جددت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في بيان بمناسبة اليوم العالمي ضد الاختفاء القسري
مطالبتها الدولة بالكشف عن مصير كل المختفين والمختطفين مجهولي المصير،
وبالاعتراف باختصاص اللجنة الأممية المعنية بتلقي وبحث بلاغات الأفراد، أو في النيابة عن أفراد يخضعون لها ولولايتها وفقا للمادة 31 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري
تحيي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إلى جانب الحركة الحقوقية والديمقراطية في العالم، اليوم العالمي ضد الاختفاء القسري 30 غشت، تأكيدا منها على مواصلة النضال من أجل القضاء على هذه الممارسة المشينة؛ نظرا لما تمثله من مس جسيم بحرية الإنسان وحقه في السلامة والأمان، بل وحقه في الحياة أحيانا عديدة، ولما تتركه من آثار تتعدى الضحايا لتشمل أسر هؤلاء الضحايا والمجتمع برمته. وتعد هذه الجريمة، وما يرتبط بها من اختطاف واحتجاز داخل الأماكن السرية وتعذيب، من بين أبشع الجرائم التي تقترفها الأجهزة الأمنية والمخابراتية السرية والعلنية للدول الاستبدادية؛ وذلك بغاية قمع وتصفية النشطاء المعارضين لسياساتها من جهة، وترهيب أفراد المجتمع وتخويفهم من النضال من أجل الديمقراطية وحقهم في ثروات بلدانهم وتقرير مصيرهم السياسي والاقتصادي والثقافي، من جهة أخرى؛ كما ترتكب كذلك من طرف الجماعات المسلحة في عدد من مناطق التوتر عبر العالم.
والمكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهو يستحضر الأهمية الكبرى لهذا الإحياء والاستمرار في النضال من أجل عالم بدون اختفاء قسري، يسجل ويعبر عما يلي:
يــــســـجــــــــــــل:
ــ أن ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وحتى في الحد الذي سمحت به الدولة، لم يطو بعد، رغم انقضاء ما يقارب ثلاث عشرة سنة على انتهاء أشغال هيئة الإنصاف والمصالحة ، وتقديمها التقرير الختامي لعملها في 6 يناير 2006؛ حيث لا زال ملف الاختفاء القسري الذي شكل أحد أهم عناصره مفتوحا؛ إذ لم يتم الكشف عن مصير كافة المختطفين مجهولي المصير، لاسيما الملفات المتعلقة بالكشف عن الحالات التي سمّيت عالقة والذين أبقت هيئة الإنصاف والمصالحة البحث مفتوحا بشأنها؛ ومن بينهم المهدي بن بركة، عبد الحق الرويسي، الحسين المانوزي، وزان قاسم، عبد اللطيف زروال، عبد اللطيف سالم، محمد إسلامي وغيرهم، مع عدم الكشف عن نتائج الحمض النووي التي خضعت لها عائلات ضحايا الاختفاء القسري ومجهولي المصير.
ــ إن ضحايا الاختفاء القسري والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والمجتمع عموما، لازالوا ينتظرون وضع توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة موضع التنفيذ، وأساسا منها تلك المتعلقة بالإصلاحات الدستورية والمؤسساتية والقانونية والتشريعية والإدارية والتربوية، ووضع الاستراتيجية الوطنية لمناهضة الإفلات من العقاب ضمانا لعدم التكرار، والتوصيات المتعلقة بحفظ الذاكرة، والاعتذار الرسمي والعلني للدولة، ووضع أسس دولة الحق والقانون، والمصادقة على البروتوكول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام، وعلى اتفاقية روما حول المحكمة الجنائية الدولية، واستكمال الجبر الحقيقي للأضرار الفردية والجماعية للمناطق التي كانت أكثر عرضة للانتهاكات خلال العقود الماضية، إذ لازال العديد من الضحايا يطالبون بحقهم في جبر الضرر والإدماج الاجتماعي والتسوية المادية والإدارية والاجتماعية لأوضاعهم، ومعالجة الملفات الموضوعة خارج الأجل، وينظمون من أجل ذلك اعتصامات وإضرابات عن الطعام أمام المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
ــ إن الدولة المغربية، التي صادقت على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، في 02 غشت 2012، ونشرتها في الجريدة الرسمية، بتاريخ 27 يوليوز 2013، ملزمة – خلال مدة سنتين من بدأ نفاذ الاتفاقية – بتقديم تقرير حول التدابير التي اتخذتها لتنفيذ التزاماتها حسب المادة 29، وهو ما لم تقم به بعد مضي سبع سنوات على تصديقها على الاتفاقية، وست سنوات على نشرها بالجريدة الرسمية، في اخلال تام بالتزاماتها الدولية في هذا المجال.
يعبــــــــــر عـــــن:
ــ تضامنه المستمر مع عائلات المختطفين مجهولي المصير ودعمه لنضالاتهم من أجل الكشف عن مصير أبنائهم، ومطالبته بالاستجابة لمطالب ضحايا الاختفاء القسري بشكل عادل وشامل، وضمنهم مجموعة معتقل تازمامارت الرهيب؛
ــ مطالبته الدولة المغربية بتحمل مسؤوليتها في تنفيذ توصيات هيئة الانصاف والمصالحة وبوضع حد لسياسة الإفلات من العقاب في الجرائم المتعلقة بالاختفاء القسري ماضيا وحاضرا، بدءا بالعمل على تشكيل آلية وطنية للحقيقة، لمواصلة الكشف عن الحقيقة حول جميع الملفات المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، خاصة حالات الاختفاء القسري، وملاءمة التشريع الجنائي الوطني مع مقتضيات الآليات الدولية المجَرِّمة للاختفاء القسري بإدماج تعريفها وعناصر المسؤولية المتعلقة بها والعقوبات المحددة لمرتكبيها والمشاركين فيها والمتسترين عنها وإحالتهم على العدالة مهما تنوعت درجة مسؤولياتهم، وضمان الحماية للضحايا وأفراد عائلاتهم وللشهود… وغيرها من القواعد التي تتضمنها الاتفاقيات الدولية؛
ــ مطالبته بالعمل على استنفاذ شروط المصادقة على بقية مقتضيات الاتفاقية الدولية حول الاختفاء القسري وعلى الخصوص بالاعتراف باختصاص اللجنة الأممية المعنية بتلقي وبحث بلاغات الأفراد، أو في النيابة عن أفراد يخضعون لها ولولايتها وفقا للمادة 31 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري؛
ــ دعوته المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان بالمغرب، وأساسا منهم هيئة متابعة توصيات المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، للتعبئة العاجلة لعقد المناظرة الوطنية الثانية لتقييم حصيلة تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، ولتدارس عدد من القضايا المرتبطة بمآلها، وبالمهام المطروحة على الحركة الحقوقية المغربية راهنا، وآفاق العمل مستقبلا، خصوصا أمام التطورات التي تعرفها عدد من مناطق البلاد ، والتي تكشف عن مبلغ التراجعات الخطيرة التي تعرفها الحقوق والحريات في بلادنا.
المكتب المركزي الرباط في 30 غشت 2019