء الحكي في هذه السيرة يترقرق دافقا، فإن صلبها وترائبها يظلان مفتوحين على احتمالات المعنى وممكنات السرد أو ما سماه هيجل: البرامج السردية. وهذا الانفتاح هو ما يمنح كتاب: في رحاب المحاماة تعددية تحض على القراءات المتعددة من جهات نظر ديمقراطية ومتسامحة. والنظر بعين العدل في هذا النص يبيح الشهادة بتميزه ومتعته وإثارته للدهشة القائمة على المزاوجة بين جماليات المتخيل وعنف الواقعي.
* من الواضح أن سيرة النقيب الذاتية موصولة بخلفية تاريخية كاملة التحديد والتعيين؛ وهي لا تهم فقط التاريخ الشخصي، وإنما تهم بالأحرى التاريخ المجتمعي لمغرب ما بعد الاستقلال، وتحديدا لما تواضع الكثير من الكتابات على تسميته سنوات الجمر والرصاص والغبار. هكذا نقرأ في كتاب النقيب أمورا عن محاكمة مراكش 1971 التي توبع فيها وطنيون من العيار الوازن: محمد الحبيب الفرقاني وعبد الرحمن اليوسفي ومحمد اليازغي وعبد السلام الجبلي والفقيه البصري وعمر دهكون والحسين المانوزي والفقيه الفكيكي… وغيرهم؛ كما نقرأ في سطورها (من ص 96 إلى ص105) محاكمة مجموعة مراكش عشية انتفاضات يناير 1984؛ وهي المحاكمة التي توبع فيها مناضلون وطنيون غيورون على كرامة شعبهم ومنهم: محمد بلبرك و عبد الصمد الطعارجي ومحمد عباد وبنيوب جمال و مولاي رشيد الإدريسي وخالد نارداح ومحمد المصريوي والحراث حسن ومصطفى الحميدي وعبد اللطيف العطروز والشهيد مصطفى بلهواري والشهيد مولاي الطاهر الدريدي وعبد العزيز معيفي وعبد الرزاق النيكر ومحمد اليونسي… وغيرهم، وعددهم ستة وثلاثون، ممن ضمتهم قاعة المحاكمة وهي بالمناسبة نفس القاعة التي جرت فيها أطوار محاكمة 1971.
عبد الجليل بن محمد الأزدي