محمد الحبيب طالب
قبلية أو مذهبية كما تزعم الدعايات الإعلامية المضادة . والحقيقية ، أن ” أنصار الله ” نجحوا في شراكتهم مع القوى اليمنية الأخرى ، لأنهم تمسکوا واياها بالمشروع الوطني المستقل ، والذي يشد أزرهم مع أغلب مكونات الشعب اليمني . ولأنهم مع حلفائهم تعلموا كيف يديرون بضمير وطني وبتؤدة بناء مؤسسات الدولة الناشئة على أنقاض الحرب بدمارها وحصارها . وكيف يؤسسون لجيش وطني ، بالمعايير الحديثة ، يراكم الخبرة القتالية ويبدع صناعاته الحربية . ولعل في كل هذا ما يفسر صمودهم ونجاحاتهم أمام تحديات ” جنون القوة ” المالية المتدفقة والتسليحية من أعلى طراز . ثانيا : للجمهورية اليمنية ، وهي ثاني أكبر دولة خليجية ، موقعها الجيوبولتيكي بأهمية أبعاده الإستراتيجية ، أولها ، انتماؤها للخليج العربي ذي المكانة الدولية كمصدر للطاقة البترولية والغازية . وثانيها ، امتدادها على سرير بحري طويل ومتعدد ، يشمل بحر العرب من جانب ، ومضيق باب المندب الذي يربط بين البحر الأحمر والمحيط الهندي من خلال خلیج عدن . من الجانب الآخر . إنها ممرات لها قيمة دولية تجارية وحتى عسكرية أيضا . وثالتها ، عراقتها الحضارية ومجتمعها الموسوم بالحيوية السياسية والحزبية ، وهو الأكثر كثافة سكانية بين دول الخليج . ولعل هذه الميزة الأخيرة ، هي ما يجعل دول الخليج تتحسس من أي تحول رادیکالي في النظام السياسي ، وتبين إلى حد كبير لماذا تجنب مجلس التعاون الخليجي أن يضم لعضويته الجمهورية اليمنية ! خلال الحرب على اليمن وكذلك بعد صعود إدارة بايدن ، وقعت انعراجات بالغة الأهمية ، منها الإعلان الاستباقي للإمارات بأنها لم تعد مشاركة في هذه الحرب ، بعد أن وطدت سطوتها على الجنوب اليمني عبر تمويل وتسليح ما سمي بالمجلس الانتقالي الداعي إلى انفصال الجنوب والعودة إلى دولته المستقلة . وفي غضون ذلك ، طبعت علاقاتها مع إسرائيل ومكنتها من قاعدة استخبارية في جزيرة سقطرا اليمنية . وبسرعة فائقة ، وكأنها تخاف خداع الزمن ، عقدت مع إسرائيل اتفاقات شاملة لجل ميادين التعاون بينهما ، والميزة الظاهرة فيها أن رؤوس الأموال ستصب من الإمارات إلى إسرائيل ، وليس العكس . وإلى اليوم لا يزال المجلس الانتقالي يمسك بالسلطة ، ولا يترك أي حيز الحكومة هادي الشرعية ؟ ) ولقواته ، رغم اتفاق تقاسم السلطة الذي جرى بالسعودية . ومع كل ذالك ، ليس الإعلان الإماراتي عن الانسحاب من الحرب انسحابا من ” التحالف العربي ” الأمريكي الذي يديرها . ومن تلك الانعراجات ، عودة العلاقات إلى مجراها التصالحي بين قطر والدول ( السعودية والإمارات ومصر والبحرين المقاطعة والمحاصرة لها ، ومع التخلي عن جميع الشروط.