آخر الأخبار

انتخابات خارج يوم الجمعة بطعم كورونا

تتميز الانتخابات الحالية أكثر، و التي يجرى اقتراعها لأول مرة بالمغرب يوم الأربعاء بدل الجمعة، وكذلك باعتماد قاسم انتخابي جديد، بتزامنها مع جائحة كونية أثرت على جميع شعوب العالم، وفرضت العديد من القيود والاكراهات المرتبطة بالامتثال للتدابير الوقائية التي فرضتها السلطات.

الأمر الذي اضطرت معه الأحزاب المغربية المتنافسة إلى التكيف مع تلك التدابير احيانا و الدوس عليها احيانا أخرى .

وفي المقابل تمكنت من رفع التحدي من خلال تحقيقاا أقصى استفادة من منجزات التكنولوجيا الرقمية والخبرة المكتسبة من العمل عن بعد. واتضح جليا خصوصا في المناطق الحضرية استخداما قويا للمواقع الاجتماعية للدعاية للمرشحين وبرامج الأحزاب السياسية المختلفة. في انتظار استخدام التصويت الإلكتروني ليكون منسجمًا مع هذه التحولات النوعية، رغم الظروف غير مهيأة الآن لاتخاذ هذه الخطوة، لكنها تبقى غير مستبعَدَة لتحقا، نظرا للوثيرة التي يتجه بها المجتمع إلى الرقمنة، لتحقيق هذه القفزة في الانتخابات المقبلة.

هذا و ينتظر الجميع النتائج النهائية للانتخابات التشريعية  في غياب استطلاعات موثوقة للرأي، تتم على أساس متغيرين غير معروفين حاليًا : نسبة المشاركة والتصويت العقابي. بخصوص نسبة المشاركة، هناك عناصر تدعو إلى نسبة عالية وعناصر تدفع بعكس ذلك. إذا تمكنا من مطابقة أو حتى تجاوز معدل 2015 (الانتخابات المحلية) و 2016 (الانتخابات التشريعية)، سيكون ذلك إنجازًا للبلاد ودفعًا للأحزاب المنتمية إلى تيار اليسار الديمقراطي. لأنه، علينا أن نتذكر، أن أحزاب اليسار عانت كثيرا من الامتناع عن التصويت، في الوقت الذي ظلت أحزاب اليمين بشكل عام، وتحظى بدعم كبير من دوائر المال، من خلال تجنيد وسطاء متخصصين في شراء الأصوات، فهي لا تحتاج حتى إلى نشطاء: مجرد رمز، والمال يتكفل بالباقي.

هذا أمر شائع في الاستحقاقات التشريعية الأخيرة. ويبدو اليوم بحسب المعلومات المتداولة حول الموضوع أن هذه السوق الانتخابية وصلت إلى أبعاد غير مسبوقة. يفوز من يدفع أكثر. بالنسبة للمنظمات التي تنتمي للحركة الإسلامية، فإن لديهم أيضًا وسائلهم الخاصة للإغراء: الصدقات وأساليب أخرى لتخدير الوعي الجمعي.

أما التصويت العقابي، في ظل ارتباك المشهد السياسي والرغبة في التصويت، فهو محدود بشكل عام. لا يمكن أن يأتي إلا من الناخبين المنتمين إلى الطبقة الوسطى والمثقفين. ومع ذلك، فإن هذه الاوساط هي التي تغذي حتى الآن صفوف غير المصوتين. مع مليوني ناخب جديد مسجلين في القوائم الانتخابية، غالبيتهم من الشباب، هل يمكن أن نتوقع طفرة من شأنها أن تخلق مفاجأة وتخل بالنظام الحزبي القائم؟ هنا، يكمن الرهان الأساس في هذه الانتخابات. يجب على جميع الناخبين أن يدركوا أن صوت الجميع مهم وأن الامتناع عن التصويت لا يخدم إلا أعداء الديمقراطية وأولئك الذين يتغذون على دماء وعرق الشعب.

يمكن القول أن حق التصويت لم يصبح إنجازًا ديمقراطيًا إلا بعد صراعات طويلة ومريرة أدت أحيانًا إلى إراقة الدماء. ومن العار عدم استخدامه بشكل صحيح.

مقاطعة الانتخابات، بحجة أن اللعبة السياسية محسومة سلفا، أو أن المسؤولين المنتخبين ليس لديهم سلطة حقيقية، أو أن جميع الأحزاب مُدَجَّنة ولم تعد تخدم أي شيء … ليس موقفًا مؤَسَّسا ومدعَّما.

على النقيض من ذلك، فمن خلال التصويت والتعبير بقوة، سيتم فرض الإرادة الشعبية، وسنكون قادرين على مكافحة جميع الانتهاكات التي رُصِدَت هنا وهناك، وسنتمكن من قطع الطريق أمام مشتري الأصوات وبائعي الاوهام. لا وجود للديمقراطية الكاملة في أي مكان. هي صراع دائم وسيرورة تعرف لحظات مد وجزر، وتقدم وتراجع. يجب أن تكون هناك حاجة إلى المراقبة واليقظة. يحصل التغيير بهذا الثمن. من خلال سلوك المسار الديمقراطي الوحيد بكل منعرجاته. وهذا يمر بالضرورة من خلال صندوق الاقتراع.

هنا موعد مع التاريخ لا ينبغي تفويته !