الفصل الرابع
تنظيم المقاومة في الجنوب والرغبة في التسلح
محاولة اغتيال بنحيون وتنظيم المقاومة في الجنوب .
رحلت إلى الجنوب صحبة محمد بولحية على أساس أن يساعدني في تصفية الباشا ينحيون، لأنني لم لكن احسن التنقل بحذر في أكادير ، ولم أكن أعرف ، ميدانيا ، أحدا من الشخصيات البارزة حركة بالعناصر ، التي ستشتغل معي على تصفية بنحيون . الاستقلال هناك . كان دور محمد بولحية متمثلان ريف الاتصال فكيف كانت رحلتي الأولى معه ؟. بعد الحصار ، الذي ضربته السلطات الفرنسية على مرك والدارالبيضاء ، كان علينا أن نتجه إلى مناطق أخرى لنفرض فيها وجودت وهكذا قررنا توجيه ضربات قاتلة إلى سلطات الحماية ، وركزنا على عملائها الأقوياء ، فكان المدني بنحيون على رأس القائمة المستهدفة ، يليه الفقيه عبد الحي الكتاني ، لأنهما كانا سند الحماية في خلع محمد الخامس . كان القرار هو أن أتوجه ، مع مجموعة من العناصر من الدار البيضاء ، إلى أكادير لأسهر على تنفيذ عملية اغتيال بنحيون . وبما أنني لم أكن أعرف جميع المناطق هناك ، ولم يسبق لي أن اشتغلت فيها ، زد على ذلك أن العناصر التي كنت أعرفها في الحركة السياسية مثل : احماد أولحاج ، وعباس القباج ( الذي كان ثريا ووطنيا ) ، ومولاي امحمد والحبيب الغيغائي أو الفرقاني كانت معتقلة ، فقد استعنت بعنصر 4 الحزب ، يعرف منطقة أكادير ونواحيها معرفة حقة ، بحكم أنه كان مدرسا للقرآن هناك ، مما أتاح له التنقل بين مختلف قراها ومداشرها وأعنى بالذكر : ” محمد بولحية “.
صاحبني كذلك في هذه العملية عامل مهاجرة فرنسا هو اضييد . المنحدر من قبيلة ” الركيبات ” . كان قد التحق بنا ضمن مجموعة من المهاجرين للانخراط في النضال ، مبديا استعدادا كبيرا للعمل المباشر بدو من الاكتفاء بجمع الأموال من المتعاطفين معنا في فرنسا ، التحقوا بنا + ونفيه ليساهموا مباشرة في عمليات فدائية في المغرب . الدار البيضاء إثر خلع المعمرين ، ومن معهم من المتآمرين ، لمحمد الخامس اتخذت جميع الاحتياطات ، بما فيها اختيار هندام مبتذل للاندماج بسهولة ، مع أهالي المنطقة ، حتى لا أثير انتباه أحد ، ويتكون من جلباب بال من نوع ” السدى ” ، مرقع بقطع من قماش من نوع ” التركال ” ، كما حلقت شعري عن آخره ، ولبست عمامة و ” بلغة ” رئتين . وحين وصلت إلى أكادير ومنهم مناضل متحمس جدا ، يدعى سيدي مومو . بدأت أتصل بالعناصر ، هناك ، كما اتصلت بعناصر أخرى ، في تزنيت ، كوننا إذن جماعة . فكرنا أول الأمر في محاولة اغتيال بنحيون أثناء أدائه صلاة الجمعة ، في جامع ” تالبرجت ” بأكادير ، لكن أعوانه أحاطوه ، حين توجه إلى الصلاة ، بتلاميذة صغار ، ليكونوا بمثابة أدرع واقية له ، يبدو أنه قد أخد بمسجد الكتبية في مراكش . العبرة من محاولة الاغتيال ، التي كان الكلاوي قد تعرض لها قبله أمام هذا الوضع غير المتوقع ، وبرغم أن جل عناصر المجموعة كانوا صرين في البداية ، بدافع الحماس ، على تنفيذ العملية مهما كلف الثمن ، قد قررنا أن نعدل عن تنفيذ العملية ، تجنبا لقتل أولئك الأطفال الأبرياء . اقتدى العملاء بتجربة بنحيون ، فبدؤوا منذ ذلك الوقت يحتمون أطفال في جميع تنقلاته مداخل المدينة . استأنفنا تتبع تنقلات بنحيون ، ونحن نتدرب على استعمال القنابل ، حث عن فرص أخرى للقيام بمحاولة إغتياله . والواقع أن تدريب باقي صر على استعمال القنابل كان صعبا جدا ، وهي معضلة عانى منها المنخرطون في العمل الفدائي داخل المقاومة المغربية، لم تكن لهم علاقة مباشرة بالسلاح ، ولم يسبق لهم أن جربوه ، او استانسوا بها كما أنه لم داخل الجيش الفرنسي . لقد كانوا في غاية الأهمية بالنسبة الينا ، وبالفعل ي مواجهة هذه المعضلة قررنا الاستعانة بمن سبق لهم أن اشتغلوا فقد اضطلعوا بأدوار أساس في النضال ضد الاستعمار كان صعبا علينا أن نمكن عناصرنا من استعمال قنابل حصلنا ضبط المسافة الملائمة حتى تصل إلى الهدف المحدد عليها ، وخصوصا منها قنابل من النوع الإيطالي ، كان تفجيرها يستوجب بدأنا نتدرب على استعمال هذه القنابل وفق الترتيبات التالية : ترمى القنبلة مباشرة ، بعد أن يسجب قفلها ، فيوضع أفقي تجاه الهدف ، مع ضمان الرمية لدوران مستمر للقنبلة ، وهو ما يسمح بتشديد الفتيل على قطعة من مادة : ” ألدون ، الذي يشد على الزناد الداخلي ليسحبه ، أخيرا ، متسببا في الانفجار . كان لدي تخوف كبير من استعمال هذه القنابل ، بسبب تلك المعضلة ، لكن لم يكن لدينا خيار آخر . بمجرد ما وصلني ، ونحن في صلب هذه الاستعدادات ، خبر حضور الباشا بنحيون لمعاينة سباق الخيل بمدينة إنزكان ، قررنا القيام بالعملية ، برغم إدراكنا لصعوبة التعامل مع عامل الجمهور . قررنا إذن ، نحن الأربعة ، محمد الأسفي ، واعبيد ، وسيدي مومو وأنا نفسي ، أن ثمر إلى التنفيذ . اندسسنا ، يوم السباق ، في الجمهور حتى اقتربنا من مجموعة بنحيون ، في المنصة المخصصة له . لكن ارتباكا طارئا دب في أوصال العناصر المرافقة لي ، فطلبت منهم أن ينسحبوا بعيدا عن الجمهور ، وشرعت أحسسهم وأحمسهم ، من جديد ، متصرفا معهم بهدوء تام ، ثم أوصيتهم بعدم التراجع عن تنفيذ العملية ، مهما كانت الأحوال . وكم كنت متحمسا للتنفيذ ، في ذلك الوقت بالذات ، وليس في وقت آخر ، لأنني أدركت أن الفرصة ثمينة جدا ومواتية.
وللتاكد من عدم تردد باقي العناصر طلبت من كل واحد منهم سحب قفل قنبلته ، ووضع إصبعه على تقب فتيلها ، حتى لا تكون لديهم أي فرصة للتراجع ، لأن سحب القفل سيرغم حامل القنبلة على رميها وإلا انفجرت بين يديه ، وبذلك لن يتوانوا عن تنفيذ العملية وكذلك كان . عدنا ، نحن الأربعة ، كل منا ماسك بقنبلته على النحو المطلوب وبدأنا نتحين نهاية السباق ، وتزول موكب بنحيون من المنصة ، وبمجرد ما اقترب منا أشرت عليهم ، فرموا بقنابلهم ، فتتبعثها ، لحظة ، باهتمام كبير ، غير أنها ، للأسف ، لم تنفجر . مع ذلك ، فقد أصابت قنبلة سيدي مومو ، الذي أسعفته بنيته القوية وقامته الفارهة ، صدر الباشا ، فصار يصرخ من شدة الألم . استدركت الموقف ، ورميت بقنبلتي على الموكب ، فأصابت بعض أعضائه ، فيما نقل بنحيون ، في الحين ، إلى فرنسا قصد العلاج مما أصابه – جراء الضربة – من جروح بالغة ، انتشر الفزع داخل الموكب ، وتجمهر الناس حول المصابين ، ثم بدأوا يركضون على غير هدى كي يبتعدوا عن مكان العملية ، مثيرين مزيدا من الغبار . استشطت غيظاً لأنني لم أرد غريمنا قتيلا ، والتفتت فوجدت الأسفي قريبا مني ، فشرعت أصرخ في وجهه ، مؤنبا ، حتى سكت عني الغضب . عدت بعد هذه الأحداث إلى الدار البيضاء لأستأنف العمل ، في التنظيم . كان محمد الزرقطوني يحرص حرصاً كبيراً على سلامتي ، ولذلك نما كنت عائدا ، من أكادير إلى الدار البيضاء ، طلب مني أن أكون حذرا ، ولا أدخل ، مباشرة ، إلى الدار البيضاء المطوقة برجال الأمن ، حتى لا أمري ، خصوصا لما غيرت السلطات الفرنسية طريقة عملها ، ولم تخبر بأي عملية ، من قبل ، حتى تدهمنا أثناء ترصدنا لمن عزمنا على ال نصفيه ، ولذلك لم يعد بوسعنا التعرف المسبق إلى خطط رجال الأمن دهما لما كان المتعاونون معنا داخل الإدارة الفرنسية ، يخبروننا به . 0 وفضلا عن ذلك ، لم يعد الزرقطوني يثق في أي أحد .
ولتعذر إمكانيات التحري القبلي ، فقد اقترح على أن الفيور بعض الأيام ، في ضاحية من ضواحي الدار البيضاء ، على الطريق المؤدية إلى قيطون ، بجوار باقي الزائرين الملتفين حوله ؛ واحتفظة بلباسي القروي مراكش ، بالقرب من ضریح بسمی سیدي مسعود ” . اهمت هناك داخلر حتى أموه على كل عين راصدة ، أو أذن متسقطة وبعد ثلاثة أيام أو أربعة التحق بي محمد الزرقطوني ، 2 سيارة أكلة شهية أعدها الزرقطوني خصيصا لاستقبالي رفقة الحسين برادة ، وامبارك الورداني ، وحسن الأعرج ، حاملين معهم قررنا أن ندخل إلى الدار البيضاء ، وكان هؤلاء الأصدقاء مرتدين لباسا عصريا : بدلات أنيقة ، وربطات عنق ، ومناديل تطل من جيوب ستراتهم ماعدا أنا إذ احتفظت بالجلباب المرقع الذي كنت البسه 4 أكادير . خطر ببالي أن اجتماعنا في سيارة واحدة بإمكانه أن يكشف أمرنا ، ويثير انتباه المراقبة الطرقية ، فنبهت الزرقطوني إلى أن السفر بهذا الشكل سيعرضنا إلى خطر ما ، لذا يجب أن نفترق ، وأن لا ندخل إلى المدينة من باب واحد ، لكن الزرقطوني طمأنني ، مؤكدا بأنه لا داعي للخوف ، وهو ما استنتجت منه أنه قد أساء فهمي ، الشيء الذي أثار حفيظتي ، فقلت له : – إذا ظننت أنني خائف ، فانطلق على بركة الله . فعل وكما توقعت ؛ بمجرد ما اقتربنا من الدار البيضاء ، من جهة منطقة ” ليفيرتاج ” ، في حدود النفوذ الترابي للدرك والأمن الحضري ، أوقفتنا مراقبة كانت تترصد المسافرين . طلب الدركيون نزول كل من في السيارة إلا أنا ، ربما لأنني كنت مهندما بشكل لا يثير الاهتمام . فتشوهم عن آخرهم ، وفتشوا أوراقهم ليتأكدوا من هوياتهم ، وكذلك رجال الأمن الحضري ، المرافقون للدركيين . وبما أن أوراق الهوية بينت أن الأربعة منحدرون من جهات مختلفة ، وأنهم حملوا معهم تجهيزات سياحية ، اعتقد الدركيون أننا كنا في نزهة ، ولذلك هموا بالسماح لنا بالمرور ، لكن رجال الأمن الحضري لم يكونوا متفقين معهم ، فاقترحوا أن يستأنفوا البحث معنا ، في مخفر الشرطة ، في الدار البيضاء . احتد النقاش بين الجهازين ، فعزم رجال الدرك على القيام بتفتيش دقيق للسيارة ، ولما اقترب الدركي منها طلب مني ، باللسان الفرنسي ، أن اهبط لكني لم اعره اهتماما