باشر قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال بالغرفة الثالثة لدى محكمة الاستئناف بمراكش، يوم الثلاثاء 9 يوليوز الجاري، تحقيقاته التفصيلية تحت إشراف الوكيل العام للملك بالمحكمة نفسها، مع المدعو “ح – م” القابض السابق للإدارة الجهوية للجمارك بمراكش، بعد مواجهته بالتهم المنسوبة اليه، جراء الاشتباه في اختلاسه أزيد من 4 ملايير سنتيم، خلال فترة عمله بمدينة مراكش، قبل نقله خلال شهر شتنبر من سنة 2016 إلى مدينة أسفي، لتحديد جميع ظروف وملابسات اختلاس المبلغ المالي السالف ذكره.
وأفاد مصدر مطلع، ان قاضي التحقيق رفض الاستجابة للطلب الذي تقدمه به دفاع القابض السابق للإدارة الجهوية للجمارك بمراكش، والقاضي بتمتيعه بالسراح المؤقت مقابل كفالة مالية، لعدم توفره على الضمانات الكافية لحضور جلسات المحاكمة، ليتقرر إرجاعه إلى سجن الاوداية والاحتفاظ به رهن الاعتقال الاحتياطي.
وكانت عناصر الشرطة الدولية “الانتربول”، أوقفت المتهم بإحدى المدن الهولندية خلال شهر يوليوز من السنة الماضية، بناء على مذكرة بحث دولية صادرة في حقه من طرف المصلحة الولائية للشرطة القضائية بولاية أمن مراكش، قبل أن يتم تسليمه، نهاية الأسبوع الماضي، إلى السلطات الأمنية بولاية أمن مراكش.
وكشفت التحقيقات الأولية التي تمت مباشرتها بعد اكتشاف عملية الاختلاس، أن القابض السابق لإدارة الجمارك بمراكش، المشتبه به الأول في هذه القضية، كان يستعمل شيكات الخواص والشركات تؤدى بها الرسوم الجمركية ويحولها إلى حسابه الخاص، إضافة إلى إنفاقه لمبالغ كبيرة حيث كان دائم السفر إلى دول أوروبية، كما كان يتوجه إلى الديار السعودية ثلاث مرات في السنة لأداء مناسك العمرة، فضلا عن أدائه لمبلغ عشرة ألاف درهم شهريا كواجبات النفقة لزوجته المطلقة.
وامتدت التحقيقات إلى المفتشية العامة للمالية، إذ تمت الاستعانة بها في جرد الحجوزات وافتحاص الوثائق المالية، التي كانت تدبر خلال فترة شغل القابض فی مراکش، خصوصا ما یتعلق بمعالجة ملفات المحجوزات الواردة على القباضة، حيث تم رصد مجموعة من الاختلالات في هذا الشأن عمق من حدتها، اكتشاف ثغرات في المراقبة والافتحاص الداخليين لدى الإدارة العامة للجمارك التي انتقل مفتشوها إلى إدارة الجمارك بآسفي، إذ تم إنجاز جرد مماثل للعمليات التي دبرها المشتبه فيه.
وأفادت مصادر ” مراكش اليوم ” أن من ضمن المبالغ المالية المختلسة حوالي 90 مليون درهم من العملة الصعبة التي تم حجزها بمطار مراكش المنارة الدولي، عندما حاول أحد الأشخاص تهريبها إلى الخارج، ليتم توقيفه من طرف شرطة الحدود وإخضاعه لإجراءات البحت والتحقيق قبل إحالته على أنظار العدالة، التي قررت في الأخير إدانته بعشر سنوات سجنا نافذا .
وجاء اكتشاف عملية اختلاس المبلغ المالي المذكور، بعدما أقر القابض الجديد لإدارة الجمارك بمراكش، بالعملية عندما رفض الخازن الجهوي لعمالة مراكش التوقيع له على إحدى الوضعيات المحاسباتية، خصوصا عندما اكتشفت مصالح الخزينة الجهوية لعمالة مراكش تناقضا صارخا ومثيرا للانتباه في الأرقام بالنسبة للمداخيل التي تستخلص من قبل إدارة الجمارك التي تتضمنها الوضعية التي تقدم بها القابض الجمركي الجديد والأرقام التي تتوفر عليها الخزينة الجهوية لمراكش، والتي يكون مصدرها بنك المغرب .
وبالرغم من محاولة القابض الجديد لإدارة الجمارك الحصول على توقيع الخازن الإقليمي لعمالة مراكش، فإن هذا الأخير ظل متشبثا بموقفه مطالبا القابض بتقديم تبريرات تبرر ذلك الفرق والذي لم يكن سوى المبلغ المختلس، مما دفع بالقابض الجديد الذي ظل متسترا على سلفه لمدة ثلاثة أشهر إلى إخبار مصالح الخزينة بالواقعة، ليتم إخبار المفتشية المركزية الخزينة العامة للمملكة والإدارة المركزية للجمارك بالموضوع، في الوقت الذي اختفى القابض السابق لإدارة الجمارك بمراكش عن الأنظار قبل أن يتبين في الأخير أنه غادر التراب الوطني عبر مطار مراكش المنارة الدولي في اتجاه أوروبا.