الوليدية، هذه المدينة التي يلقبها أبناؤها بـ “جوهرة المحيط”، والقرية القديمة للصيادين، أصبحت اليوم تشهد إقلاعا اقتصاديا متناميا، في مسار يجمع بين الأصالة والحداثة.
وبفضل مهرجانها السنوي، الذي تحتفي فيه المدينة بثروتها البحرية “المحار”، تعرف الوليدية حركية نشيطة خلال موسم الصيف، لتستقطب بذلك أعدادا مهمة من السياح المغاربة والأجانب.
فهذه المدينة الصغيرة، الواقعة بين الجديدة وآسفي، وعلى بعد 158 كلم من مدينة الدار البيضاء، مدينة بسمعتها السياحية، وإشعاعها على المستويين الوطني والدولي، لمحارها، الذي يعتبر الأفضل في العالم، ولبحيرتها المتفردة بجمالها، والتي تفتن زوارها بهدوئها وروعة مناظرها الطبيعية، التي تشد الأنفاس.
وببحيرة الوليدية، يبقى رشيد داهين، المسؤول عن الإنتاج بمحطة لتربية المحار، الأجدر بالتوجه إليه لمعرفة كل ما يتعلق بهذا المنتوج البحري، فهو الأكثر إلماما بتفاصيل ودقائق المعطيات المتعلقة به.
بالنسبة لداهين، فإن “كل موسم بالوليدية له ألقه الخاص، غير أن موسم الصيف له رونق فريد بالوليدية، موسم تعم فيه أجواء مفعمة بالحيوية والنشاط، لاسيما خلال مهرجان المحار، هذا المنتج البحري الذي صنع إشعاع المدينة”.
وتابع أن البحيرة اكتسبت شهرتها الوطنية والدولية بفضل محطاتها لإنتاج المحار، خاصة المحار الياباني أو (غراسوستريا جيغاس)، موضحا أن هذه البحيرة تضم سبع مزارع محار نشيطة.
وأبرز، أن مدينة الدار البيضاء تعتبر السوق الرئيسي الذي يستقبل نصف ما تنتجه الوليدية من محار، فيما يتم تصريف الباقي بأسواق مختلفة عبر المملكة، خاصة بأكادير والرباط وطنجة، مذكرا بأن زراعة المحار انطلقت بالمدينة بداية خمسينات القرن الماضي، لتصبح اليوم نشاطا حيويا يشغل المئات من الأشخاص بمختلف محطات تربية المحار.
ويشير داهين، الذي راكم خبرة كبيرة في المجال، إلى أنه يتم استيراد أزيد من 24 طنا من صغار المحار من فرنسا، موضحا أنه لمعالجة المحار، جرى إحداث ثلاث وحدات، رخص لها لتقوم بتصفية وتعليب وشحن الصدفيات.
ويمنع منع باتا بيع المحار ما لم يمر عبر تلك الوحدات، ومن أهمها محطة “أوستريا”، التي تتوفر على مختبر خاص بها ومطعم لاستهلاك منتجات البحر.
وبهذا الخصوص، ذكر داهين أن نظام التصفية داخل “أوستريا” يرتكز على تقنيات تشمل استعمال الأشعة ما فوق البنفسجية للقضاء على أي عدوى بكتيرية، أو استخدام الكلور، حيث يتم الاحتفاظ بالصدفيات داخل أحواض خاصة بالتصفية لمدة يومين، يقوم خلالها المحار بالتخلص من كل ما علق به من بكتيريا وفطريات.
وأبرز أنه “بمجرد تنقيته، لا يمكن تسويق المنتجات ولا يمكن بيعها بدون بطاقة صحية” ، مضيفا أن بطاقة التسجيل لدى مديرية الصيد البحري توفر إمكانية تتبع المنتج، وتضمن الحصول على شهادة الطبيب البيطري.
ويمكن حفظ المحار في قبو بارد وجيد التهوية، أو في الخارج بعيدا عن أشعة الشمس، أو أيضا أسفل الثلاجة بحيث تكون درجة الحرارة ما بين 4 و10 درجات لمدة من ثمانية إلى عشرة أيام.
وعن الأهمية الغذائية لهذا المنتج البحري، يبرز الأخصائي في التغذية ع. المعوني أن المحار هو فاكهة جيدة من فواكه البحر، ومفيدة جدا للصحة، نظرا لفوائدها الغذائية الكثيرة، بفضل توفرها على بروتينات متوزانة التركيب، معتبرا أنها تشكل “قنبلة طاقية حقيقية”.
وتابع أن المحار، ورغم افتقاره للألياف، هو من الرخويات الغنية بالبوتاسيوم والمغنيزيوم والفوسفور والكالسيوم والزنك والنحاس والحديد، علاوة على توفره على السلينيوم والأوميغا 3 وفيتامن ب و سي وهـ (e).
وعن تاريخ هذه المدينة الصغيرة، التي تعرف نموا حضريا متناميا مع ما يرافق ذلك من انعكاسات سلبية على البحيرة ومحيطها البيئي، يذكر أستاذ التاريخ عبد الله الجوهري أن الوليدية، آخر ملوك الدولة السعدية، منح اسمه للمدينة “الأكثر تحصنا على مستوى شمال المحيط”، بحيث يمكن بالمنطقة العليا من الوليدية مشاهدة بعض معالم قصبتها التي بنيت في العام 1634، مذكرا بأنه إلى حين احداث اقليم سيدي بنور سنة 2009، كانت المدينة جزء من إقليم الجديدة.