تتواصل انتفاضة الشعب اللبناني لتؤكد ” لأمراء الطوائف” بأن مطالبها لا تقف عند مطالب “خبزية ” معيشية وانما تتجاوزها، بوعي وطني عابر للطوائف، يضع مطلب تغيير النظام السياسي للدولة القائم على المحاصصة الطائفية ،وتواري رموزه الفاسدة، بوابة الحل لمختلف المعضلات الاقتصادية والاجتماعية التي كانت الدافع المباشر لهذه الانتفاضة المتميزة في بلد مثخن بالجراح : جراح حرب أهلية مديدة ، وجراح العدوان الإسرائيلي على أراضي وسيادة البلاد الذي مازال يتحرش بمقاومته الباسلة التي غيرت بصمودها ” قواعد الاشتباك ” وحققت ” توازن الرعب ” وحمت لبنان من ” التمدد الداعشي” ..
نعم ، لا حل في لبنان اليوم ، غير الاقدام الشجاع من طرف مختلف مكوناته على مباشرة اصلاحات عميقة على “بنية الدولة” وذلك بإعادة هيكلتها على أسس مدنية ديمقراطية وحديثة ، ولعل من بين مداخلها التوافق على دستور جديد يلغي التزامات وتوافقات “مؤتمر الطائف الطائفي ، واقرار قوانين انتخابية جديدة تفتح الباب امام تمثيلية ديمقراطية لنخب جديدة وجيل جديد : جيل القطيعة مع اجيال ونخب ووجهاء الطوائف الذين تحول العديد منهم إلى رموز للفساد.. وامراء “اقطاعات طائفية ” ..
لقد شكل لبنان في تاريخ شعوبنا ودولنا ، منذ فجر القرن الماضي ، وعلى امتداد ه والى يومنا ، بؤرة التنوير الفكري ، وقلعة المقاومة والصمود ، وخلفية داعمة للمقاومة الفلسطينية ، وهاهو شعبه بمختلف أطيافه المذهبية ومكوناته الاجتماعية يصنع لحظة تاريخية مفصلية ، بوعي وإرادة واستقلالية رابطا بين حقوقه الاجتماعية في العيش الكريم وبين حقه المشروع في إعادة تشكيل النظام السياسي لدولته بما يجعله نظاما ديمقراطيا مدنيا يسهر على تدبير شؤون دولة مدنية لا محاصصة طائفية فيها، ولا سيادة فيها غير سيادة القرار الوطني المستقل والمقاوم .. ان شعب لبنان بنخبه الثقافية والسياسية وبروحه المقاومة المتأصلة فيه قادر على تسفيه من وصفوا انتفاضته ” بالغوغائية !!! وعلى المضي بالتدرج والتراكم نحو نحو لبنان جديد ، بنظام سياسي جديد …
جليل طليمات / الرباط