المصطفى ايت الحيمر
من الأساتذة الذين بصموا في روحي، الأستاذة حبيبة بن خويي رحمها الله برحمته الواسعة، كانت أما ومربية واستاذة وصديقة .لها الفضل الكثير بعد الله عز وجل في ارجاعي للدراسة بعد انقطاع لشهور،ألحتْ على أسرتي وجعلتْ مني ابناً لها وأكرمتني بالمال واللباس والضيافة في منزلها والجوَلان معها في سيارتها ،كانت رحمها الله المنقذ من الطيش والتمرد ولازالت ذاكرتي تحتفظ لها بموقفها المتمثل في التدخل لإنقادي من الاعتقال والتعرض لعقوبة حبسيةبعد ترؤسي وقيادة إضراب سنة 1972وما أدراك من إضرابات هذه السنة على المستوى الوطني وكنتُ آنذاك أدرس بالمستوى الخامس ابتدائي بمدرسة المشورالإبتدائية التطبيقية.
قال لي المدير سي عبد الرحمان الملاخ على إثر هذا الحدث سوف لن نقدمك للمجلس التأديبي بالمؤسسة بل سوف تُعرض على القضاء لتحاكم مع مضربي الأسلاك الثانويةوكان إلى جانبه مجموعة من معلمي المدرسة.
كان الموقف حرجا وكان الإجماع على قرار المدير .
خرجوا جميعا من الفصل وتدخلتْ المرحومة بن خويي بطلب للمدير بالتراجع عن القرار بناءً على تفوقي الدراسي واجتهادي المتميز ونبوغي في كل المواد وللتذكير فقد حصلتُ على الرتبة الثانية على صعيد إقليم مراكش الذي كان يمتد إلى ورزازات وزكورة وقلعة السراغنة والحوز ووو…في اجتياز امتحان الشهادة الإبتدائية.
رجوعا للحدث تَمَّ عقابي بعدم تدريسي وإشراكي في الدروس شفهيًا وكتابياًلمدة شهور رغم التزامي بالحضور وسمحوا لي باجتياز الامتحان الذي شرفتُ فيه المؤسسة وكان ذلك هو سبب الصلح مع المدير والمدرسين.
بالعودة إلى المرحومة حبيبة بن خويي كانتْ الشموخَ ذاته وكانتْ المعلمة والمربية التي قَلَّ نظيرها ثقافة وبيداغوجيةً أسلوبا وممارسة وكانت أنيقة المظهر جميلة الخلقة والخلق متفانية في عملها لدرجة أنها تضيف ساعات يومية إلى الزمن الرسمي المدرسي كانت تلزمنا بالحضور ساعات قبل الدخول وبعده كانت رحمة الله عليها تُجبرنا على الدراسة أيام العطل بالمؤسسة كانت تتربص بالتلاميذ في حي القصبة ممتطية دراجتها النارية لتراقب المتهورين والعابثين بالوقت والتائهين في أزقة الحي لتجبرهم على العودة إلى منازلهم تحت طائلة التهديد والوعيد…
حبيبة بن خويي تجعل الجميع يهابها من نظراتها وقسمات وجهها وحركاتها المحسوبة والدالة والهادفة.
جيلنا الذي تتلمذ عنها اكتسب مهارات تعبيرية تفوق مستوى المتمدرسين بالثانوي ولازلنا نتفنن في توظيف كل الأساليب والمعجم اللغوي الموروث عنها….
حبيبة بن خويي رحمة الله عليها هرمٌ فريد متفرد من أهرامات التربية في بلدي المغرب!!!
لم تُنصفْ في الدنيا ولم تُكرَّم على نضالها االتربوي.تَوفاها الله في عز شبابها وعطائها أتمنى من أعماق قلبي و من العلي القدير أن يحشرها مع النبيئين والصدقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
للتاريخ شهادة جد مختصرة لن تَفيَ بكل ما يُخالج أعماقي تجاه امرأة مربية بآلاف النساء والرجال المربيات والمربين.
تحية إجلال وتقدير لروحها الطاهرة.