َوكاننا التقينا لكي نودع بعضنا الوداع الاخير. حصل اللقاء قبل فترة قصيرة في مقهى بشارع محمد الخامس بالرباط، وكنت اول من التقاه في اليوم الاول بعد عودته من اوروبا، وكان تجديدا للقاء بعد انقطاع دام مدة طويلة، وكنت المريض، بغير كورونا، الذي يقاوم الالم، بينماكان يبدو في صحة جيدة.
تحدثنا قليلا في السياسة وعن مشاكله مع مشغله السابق ثم انتقلنا الى الحديث عن تافيلالت وعن الحياة والابناء، وافترقنا على امل لقاء قريب بعد عودته من مسقط راسه.
كانت اصابته بالفيروس اللعين بعد ذلك صادمة، ومع ذلك راهنت على مناعته وقدرته على المقاومة، لكن صدمتي كانت اكبر عندما تلقيت خبر وفاته.
جمعتني بحسن السوسي تجارب جعلت علاقتنا لوقت طويل قوية، بدات في مرحلة التهيئ للمؤتمر السادس عشر للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، بعد رفع الحضر، حيث كان يقيم في بيتي بالرباط او في بيت محسن عيوش لدى حلوله بالرباط قادما من فاس، وكان يتوفر على مفتاح البيت، وجمعتني معه كذلك تجربتان اعلاميتان، من خلال جريدة انوال وجريدة الطلبة الديمقراطيين، وتجارب تنظيمية وسياسية وانسانية. في مرحلة جمعنا خلالها حلم بمغرب عادل ومنصف لكل ابنائه وبناته، ووحدنا السعي الى بناء منظمة مشعة وقادرة على فرض وجودها في المشهد السياسي بجهد منا ضليها واستقامتهم ونزاهتهم وقدراتهم الفكرية والمعرفية، اذ كانت منظمة العمل الديمقراطي الشعبي مدرسة انتجت نخبة متميزة طورت ارث 23مارس،
وداعا رفيقنا. رغم اننا افترقنا لزمن طويل، وتواصلنا قليلا، فانني احفظ في ذاكرتي كل الذكريات الجميلة للمرحلة والعواطف النبيلة التي جمعتنا ذات زمن، ولذلك ساورني شعور بانني افتقدت جزء مني. شعرت بالفقدان كما لم اشعر به الا لماما