إدريس الأندلسي
لم يعرف العالم خلال هذا القرن خرقا ارعن للقانون الدولي و لكل الأخلاق المتوافق عالميا و لكل القيم الحضارية و لكل الأعراف التي تقدس الحياة و تحمي الطفل و الشيخ و المرأة و المريض و كل من هو في وضعية هشاشة. منذ الأسبوع الأول من أكتوبر و بعد ردة فعل حركة حماس على عقود من ظلم الشعب الفلسطيني في غزة و القطاع و القدس، أظهرت إسرائيل وجهها الحقيقي البشع، و أظهرت دول أوروبا الإستعمارية عمق سلوكها البعيد عن القيم الحضارية. و أظهرت الولايات المتحدة أنها مجرد بلاد تحكمها الصهيونية و تختار رؤساءها و وزراءها و مسيري أجهزة إعلاميا.
قرأت تعديلا مقترحا من أعضاء في مجلس الشيوخ الفرنسي لتعديل قانون حرية الصحافة بهدف تقديس كل إجرام تقوم به إسرائيل. كل من عارض هذا الإجرام من الإعلاميين أو من كتاب الرأي سيكون مصيره السجن لسنوات و التفقير عبر غرامات بآلاف اليورو. فرنسا أصبحت تنتشي بقدرها المحكوم بقرار الصهاينة. طبقة مشرعي فرنسا و وزراءها توجد رهن إشارة من يقتل الأطفال و يشرد الأسر و تأمر من لا يتفق مع التدمير الصهيوني و التقتيل للآلاف. من ساهم في تغيير ثقافة فرنسا و أدخلها إلى مستنقع العنصرية و اجبرها على قبول جرائم الحرب التي تقترفها عصابات الإجرام الصهيوني. أين غابت باريس الجن و الملائكة كما وصفها طه حسين . كيف سيطر دعاة الهمجية على جنة الفكر و حولوها إلى فرن نازي يقبل بقتل الرضيع و الشاب و الشيخ. العار يلتصق بمجلس الشيوخ و كل من يحملون الفكر الإنساني الحر يبصقون على زناة ليل فرنسا التي أصبحت رهينة نازية جديدة تتزاوج مع صهيونية أصلها أوروبي و لا علاقة له مع اليهودية. الصهيونية مافيا إجرامية أصلها أوروبي و هدفها السيطرة على العالم بعد السيطرة على الشرق الأوسط.
المستشفى الذي كان مقدسا خلال الحروب السابقة عالمية كانت أو إقليمية، أصبح عرضة للقصف و القتل و مقبرة لأشلاء الأطفال و الشيوخ و النساء في غزة العزة. أوروبا البئيسة صامتة خائفة و غانعة للأوامر الصهيونية و الأمريكية. المستشفى يا قادة أوروبا الإستعمارية و خصوصا في ألمانيا و إنجلترا و إيطاليا و فرنسا يساءلكم و يصدر في حق كل مؤسساتكم حكما بالتآمر مع الهمجية الصهيونية. لستم على معرفة بالتاريخ لأنكم استلمتم للجهل بمعطياته الواضحة لديكم. كل من قال الحق في جرائمكم تنعتونه بالمعاداة للسامية يا جهلة. العرب في كل تشكلاتهم الاثنية و خصوصا الامازيغية و المثبتة تاريخيا هم من أبناء ” سام” حسب تاريخ الديانات الشرق اوسطية الأصل. أما الصهيونية و زعماؤها فليس لهم علاقة بالسامية لأنهم صنعوا في أوروبا الشرقية على الخصوص. و لا أظن، بعد كل هذا الدمار، أن الغرب يعرف ما معنى حرمة المدرسة و المستشفى. قد يكتوون بهذا الشر في زمن ما و من طرف من سيولدون و هم يرون آبائهم حفاة عراة من مبادىء الإنسانية النبيلة. الدمار لا يراعي الحدود ولكم في الحروب العالمية المثال الصارخ الذي لم تعيروه الإهتمام بسلوك من يتدبر.
الصهيونية تخاف التاريخ و الوثائق و تكره الأبحاث الاركيولوجية لأن مؤسسيها وجدوا في الديانة اليهودية حلا لمشاكل أوروبا. و هكذا سمع الوزير ” بلفور” للعالم اليهودي الذي اخترع مفرقعات الديناميت. خير ” بلفور هذا العالم في التقرب من الملكة البريطانية فكتوريا أو شيئا آخر. إختار هذا العالم طلب تخصيص موطأ قدم لليهود في فلسطين. طرح بلفور الأمر على الحكومة فقبلت إلا وزيرا كان الوحيد الذي يتدين باليهودية. و هكذا صنع المستعمر ما سيسمى بالقانون الدولي. و هكذا صنعت فرنسا ما سمي بالقانون الدولي الإنساني للتدخل في ليبيا و قبلها في كثير من الدول. و هكذا داست أمريكا على مجلس الأمن و هاجمت العراق.
و في يومنا هذا فضحت حرب غزه الهوية الحقيقية للصهيونية. حتى نتنياهو الصهيوني أصبح يتكلم بإسم التوراة التي كتبها بعض البشر ليحرفوا رسائل المحبة الإلهية. جعلوا من ” يهوه” ذلك الأمر بقتل الأطفال و بإخضاع كل البشر غير اليهود ” لشعب مختار ” يستعبد خلق الله من النيل إلى الفرات. هؤلاء الصهاينة لم يكتفوا بهذا، بل سيطروا على صنع النخب السياسية و الإقتصادية و سخروهم لخدمتهم و كانوا أول عبيدهم. أصبحت الصور البشعة تؤثر في الشعوب و لا تؤثر في قادة أوروبا و أمريكا. وصل الأمر إلى حد تجنيد بعض محبي الصهيونية في بعض البلاد العربية ،بما فيهم المغرب . هؤلاء الذين يخلطون بين حماية وحدة بلادنا و بين حبهم لإسرائيل. هم أحرار في أن يتصهينون و لكنهم حفاة عراة أمام من يربطون أية علاقات ممكنة مع إسرائيل بانتصار الشعب الفلسطيني على من يغتصبون حقه في الأرض و الحياة و الكرامة. و لن أقول لهؤلاء إلا أنهم يشكلون العار في كل أشكاله و أنهم كتبوا بالذل أسماءهم على أرض تقدس فلسطين. نذكرهم أن الحمير يلعبون ادوارا نضالية أكبر من منهم بقرون. فالحمار ينقل الماء و الدواء و المرضى في غزة تحت القصف. أما هم فلن يحملون إلا العار كأوزار طيلة حياتهم التافهة في ما يسمى بالإعلام المتخاذل. مدير عام بعثة الأمم المتحدة لإغاثة الشعب الفلسطيني بكى بحرقة على قصف التلاميذ و رؤساء الجمعيات الحقوقية الدولية يسجلون في تقاريرهم جرائم الحرب الصهيونية ضد الإنسان. كل هذا في الوقت الذي يتغنى فيه شبه صحافي مغربي بحبه لإسرائيل و يرفض شعارا رفعته أصوات الملايين من المغاربة لإيقاف التطبيع مع نظام إسرائيل القاتل للأطفال. تبا لكل مفتخر مجاهر بدفاعه عن من يبيدون شعبا و يغتصبون أرضه و يستحلون عرضه. و الجواب في صمود أبناء و أحفاد و كل رضيع فلسطيني ولد تحت القصف أيها الجبناء.
ولن يطيق الانهزاميون الإعتراف بأن نتنياهو أصبح يتكلم بالتوراة المزورة أو المحرفة التي تبيح، حسب همجية من حرفوها أو صنعوها، القتل و السبي و العبودية و إهانة كل إنسان يوجد بين النيل و الفرات. صحافة العهر لا تشرف المغرب و المغاربة. لا تشرف بلاد الأحرار التي فضل فيها الملك محمد الخامس النفي على الخضوع للمستعمر. هذا الملك المناضل زار بعد رجوعه من المنفى القدس و تراب فلسطين.
ستطول حرب الأحرار ضد الأشرار الذين تدعمهم الولايات المتحدة و جزء من أوروبا بالاقمار الصناعية و السفن الحربية و الصواريخ و الدبابات. الحرب غير متكافئة و لكنها ستعري عن ضعف المعتدي المحتل غير العابئ بكل القيم الكونية الحقوقية. ولمن يستهين بالشعوب فليتذكر أنها انتصرت على من سيطروا لأكثر من قرن من الإستعمار الأوروبي على آسيا و أفريقيا. الهمجية و إستعمال الدين رافقت الإستعمار الذي استهدف الاستيلاء على الأراضي و سرقة الموارد و قتل كل رافض لهيمنته. أيها المغرر بهم من أشباه الصحافيين افيقوا من سباتكم قبل فوات الأوان. الصهيونية تفضح كل من تعامل معها و سلاحها مقيت إتجاه من تحسبهم غير مستجيبين لأوامر بمقابل . أما أحرار غزة، فهم يكتبون انصع سطور تاريخ لمنطقة كانت ضحية مؤامرة كبرى صنعها الإستعمار البريطاني و رعاها الأوروبيون و سلحها الأمريكان و سيحررها الأحرار.