محمد الحبيب طالب
وسائل ناعمة عديدة أخرى ، منها الإعلام والغزو الثقافي و الأيديولوجي ، وجمعيات المجتمع المدني ، والذباب الإلكتروني ، والهجومات السيبرانية ، واختراق المعلومات الشخصية من وسائط التواصل الاجتماعي ، والعقوبات الاقتصادية ، والتجسس الاقتصادي أو ما بات يعرف ب ( القاتل الاقتصادي ) … ولا حاجة لتحليل هذه البنية المؤسساتية وأساليبها المتنوعة ، لأن الغاية من ذكر عناوينها التشديد على أنها عناصر مادية ملموسة لا تغيب عن أي إنسان عاقل في أزمنتنا الراهنة . ولناخذ على سبيل المثال ، قضية واحدة لها صلة مباشرة بموضوعنا : از ما قطة إغتيال القائد اللبناني رفيق الحريري في 2005. وإذا ما تجاهلنا حملات اعلامية المنسقة دوليا ، لتلفيق الاتهام بالجريمة للنظام السوري ، وحاولنا وعية في سياق الحدث وتوابعه واستهدافاته ، فلن نجانب الصواب إذا ما جزمنا ، ومن الوهلة الأولى أن أصحاب الجريمة أرادوا تحديدا ، إثارة الفتنة هلية في لبنان ، وتأليب المجتمع اللبناني ضد سوريا ( انتفاضة الأرز ! ) وتحقيق خروج مذل لقواتها من لبنان ، وخلق انشقاق عدائي يضعف القوى الحليفة لسوريا ، وفي مقدمتها ” حزب الله ” تمهيدا ، وكما بين تسلسل الأحداث ، للحرب العدوانية الإسرائيلية ل 2006 بهدف القضاء على حزب الله خصوصا ، ومن تم الشروع في ما أسمته وزيرة الخارجية الأمريكية ( كندا ليزا رايس بالشرق الأوسط الجديد ! هكذا كان منطق تسلسل الأحداث . وشهد على طابعها المؤامراتي ، فضيحة طبخة لجنة التحقيق الدولية وما أعدته من فبركة واعتقالات وشهود زور ، وتم قبرها لفضاحتها المدوية وسوء حبكتها ! ولو كان التحقيق جديا من قبل المحكمة الدولية الخاصة التي عرضت اللجنة السابقة ، وشرعت في أعمالها بلا قرار ظني مسبق ، البدأت التحقيق من تلك الفضيحة المفبركة التي أقبرت بلا مساءلة ، لكي تهتدي إلى المتآمرين الحقيقيين ، ولما تمخض الجبل وولد فارة . إذ بدل سوريا النظام في الاتهام الأول سيكون المتهم الضمني هذه المرة حزب الله . وفي النهاية ، صدر الحكم غيابيا على أحد مناضليه لا أكثر ، لعدم وجود أدلة تورط الحزب . واحد فقط ، بصرف النظر عن هشاشة الأدلة ، وراء جريمة كبرى ومعقدة . ومن حسن الحظ ، صدر الحكم بعد أن فقد المجتمع اللبناني ثقته في المحكمة وفي العدالة الدولية ! أكتفي بهذا المثل من بين عشرات الوقائع القديمة والحديثة ، وعلى رأسها أكذوبة ، أن العراق كان يملك أسلحة الدمار الشامل ، والتي بررت بها أمريكا تنفيذ مخططها في شن الحرب على العراق لتدمير كيانه ودولته ، وخارج الشرعية الدولية ، وما زالت مخلفات الحرب الكارثية قائمة إلى اليوم . إنها وقائع لا عد لها تبين الأساليب التآمرية التي تلجأ إليها القوى الغربية المعادية لنهوض هذه المنطقة العربية خصوصا ، وتبين كيف باستطاعتها أن تتلاعب…