تعيش الوكالة الحضرية بمراكش حالة مخاض غير مفهوم ، نتج عنه ولادة مباراة داخلية لاختيار من يتولى رئاسة مديرية الدراسات ومديرية الشؤون القانونية والعقارية، فيما احتكم لعملية قيصرية لاختيار رئيس لمديرية التدبير الحضري ، اعتمد في اختياره منطق التعيين خارج تغطية أي مباراة تنافسية .
الشخصية التي عينت بالتزكية من المدير العام للوكالة نفسه، لتولي رئاسة مديرية التدبير بكل ما تمثله من أهمية ، باعتبارها قطب الرحى في الحسم بالقبول او الرفض في كل ما يعرض على الوكالة من ملفات ومشاريع عقارية .
خطوة تحمل في طياتها الكثير من الدلالات والمعاني، وتكشف في بعض تفاصيلها عن سياسة” الامر الواقع” المعتمدة في تسيير وتدبير شؤون هذه المؤسسة المعول عليها في المراقبة والتخطيط لقطاع التعمير بالمدينة.
مقاربة لم يكن لها ان تنتج سوى المزيد من التداعيات بالنسبة لاسرة العاملين بهذه الوكالة، انتهت بإجبار رئيسة قسم التدبير الحضري على دفع فاتورة التزامها المهني واحترامها لمقتضيات مساطر التعمير، حين اضطرت تحت ضغط مدير الوكالة إلى تقديم استقالتها احتجاجا على ما يعرفه القطاع من تحايلات تصب في مجملها في خانة” المضاربة والتلاعب”.
رفض المعنية الموافقة على تمرير صفقة لتحريف مسار عقار مخصص لإحداث مرفق عمومي” بناية أمنية” بشارع مولاي عبد الله إلى مشروع خاص، وهو المرفق العمومي المحمي بقوة وضعيته القانونية، علما بان العقار المذكور لا يعدو كونه جزءا صغيرا وبقية باقية من عقار حبسي ظل اهل الحضرة المراكشية يعرفونه ب” جنان الحفيان” ،قبل ان تتناهشه انياب المضاربات وتحرفه عن مساره المخصص له كامتداد لجامعة القاضي عياض.
واقعة اعتبرها المتتبعون مؤشرا يلخص مظاهر الفوضى التي تنخر قطاع التعمير بمراكش، بتواطئ من جميع المصالح المختصة الموكول اليها السهر على تدبير وتسيير المجال، والتي انتهت بإغراق بهجة الجنوب في بحر من الفوضى العمراني ،إن على مستوى زحف البنايات الإسمنية على مجمل الفضاءات والمناطق،في غياب ملحوظ للمجالات الخضراء والمرافق العمومية الضرورية.
وإذا كانت مؤسسة الجماعة الحضرية هي المسؤول الأول عن تدبير القطاع، وإليها يرجع إصدار رخص البناء والتعمير ومراعاة المجال، فإن دخول بعض المنتخبين المتحكمين في دواليب التسيير عالم المضاربة، مع ربطهم لعلاقات عنكبوتية مع جميع المؤسسات المتدخلة في القطاع خاصة الوكالة الحضرية باعتبارها صاحبة الراي الحاسم، قد فتح أبواب الفوضى على مصراعيه، وانتهى بإدخال مراكش متاهة التمدد العمراني العشوائي ، بعيدا عن أي رؤية استراتيجية تحدد الخطوط العريضة لهذا التمدد، وتمنحه مقومات الحكامة .
فالوكالة الحضرية وبدل الإنكباب على وضع وإعداد برامج عمل ناجعة وملائمة تستجيب لحاجيات المجال الجهوي ولانتظارات الساكنة، وبدل مقاربة المسألة التعميرية من منظور جديد يأخذ بعين الإعتبار الإشكاليات والرهانات المطروحة، على المجالات الترابية في كل مستوياتها، توقف كل مجهوداتها على التصحيحات و الملاءمات لحاجة في نفس يعقوب، كما هو الشأن حاليا حيث يتم الانكباب داخل دواليب الوكالة وبشكل استعجالي على اعداد تصميم تهيئة على المقاس لمقاطعة جيليز ، بكل ما تمثله المنطقة من قيمة عقارية . علما بان الانخراط في الإعداد لهذا التصميم يأتي مباشرة بعد توقف آلة لجنة الاستثناءات عن ضخ الحياة وتناسل المزيد من التراخيص المستفزة ، التي أغرقت المدينة في بحر من الفوضى على مستوى قطاع البناء والتعمير، دون ادنى اعتبار او احترام للمجال .
معطيات وحقائق عرت عنها لحظة التقارب التي جمعت عبد الفتاح لبجيوي والي جهة مراكش المعزول بالمدير العام للوكالة الحضرية ،حيث أنتج هذا التقارب تحويل لجنة الإستثناءات إلى أذاة لتمرير ركام من الصفقات المستفزة، وباتت معه اجتماعات اللجنة بمتابة البوابة الرئيسية التي يلج عبرها المضاربون لإضفاء صبغة القانونية على مشاريع مضارباتهم التي اجهزت على كل مقومات الحكامة وترشيد القطاع .