أغضبت التصريحات التي أدلى بها الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران، خلال خروجه الأخير في لقاء مع مسؤولي الحزب المجاليين، قيادة الحزب الإسلامي، لاسيما ما تعلق بإعلانه فك الارتباط بحركة التوحيد والإصلاح، وحديثه عن تجاوز أخطاء القيادة السابقة، حيث انتفض عدد من أعضاء الأمانة العامة الحاليين، في وجه بنكيران، بالتوازي مع توجيه انتقادات لأداء بنكيران، من طرف قيادات في الحزب، بما فيها أعضاء الأمانة العامة السابقة للحزب.
وقال محمد أمحجور القيادي السابق بحزب العدالة والتنمية إن حزبه “يعيش حزب وضعا مأزوما وحالة اضطراب لم يسبق له أن مر بهما، ومرد ذلك بالأساس إلى السحل الانتخابي والسياسي الذي تعرض له يوم 8 شتنبر 2021 والذي لم يكن يتوقعه حتى ألد خصومه”.
وأوضح المتحدث ذاته، ليس مهما اليوم التوقف كثيرا عند النتائج التي حصل عليها الحزب، فقد صارت واقعا لا يرتفع، بالرغم من أنه وبعد مرور وقت كاف، فإن كثيرا من المتابعين والمهتمين لا يصدقون اليوم أن الوزن الانتخابي والسياسي لحزب العدالة والتنمية هو أربعة مقاعد في مجلس النواب من أصل 305 مقعد للدوائر المحلية، كما لا أحد يصدق أن كسبه التدبيري للمدن الكبرى والمتوسطة والصغيرة يساوي صفر رئاسة، فهذا الأمر ما كان له أن يقع إلا إذا كان أبناء العدالة والتنمية قد أمضوا ست سنوات في “رمي المواطنين بالحجارة” آناء الليل وآناء النهار. ولذلك ستظل نتائج الثامن من شتنبر نتائج غير مفهومة وغير منطقية”.
وأضاف أمحجور، في مقال عنونه بـ “إعادة الإعمار.. فيض رباني أم دينامية جماعية..”، “هل هذا يعني أن حزب العدالة والتنمية لا يتحمل أي مسؤولية فيما وقع؟ الجواب بدون تردد هو لا وألف لا. فالمسؤولية الذاتية فيما وقع حاصلة وثابتة. فإضافة إلى المسؤولية السياسية التي تحملتها الأمانة العامة السابقة والتي عبرت عنها من خلال استقالتها الجماعية عقب الإعلان عن النتائج، في تقديري أن هناك أسباب أخرى يمكن إجمالها اختصارا في ثلاث مستويات تحتاج إلى نقد ذاتي صادق ونزيه ومراجعات عميقة وبنيوية”.
وأكد المتحدث ذاته أنه ” وفي ظل الوضع المأزوم الذي نعيشه، يبدو من العادي والمنطقي الانكباب على مراجعة أوضاعنا بما يمكن من الاسترجاع المتدرج للعافية التنظيمية والسياسية. لكن السؤال المنهجي الأساسي الذي يطرح نفسه هو كيف ينبغي أن يتم هذا التمرين القاسي والعسير، خاصة إذا استحضرنا ما تعلن عنه القيادة الجديدة من حين لآخر من “أفكار” و “قرارات” في إطار محاولتها تصحيح مسار الحزب، وبغض النظر عن الموقف من المضامين المعلنة في هذا الصدد، التي قد نعود إليها في فرص قادمة إن شاء الله، فإن الانسجام مع مسار الحزب بشكل خاص، ومع مسار المشروع الإصلاحي الذي احتضن هذه التجربة حين انطلاق النسخة الثانية من الحزب، يقتضي الجزم بأن أي مراجعة في الحزب وللحزب لا يمكن أن يكتب لها النجاح إلا إذا حصل اليقين بأن هذا المشروع منذ نشأته الأولى لم يمتلك يوما ما اختيارات وسياسات ومواقف وقرارات جاهزة للاستعمال “prêt à porter”، كما أن هذا المشروع لم يمتلك يوما شيخا واجب الاتباع، بل إن مناط وجوده الأول كان نقدا ذاتيا وثورة ضد المشيخة وضد الاستفراد بالرأي وبالقرار”.