أفاد بيان للجمعية المغربية لحقوق الإنسان ، بمناسبة اليوم الدولي لمحو الأمية، أن منظمة
اليونسكو قررت في دورتها الرابعة عشر وأثناء مؤتمرها العام الذي عقد في 26 أكتوبر 1966 جعل يوم 8 شتنبر من كل سنة يوما دوليا لمحو الأمية بغرض تذكير المجتمع الدولي بأهمية محو الأمية كمسألة تتعلق بالكرامة الإنسانية واحترام حقوق الإنسان، ولتأكيد الحاجة إلى تكثيف الجهود المبذولة نحو الوصول إلى مجتمعات أكثر إلماما بمهارات القراءة والكتابة. وقررت الأمم المتحدة إحياءه هذه السنة تحت عنوان “محو الأمية وتعدد اللغات” للتعبير عن التضامن مع احتفالات 2019 بوصفها السنة الدولية للغات الشعوب الأصلية وكذلك الذكرى السنوية الخامسة والعشرين لانعقاد المؤتمر العالمي المعني بتعليم ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة، والذي شهد اعتماد بيان سلامنكا بشأن التعليم الشامل، إذ تعتبر الأم المتحدة أنه بالرغم مما أحرز من تقدم في مجال محو الأمية، “لازالت تحديات كثيرة ماثلة، وفي نفس الوقت يزداد الطلب على المهارات اللازمة لسوق العمل زيادة سريعة”.
أما في المغرب، حيث لازالت نسبة الأمية تص ، حسب آخر إحصاء عام للسكان سنة 2014، إلى 47,5 % في الوسط القروي و22,6 % في الوسط الحضري، فإن مرور عقود من الزمن على انطلاق أولى برامج محو الأمية في البلاد دون القضاء عليها يبرز مدى غياب الإرادة السياسة لتحقيق هذا الهدف الذي تمكنت العديد من الدول تحقيقه في بضع سنوات. فلم ينزل معدل الأمية لدى الساكنة البالغ عمرها 10 سنوات فما فوق عن 32 % بعد ما يقرب من 60 سنة من تنفيذ الاستراتيجيات الوطنية المتتالية لمحو الأمية مما يشكل فشلا ذريعا في هذا المجال ويجعل المغرب أكثر تخلفا من بلدان تعرف الاحتلال كفلسطين وأخرى عرفت الحروب الأهلية وغيرها من الصعوبات وتمكنت من تجاوزها والقضاء بشكل تام على الأمية.
وتتعرض النساء بشكل أقوى لانتهاك حقوقهن بسبب النسبة المرتفعة للأمية وسطهن حيت يصل مستوى الأمية في صفوفهن إلى 42.1 % مقابل 22.2. في صفوف الذكور. و تشكل النساء الأميات 66 % من المخزون الإجمالي للأمية بالمغرب مقابل 34 % لدى الذكور حسب نفس المرجع.
إن المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهو يخلد اليوم العالمي لمحو الأمية، وينخرط في شعاره لهذه السنة “محو الأمية وتعدد اللغات”، فإنه:
ــ يعتبر أن الإلمام بالقراءة والكتابة من الحقوق الأساسية للإنسان، وهو ما تؤكده الأمم المتحدة باعتمادها أهداف التنمية المستدامة وجعلها فرصة لتجديد الدول لالتزامها بالنهوض بمحو الأمية كشرط لتوفير حياة كريمة للجميع.
ــ يعتبر استمرار الأمية بنسبة مرتفعة وسط المجتمع المغربي انتهاك سافر لكرامة من يعاني منها من المواطنين والمواطنات ومعيق أساسي لتمتعهم بكافة حقوق الإنسان، معتبرا أن معرفة القراءة والكتابة عنصر أساسي في الحق في المشاركة الفعالة في التنمية المستدامة.
ــ يذكر بموقفه الرافض للقانون رقم 26-16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية الذي يعيق، إلى جانب سياسات الدولة في مجالات أخرى كالتعليم والثقافة، تحقيق شعار ربط محو الأمية باللغات الذي اختير شعارا لهذه السنة، لما يشكله هذا القانون من معيق لتفعيل حقيقي للطابع الرسمي للغة الأمازيغية وبالتالي يشكل تمييزا اتجاهها واتجاه الناطقين بها.
ــ يستنكر غياب الإرادة السياسية لدى الدولة للقضاء على الأمية ما دام قانون الإطار للتربية والتعليم المصادق عليه من طرف البرلمان مؤخرا يهدف فقط إلى التنقيص من نسبتها في العشر سنوات المقبلة وليس القضاء عليها.
ــ يعتبر ان خلق الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية التي أعلنت عنها الحكومة في برنامجها سنة 2007 ولم تستكمل هياكلها إلا سنة 2017، إحدى أوجه الفشل التام لاستراتيجيات الدولة في مجال محاربة الأمية بعد أن تخلت الدولة عن مسؤوليتها في هذا المجال المحوري ووضعتها على عاتق المجتمع المدني في غياب شراكة حقيقية وفعالة.
ــ يعتبر أن السياسات الرسمية في مجال التربية والتعليم تتناقض مع ما يستدعيه تحقيق القضاء على الأمية بسبب الإجهاز على المدرسة العمومية وفشل مختلف المخططات التعليمية التي وضعتها الدولة منذ اعتماد برامج التقويم الهيكلي والتخلي عن الخدمات العمومية وتشجيع القطاع الخاص.
ـ يسجل باستياء النسب المرتفعة للهدر المدرسي الذي يشكل عاملا أساسيا لاستمرار انتشار الأمية في مختلف مناطق المغرب، لما يلتحق الأطفال بعد مغادرتهم صفوف الدراسة إلى صفوف الأميين في المجتمع.
ــ يستنكر الفساد الإداري والمالي الذي يعد إحدى الأسباب الرئيسية لفشل كل المخططات التعليمية في افلات تام من العقاب للمتورطين في ملفات الفساد والرشوة ونهب المال العام.
ــ يطالب الدولة بوضع كل الإمكانيات الضرورية لوضع مخططات حقيقية للقضاء على الأمية تستجيب لالتزاماتها في مجال أهداف التنمية وجعل تفعيل هذه الأخيرة فرصة لمراجعة كافة السياسات المتبعة في مجال محو الأمية.
ــ يدعو كافة القوى الديمقراطية إلى تكثيف الجهود من أجل سياسة تعليمية وثقافية وإعلامية تحترم التعدد اللغوي والثقافي للشعب المغربي ــ نظرا لضرورة اعتماد اللغات الأصلية في التعليم وفي برامج محو الأمية ــ وتمكين اللغة الأمازيغية من أن تحتل المكانة التي تستحقها كإحدى الشروط الأساسية لنجاح أي استراتيجيات لمحو الأمية في بلادنا.
ــ يعتبر أن اعتماد مقاربة النوع الاجتماعي في السياسات العمومية في مجال محو الأمية ضرورة قصوى لجعل حد لما تتعرض له النساء بشكل أقوى من انتشار للأمية وسطهن وما ينتج عنه من تمييز وحرمان من الحق في المشاركة.
عن المكتب المركزي
الرباط في 8 شتنبر 2019