أفاد بيان الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن الحركة الحقوقية والديمقراطية التقدمية، تحيي اليوم الوطني للمرأة المناضلة، يوم 11 دجنبر 2022، تخليدا ووفاء لذكرى استشهاد المناضلة سعيدة المنبهي، التي اعتقلت بتاريخ 16 يناير 1976، عقب حملة اعتقالات واسعة في صفوف مناضلي اليسار والقوى التقدمية بالمغرب، تلتها محاكمات صورية صدرت على إثرها أحكام قاسية في حق المعتقلات والمعتقلين؛ حيث حكم على الشهيدة، في يناير 1977، ب 5 سنوات سجنا نافذا بتهمة المس بـأمن الدولة، أضيفت لها، بمعية رفاقها، سنتان بتهمة المس بهيبة القضاء. وفي السجن خاضت سعيدة مع رفاقها المعتقلين السياسيين إضرابا لا محدودا عن الطعام، من أجل الاعتراف لهم بصفة المعتقلين السياسيين وتحسين ظروف الاعتقال؛ وهو الإضراب الذي واصلته بصمود بطولي إلى أن استشهدت بعد 35 يوما، بتاريخ 11 دجنبر 1977، وعمرها حينذاك لا يتعدى 25 سنة؛ فصارت بذلك رمزا للحركة النسائية المناضلة، وملهمة لجيل من النساء المغربيات التواقات للتحرر والانعتاق من نير الاستغلال المزدوج والعنف المركب.
وقال البيان، إن إحياء الذكرى 45 لاستشهاد المناضلة سعيدة المنبهي، هو استحضار لمسار نضالي متعدد الجبهات يتداخل فيه البعد السياسي والنقابي بالبعد النسائي والإنساني والإبداعي، مع ما يحمله من دلالات على قدرة المرأة المغربية المناضلة على الدمج الخلاق، ليس فقط بين الكفاح ضد الاضطهاد الجنسي والاستبداد السياسي والاستغلال الاقتصادي، والعمل من أجل إرساء أسس مجتمع المساواة والديمقراطية وحقوق الإنسان للجميع؛ بل وأيضا بين ما هو وطني وما هو كوني وإنساني، حيث يشهد لها بأنها كانت مؤمنة بقوة بالقضية الفلسطينية وبكل قضايا التحرر العادلة؛ مما جعل منها بحق شهيدة الحركة التقدمية بمختلف مواقع فعلها النضالي وشهيدة للشعب المغربي عموما.
وهكذا، فإن الحركة الحقوقية والديمقراطية، – يضيف البيان – وهي تخلد هذه المناسبة الوطنية تؤكد بأن القضايا التي ناضلت من أجلها الشهيدة سعيدة المنبهي ومعها كل الشهداء والمناضلين الشرفاء، لا زالت مطروحة، سواء على صعيد حقوق الإنسان بوجه عام، أو على مستوى حقوق المرأة بشكل خاص؛ إذ لا زالت الدولة المغربية لا تتورع عن ارتكاب المزيد من الانتهاكات لحقوق الإنسان المدنية والسياسية كما الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية. هذه الانتهاكات التي وإن طالت جميع الفئات الاجتماعية ومست كل المناطق، فإن تداعياتها أشد وطأة على النساء بالنظر للتمييز ضدهن ولهشاشة وضعهن؛ الأمر الذي أدى إلى اندلاع حركات احتجاجية مطالبة بالحق في السكن اللائق، والتعليم، والشغل والعلاج، والحق في التنمية، والحق في الأرض… وكان من الطبيعي أن تشهد هذه الحركات الاحتجاجية مشاركة قوية ووازنة للنساء وخاصة في البوادي وأحزمة الفقر في المدن الكبرى؛ حيث يعانين العزلة والفقر والتهميش، مما شكل تهديدا حقيقيا لحقهن في الحياة جراء الحرمان من كل مقومات وضرورات العيش الكريم. أما على مستوى الحقوق المدنية للمرأة، فالسياسات التشريعية للدولة في مجال حقوق المرأة لا زالت، في مجملها، – يؤكد البيان – محكومة بثقافة اللامساواة والتمييز. فالمقتضيات الدستورية ذات الصلة بسمو المواثيق الدولية وبالمساواة بين الجنسين، تنسخها عبارات الثوابت الوطنية للدولة وقوانينها، وبالتالي تعري عن غياب أية إرادة حقيقية لإرساء ضمانات قوية للقضاء على التمييز، الشيء الذي ستظهر آثاره الواضحة على مجمل القوانين من قبيل مدونة الأسرة، وقانون محاربة العنف ضد المرأة 13-103، والقانون الجنائي، وقانون المسطرة الجنائية، والتي تشكل اليوم محاور أساسية في أجندة الحركة النسائية الديمقراطية والحركة الحقوقية وكل القوى المؤمنة بالمساواة.
وبناء على ما سبق، فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهي تقف وقفة إجلال لروح الشهيدة سعيدة المنبهي وكافة شهيدات وشهداء الشعب المغربي:
– تذكر الدولة المغربية بمسؤوليتها عن استشهاد المناضلة سعيدة المنبهي، وغيرها من شهداء الشعب المغربي وتجدد مطالبتها بمحاسبة المسؤولين وجبر الضرر الفردي والجماعي وضمان عدم التكرار؛
– تشيد بتصدر النساء لكل الحراكات الاحتجاجية بشجاعة عالية خصوصا خلال الجائحة، وتحيي عاليا المحتجات الباسلات اللواتي خضن معارك الكرامة، ضد فرض جواز التلقيح والغلاء، وضد القمع والتضييق والتمييز ومن أجل الشغل والصحة والتعليم والمساواة، وكل الحقوق الإنسانية للنساء؛
– تحيّي النساء المناضلات في مختلف مواقعهن، وعموم النساء المكافحات من أجل الحق في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة والتنمية والعيش الكريم؛
– تشيد بصمود أمهات وزوجات وأخوات المعتقلين السياسيين، وعلى رأسهم معتقلو حراك الريف، ومعتقلو /ات الرأي والتعبير، وكافة معتقلي/ات جميع الحركات الاجتماعية ونشطاء ونشيطات فضاءات التواصل الاجتماعي والمدونين/ات، في كل المناطق، وتعبر عن مساندتها ودعمها لهن وإدانتها للمضايقات التي يتعرضن لها، وتطالب بإطلاق سراح كل المعتقلين/ات وإغلاق ملف الاعتقال السياسي ببلادنا؛
– تجدد التزامها بالانخراط الفاعل في كل الصيغ النضالية الوحدوية، من أجل حماية حقوق المرأة والنهوض بها طبقا للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان؛
-تعبر عن تضامنها اللامشروط مع نساء فلسطين وتحيى صمود الأسيرات في سجون الاحتلال الصهيوني، وتطالب بفك أسرهن، وتحيي كل نساء العالم، في نضالهن ضد الصهيونية والإمبريالية، وفي مقدمتها الإمبريالية الأمريكية، عدوة حقوق الإنسان وحقوق الشعوب.