وجه صلاح الوديع رسالة قوية إلى عزيز أخنوش رئيس الحكومة وأحد الأعضاء السابقين لـ”حركة لكل الديمقراطيين”، التي أسسها فؤاد عالي الهمة، تزامنت مع الظروف الصعبة التي تمر منها البلاد بسبب موجة غلاء الأسعار وارتفاع أسعار المحروقات.
وأكد الوديع في رسالته أن “الظرف صعب، ليس بالنسبة لبلدنا وشعبنا فحسب، ولكن أيضا بالنسبة لجميع شعوب العالم، للأسف، حيث تتضاعف الأزمات وحالات ندرة الموارد التي تنذر بتوترات اجتماعية غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية: أزمة الغذاء، أزمة المناخ، الأزمة الصحية، أزمة الطاقة، الحروب المفتوحة أو الخفية، عودة صعود الحركات الإرهابية، التمردات، الأزمات السياسية..”
وأضاف الوديع، أن تكلفة الطاقة ارتفعت، وخاصة المحروقات، بشكل حاد منذ تحرير القطاع في دجنبر 2015، وفي الآونة الأخيرة، شهدت بلادنا ثلاث زيادات متتالية في شهر واحد فقط، حيث يكاد السعر المعتمد للبنزين الممتاز أن يصل إلى 20 درهما للتر الواحد، الوضع الذي لم يكن بالإمكان تصديقه قبل بضعة أشهر فقط، وقال: “أي رجل سياسة جدير بهذا الاسم يتعين عليه اليوم أن يجعل من ضمن انشغالاته، اتخاذ القرارات التاريخية – إن صح التعبير – التي يمليها الوضع الوطني والدولي، أي القرارات التي تواجه المخاطر غير المسبوقة لجيلنا وجيل أطفالنا، المذكورة أعلاه، وليس الاكتفاء بتدبير الشؤون الجارية كما يفعل أي إطار تنفيذي، أو تكنوقراطي حسب البعض، لا سيما إذا كان عضوا في الحكومة، وأكثر من ذلك، إن كان يترأسها.”
إن المواطنين غاضبون لدرجة عالية أكثر من أي وقت مضى، يقول الوديع، حيث أن إحباطهم بلغ درجة غير مسبوقة، ليس فقط بسبب هذه الزيادات المتتالية في أسعار المحروقات، وإنما لأنهم لا يستسيغون كيف يمكن للشخصية الثانية في الدولة التي من المفترض أن تتبنى مصالحهم وتحميها، وتدافع عنهم، أن تتمادى في ظرفية غير مسبوقة في موقف سلبي يشبه الجشع المنفلت في قطاع حساس واستراتيجي في ذات الآن، ومؤثر للغاية على دخلهم الضئيل.
وحمل الوديع لأخنوش مسؤولية ما يقع، لكونه كان مشاركا في حكومة بن كيران ولم يعترض على القرار الكارثي الرامي إلى تحرير أسعار المحروقات دون ضوابط، قائلا له: “كنت أحد أعضاء هذه الحكومة، والأكثر من ذلك، كنت صانعا أساسيا للسياسات العمومية، لا سيما في إطار وزارة الاقتصاد والمالية والزراعة والصناعة.. كان بإمكانك أن تعترض على ذلك وتدافع عن المعوزين، وتحافظ على تسقيف الأسعار وهوامش ربح المستوردين-الموزعين، وهو أمر عملت على تجنبه بعناية”.
وجاء في رسالة الوديع، أنه في الوقت نفسه، عرفت مصفاة “لاسامير”، التي كانت تؤمن تكرير النفط الخام الذي تحتاجه البلاد، المصير المؤسف الذي آلت إليه اليوم، ولن أسهب في الحديث عن المغامرات والمسؤوليات والجوانب الخفية لهذه القضية الكارثية التي لا تزال في حاجة إلى توضيح. إن الوضع اليوم، بفعل الأزمة الحالية، يضع بلدنا على شفير فقدان سيادته في مجال الطاقة.
وحذر الوديع من التوترات الاجتماعية التي تلوح في الأفق والشعور بالإحباط الذي تغذيه، وتنذر بزيادة درجة انعدام الثقة التي أبرزتها بالفعل اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، ما من شأنه أن يلقي بظلاله في نهاية المطاف على الإنجازات التي شهدها المغرب منذ مجيء الملك محمد السادس، متسائلا: “ما العمل إذن؟”.
وشدد الوديع على ضرورة جعل المصلحة العامة في مقام الأولوية القصوى، والتماسك والتضامن يمكن أن يحمي من الأخطار، لأن الناس البسطاء لا يؤمنون إلا بما يرونه، فهم يدركون بسهولة مدى حقيقة الشجاعة المتوفرة لدى قادتهم في الانخراط والتضحية لتحقيق ذلك، وطالب رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بأن يكون قدوة من خلال تجنب الاتهام بتضارب المصالح والإثراء غير المشروع، داعيا إلى إعادة استعادة شركة “لاسامير” للدور والمهمة اللذين أرادهما لها الملك محمد الخامس وجيل الوطنيين الذين كافحوا لضمان السيادة الطاقية للمملكة في وقت مبكر، و”إلا إن مكانك ليس في الحكومة، وإنما في مكتب رئيس تنفيذي يهتم بأعماله التجارية مثل آخرين وهم كثر”.
وأشار الوديع إلى أن جميع المناضلين في “حركة لكل الديمقراطيين” سوف يستمرون في النضال لإعطاء المعنى الكامل لشعارها الرئيسي: “ممارسة السياسة بشكل مغاير”، والذي يعني اليوم إعادة كامل الإشعاع والفعالية لشركة “لاسامير” وتسقيف أسعار المحروقات وهوامش الربح المرتبطة بها.