حراك الربيع العربي على صعيد كافة الاقطار العربية حمل في رحمه خزان من التناقضات القاتلة التي عطلت دينامية التغيير لجهة بناء الدولة المدنية العلمانية و فتحت آفاقا مظلمة مهدت لظهور حركات الاسلام السياسي الاصولي الذي دخل على خط ما سمي بثورات الربيع العربي لينزع بقوة سلطة تسييرها لتتمكن من التحكم في السلطة و بناء الانظمة الثيو قراطية على مزاجها وفق قوانين الشريعة الاسلامية المعروفة بشراستها في سلخ و ذبح الانسان و نهش لحمه و تهريس عظامه إن هو لم يقم بالطاعة الدينية الواجبة إزاء فقهاء الظلام باعتبارهم قادة جدد وكلوا انفسهم لبناء الدولة الاسلامية بديلا على الدولة التي قامت من اجل بنائها حركات الربيع العربي خصوصا في تونس و مصر.
منذ بدأ التعب يصيب حركات الربيع العربي على مستوى كل قطر، باتت مواجهة الحركات الظلامية تشتد لتأخذ مسارات حكمها قانون المد و الجزر، ففيما نجح اليسار الديمقراطي التونسي في توجيه ضرباته لحركة النهضة الغنوشية و لحلفائها الارهابيين العاملين في الخفاء، قامت في مصر حركة تحالف فيها العسكر مع قوى شعبية لتوجيه ضربة ضد حركة الاخوان المسلمين خارج سياق استراتيجي وطني يحدد الاوليات في بناء دولة ديمقراطية مدنية بعيدة عن قبضة الاستبداد العسكري حتى و إن جاء عن طريق صناديق الانتخابات لان الاستبداد على مستوى سياسي او عسكري سوف يطيل في عمر الاتبداد الديني الذي يجد له مرتكزات قوية في المجتمع المتدين حيث يعتبر مشتلا يغذي به تواجده و يجعله حاضرا في كل مناحي الحياة طالما ان حركة التنوير و التحديث متوقفة عن الفعل و التدبير و الانتشار
في المغرب حصلت مفارقة شبيهة بسوريالية مضحكة عندما صعد نجم الظلامية الى سدة الحكم عن طريق انتخابات تشريعية نسبة التصويت فيها جد هزيلة بعد ان لعب حزب العدالة و التنمية على مناخ الربيع العربي و ظهر في استغلال تكتيكي فج على انه حزب معتدل كما اوحت بذلكذالدوائرذالسياسية الامريكية ما شجع النظام على التعامل معه والقيام بتأهيله لكي يقوم بالدور المحدد له كجهاز إطفاء لشعلة حركة 20 فبراير حتى لا تأخذ مسارا مماثلا لمساري التجربتين في تونس و مصر التي عصفتا برأس نظامهما الاستبداديين، و تواطات نخب بما فيها يساريون مع هذه التجربة البيجيدية الجديدة التي تنهل من معين المرجعية الاخوانية و تروم في المدى البعيد الى العمل على اسلمة ما يمكن اسلمته على مستوى الدولة و المجتمع في سياق هدف يرمي الى تعطيل المشروع الحداثي الديمقراطي.
المصطفى روض