محمد الحبيب طالب
انتظار عودة الإمام المهدي الغائب . وقد بلغ هذا التعطيل في المذهب ، أن حرم على أحيائه ” الثورة والدولة ” في عصر غيبة الإمام ، وإلى حين ظهوره . وأخيرا تمكنت نظرية ولاية الفقيه ، بعد محاولات إصلاحية جزئية سابقة في قضايا شرعية عديدة ، من أن تحرر المذهب من عطالته المطلقة ومن تلك الانتظارية المثالية المأزومة . فكان أن أنجزت الثورة في ایران و اقامت نظامها السياسي على التوفيق بين المؤسسات الحديثة ولاخرى من ولاية الفقيه . وكان لها الفوز في إيران ، تحديدا ، لعنصرين أساسيين على الأقل ، هيمنة المذهب على أغلبية المجتمع ، والتنظيم الهرمي العريق والقوي النفوذ لرجال الدين . وليس هذا كل واقع لبنان والعراق وغيرهما . وسيكون بالتالي من الإستبلاد والتضليل التهويش على حزب الله بأنه يعتزم استنساخ التجربة الإيرانية في بلد تعددية الطوائف فيه تفقا العينين ! لكل ما سبق ، أجد أن عداوة الحداثيين الاستنساخيين تقوم على مغالطات تتحاشى التمييز بين ثلاثة مستويات في النقد الأيديولوجي . بين تحديد الوظيفة التاريخية التي تضطلع بها أي إيديولوجيا ، إيجابا أو سلبا ، والتي يحكمها الواقع المادي الاقتصادي و التقني و العلمي من جهة والتراكمات العميقة في التطور التاريخي للمجتمع من جهة ثانية . وهذه مسألة معقدة لأن تناقضاتها ملتبسة و مندغمة مع بعضها بالضرورة . وبين النقد المعرفي الخالص الذي يتجاوز الوضع القائم لينير الفكر ويوسع من اختياراته . وبين تعيين الموقف من تموقعات تلك الأيديولوجية في الصراعات الاجتماعية والدولية . إنها ثلاثة مستويات مترابطة لكنها متمایزة ولكل تركيب لها استنتاجاته الخاصة . ولأنهم يخلطون بينها ، ودائما على حساب أولوية المسألة الوطنية التحررية ، نراهم في تحليلاتهم لوقائع الصراع العيانية والملموسة ، يلجؤون إلى ما لمحت إليه في ” الشلفية التأويلية ” ليبينوا أن ما هو ظاهر وملموس للعيان لا يحتوي على ذرة واحدة من الحقيقة الخفية عندهم . إنها مواقف تحتوي ، بوعي أو بلا وعي ، على جرثومة الطائفية ومن عند نفس نقادها الحدثيين ! فهل أحتاج لتحليل مطول لتقاطع هوسهم بنزع سلاح حزب الله بدريعة بناء الدولة الحديثة المطلقة السيادة ، مع نفس الدعوة من إسرائيل وأمريكا وحلفائهما ، بينما الدولة الواقعية محرم على جيشها أن يملك القدرات التسليحية الرادعة ، وتشكو من عناصر تخلف أخرى أسبق أولوية … أليس هوسهم هذا الا واحدا من الأعراض النفسية ” للوسواس القهري الطائفي الذي ما زالوا يعانون منه ” . وفي النهاية ، فإن كل هذا لايعفي حزب الله ، من أن يعمق منظوره للدولة المدنية لتشمل عوائقها المجتمعية الأخرى في وحدة مناهج التعليم وبناء المدرسة الوطنية الموحدة وقانون الأسرة الموحد المدني ، والمساواة الجندرية التامة ، وكإجراء انتقالي وضع كوطا لتمثيل النساء في المجالس المنتخبة ، وغير ذلك من القضايا التي بدونها تستمر الطائفية على توالدها حتى بعد إلغائها من السطح السياسي .