محمد الحبيب طالب
أولا : بدون العودة إلى نوعية العلاقات والحروب السابقة بين الجمهورية اليمنية والمملكة السعودية ، في المراحل المختلفة ، ، وبلا العودة إلى انتفاضة ( 2011 ) التي إختلط فيها الحابل بالنابل ، وأفضت إلى نظام توافقي برئاسة ( منصور هادي ) وتحت الرعاية السعودية . والذي ما كان منه إلا أن حافظ على نفس التركيبة والاختيارات للنظام السابق ، مع تبعية أوضح وأوسع للوصاية السعودية … سنأخذ من كل ذلك الحيثية الأساس التي بني عليها مسوغ التدخل العسكري ل ” عاصفة الحزم ” ، والذي أعلن عنه من قبل وزير الخارجية السعودي من واشطن ، كإشارة منه لدعم الولايات المتحدة في عهد إدارة أوباما ونائبه الرئيس الحالي . وكان مسوغ هذا التدخل العسكري الدفاع عن الشرعية الدستورية لحكومة الرئيس ( منصور هادي ) وكان واضحا أن هذا التدخل الحربي ، الذي وجد تغطية له في قرار المجلس الأمن ، تشكل تحالفه على عجل وبارتجالية اظهرتها مواقف كل من باكستان ومصر والمغرب و الأردن ، و بحيث لم يبق منه في الميدان سوى التحالف الإماراتي- السعودي ، ومشاركة سودانية تبرأ الحكم القائم اليوم من رسميتها . أما الواقعة التي تستحق التشديد عليها ، والتي يقع طمسها ، لأنها تعري عن العديد من المسوغات و الروايات والتأويلات الباطلة ، ما قاله جمال بن عمر في السابق وأكده مؤخرا ، أن إعلان الحرب وشنها في اليوم الأول ، جاءا في نفس التوقيت الذي كانت فيه القوى السياسية اليمنية ، بتمهيد إرادي من أنصار الله ، ستجتمع في الغد للتوقيع على ورقة تفاهم بينها وعلى كيفية تنظيم السلطة الانتقالية ، و بمشاركتها جميعا . وأنه كمسؤول وسيط عن الأمم المتحدة قد أبلغ الأمانة العامة بهذه النتيجة التي تم التوصل إليها . ولذلك ، لم يكن مفاجئا ، وقرار الحرب وراءه دعم الولايات المتحدة ، أن تتم تنحيته وتعويضه بمسؤول .دولي آخر . وبعد هذه الواقعة التي تفند الكثير من الروايات المسوغة للتدخل الخارجي وللشرعية الدستورية ، وهي أصلا شرعية توافقية أفلت مدتها ، يأتي السؤال المادي القاطع ، أهناك من حجة أقوى من أن هذه الشرعية المزعومة لم تجد لها أرضا يمنية تستقر عليها خلال السنوات الست من الحرب ، سوى الضيافة السعودية لحكومتها ورئيسها . وحتی عدن التي أملوا أن تكون عاصمة مؤقتة لهم كانت ملجأ ملغوما وخارج سلطتهم . بينما المناطق الشمالية الأكبر مساحة والأكثر كثافة سكانية بأضعاف ، والواقعة تحت نفوذ ما يصفونه ” بجماعة الحوثي ” وهي لا تزيد عن عشرة في المائة من سكان اليمن ، تعيش ، رغم الحصار الشامل والقصف الجوي وتعدد جبهات القتال ، في وضعية تدل على تعايش أهلي وعلى تعبئة شعبية حاشدة ومتواصلة وداعمة للسلطة الجديدة . وكيف لأقلية قليلة أن تحقق هذا النجاح المفحم ، وهذا الصمود البطولي ، لولا دعم الأكثرية الشعبية لها ، بلا حساسية قبلية او مذهبية.