احتفل المغرب على غرار الأسرة الدولية، يوم الأحد، باليوم الدولي للديمقراطية، في وقت ما فتئت المملكة تعمل على ترسيخ أسس الصرح الديمقراطي وتراكم مكاسب هامة تلقى إشادة وتقديرا متواصلين من المجتمع الدولي.
وقد انخرط المغرب منذ عقدين، تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بثبات، في دينامية إصلاحية رائدة تكرس الخيار الديمقراطي وتؤكد عزم المملكة الراسخ على المضي قدما في إضافة لبنات أخرى إلى صرحها الديمقراطي وتوطيد أسس دولة الحق والقانون.
وما فتئ صاحب الجلالة يؤكد على هذه الإرادة وهذا التوجه في العديد من الخطب السامية، حيث شدد جلالته على “أننا لن نقبل بأي تراجع عن المكاسب الديمقراطية”.
وتجسدت هذه الإرادة في جملة من الإصلاحات تشمل، على سبيل المثال لا الحصر، إقرار مدونة الأسرة وإحداث هيئة الإنصاف والمصالحة عام 2004 باعتبارها مبادرة غير مسبوقة على صعيد العالم العربي، واعتماد دستور متقدم سنة 2011 وإصلاح منظومة العدالة (2017)، فضلا عن إجراء مختلف المحطات الانتخابية في جو من الشفافية ووفق معايير الممارسة الديمقراطية السليمة المتعارف عليها دوليا.
ولأن الممارسة الديمقراطية الحقة لا تكتمل أركانها إلا باعتماد مقاربة تشاركية، فقد جاء إقرار القانون رقم 64.14 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم الملتمسات في مجال التشريع، والقانون رقم 44.14 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية، تجسيدا عمليا وفعليا لهذه المقاربة.
وبالإضافة إلى ذلك، بات المغرب أول بلد في المنطقة يعتمد خطة عمل وطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان تشمل 430 إجراء تتوزع على أربعة محاور، هي الديمقراطية والحوكمة، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وحماية الحقوق حسب الفئات، والإطار المؤسسي والقانوني.
ويشكل اليوم الدولي للديمقراطية مناسبة لاستعراض وضعية الممارسة الديمقراطية عبر العالم. وتؤكد الأمم المتحدة أن القيم المتعلقة بالحرية واحترام حقوق الإنسان ومبدأ تنظيم انتخابات دورية نزيهة بالاقتراع العام تمثل عناصر ضرورية للديمقراطية، التي توفر بدورها تلك البيئة الطبيعية اللازمة لحماية حقوق الإنسان وإعمالها بفعالية، وفقا لما نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يكرس مجموعة من حقوق الإنسان والحريات المدنية.
وفي كلمة بهذه المناسبة، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، أن الديمقراطية تقوم في جوهرها على الشمول والمساواة في المعاملة والمشاركة، وهي لبنة أساسية في صرح السلام والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان.
وشدد السيد غوتيريس على أن هذه القيم والتطلعات لا يمكن أن ي نظر إليها على أنها مجرد مسألة صورية أو مجرد كلام، بل يجب أن تكون حقيقة واقعة في حياة الناس.
ولفت الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن اليوم الدولي للديمقراطية يخلد هذه السنة في ظل تدني مستويات الثقة وارتفاع مستوى القلق، وفي وقت ينتاب الناس فيه شعور بالإحباط من جراء تزايد أوجه عدم المساواة، ويشعرون بالاضطراب من جراء التغييرات الكاسحة المترتبة عن العولمة والتكنولوجيا.
وسجل الأمين العام للأمم المتحدة، بهذا الخصوص، أن الناس يشهدون استمرار النزاعات دون أي تسوية، واستمرار حالة الطوارئ المتعلقة بالمناخ دون أي إجابة، واستمرار حالات الظلم دون التصدي لها، وتقلص الحيز المدني، داعيا جميع الحكومات إلى احترام الحق في المشاركة الفعلية والجوهرية والمجدية.
وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد اعتمد، في مارس 2012، قرارا بعنوان “حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون”، حيث أكد من جديد على أن الديمقراطية والتنمية واحترام جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية هي مسائل مترابطة ويعزز بعضها بعضا.
ودعا المجلس الدول إلى بذل جهود متواصلة لتعزيز سيادة القانون وتعزيز الديمقراطية من خلال مجموعة واسعة من التدابير. وبالإضافة إلى هذا القرار، نشرت مفوضية حقوق الإنسان، بتشاور مع الدول والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمجتمع المدني والهيئات الحكومية الدولية ذات الصلة والمنظمات الدولية، دراسة عن التحديات والدروس المستفادة، وأفضل الممارسات في تأمين الديمقراطية وسيادة القانون من منظور حقوق الإنسان.
وفي مارس 2015، اعتمد مجلس حقوق الإنسان القرار 28/14، الذي أنشأ بموجبه منتدى حول حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون، لتوفير منصة لتعزيز الحوار والتعاون بشأن القضايا المتعلقة بهذه المجالات.