الفصل الثاني
بين التلقي والنضال في جامعة ابن يوسف المواجهة مع التهامي الكلاوي
حينما تقدمت إلى التسجيل في ابن يوسف ، أجريت اختبار الولوج ، وطلب مني ” با سيدي ” أن أسجل في السنة الثانية ، أو الثالثة بحكم انني كنت أتابع معه دروسا مهمة من قبل ، لكنني رفضت ، واخترت التسجيل في السنة الأولى ابتدائي لأبدأ من البداية ، كان ذلك في عام 1946 .
في تلك المرحلة ، كنت أنتمي إلى الحركة الوطنية ، وكنت عضوا في الحزب منذ 1944 ، ذهبت إلى عبد القادر حسن – نظرا للعلاقة التي كانت تربطه بأسرتي- فرحب بي ، وألحقني بخلية كانت تجتمع في دار ابن الصديق القيصاري الغندوري ، كانت هذه الخلية تضم ابن الصديق ، وأحمد الغواسلي ، وبن حسن الشكايري ، وكان المدني الجنايني هو أمين سرها ، كنت إذاك في الخامسة عشر من العمر ، فكنت أصغر عضوي الحزب الذي أنشط فيه . قبل هذا التاريخ لم يكن النشاط الحزبي نشاطي الوحيد ، بل كنت أنتمي إلى الكشفية الحسنية : التي كان يرأسها مولاي عمر السعدي ، كان ذلك من الأهمية بمكان : إذ كنا نقوم بأنشطة وأشغال فلاحية كثيرة أهلتنا إلى أن نمارس رياضات كثيرة ، ونتعلم الانضباط ، والاعتماد على النفس ، والبحث في الميدان البيئي . ولكن الذي كان يستهويني ، أكثر ، هو ” لمشايشة ” ، والمصارعة ، وقد اكتسبت من خلالهما قوة بدنية . التحقت بجامعة ابن يوسف ، وبقيت أتابع هذه الأنشطة ، لكن نشاطنا ي الحزب كان ذا أهمية قصوى ، كانت نشرة الحزب تأتينا من اللجنة التنفيذية ، وبواسطتها كنا نعرف إلى أين وصلت قضيتنا الوطنية ، في الأمم المتحدة ، لأن الحزب أفلح في أن يدولها بالاستعانة بمنظمة الجامعة العربية ، كانت بعض البيانات تأتينا من علال الفاسي ، فنقرأ نشراتها ،
ميدانين : أولا ، نظام ابن يوسف ، بما فيه تنظيم الطلبة ، وتهييئهم للدور وبعد حفل استقبال وترحيب ، خصص له ، وضعنا برنامجا للعمل يتضمن ونتداولها . وفي سنة 1949 رجع عبد الله إبراهيم من فرنسا ، فاتصلنا به بها من قبل ، ولان الزوايا هي التي كانت تلعب دور التأطير هناك . الذي سيقومون به . ثانيا ، التوجه إلى البادية ، لأن الحزب لم تكن له علاقة وعليه ، فكرنا في أن ينضم الطلبة إلى الحزب ، وأن ينتظموا داخله وبحكم أن أغلب طلبة ابن يوسف كانوا من البادية ، وكانوا ينحدرون من حتى يقوموا بالدور ، الذي سيمكنهم من أن يدافعوا بواسطته عن وطنيه مدن ، وبلدات ، ودواوير قريبة من مراكش : مثل السراغنة ، ودكالة وسوس ، والصويرة ، وآسفي ، فقد فكرنا 2 تاطيرهم ليصبحوا مؤهلين بدورهم ، للقيام بالتأطير داخل التنظيمات الشعبية . كنت العضو الوحيد ، المرتبط بالوسط الشعبي في مراكش بالتالي أتعرف بسهولة الناس في ” الحومات ” ، نظرا لقلة ساكنة المدينة نتصل بالناس لنقنعهم بالانضمام إلى الحزب ، وليصبحوا وطنيين فاعلين الأمر الذي سهل على التمييز بين من هو وطني قح ، ومن هو غير ذلك ، كنا المهمة ، وهو ما دفع بالحزب إلى ترشيحي لتأطيرسكان . كنت في طليعة طلبة ابن يوسف المسؤولين في الحزب عن القيام بهذه القصبة ، الذي التهامي الكلاوي . اتصلت ب ” محمد البقال ” ، الذي كان لوحده يمثل كان شبه مستقل عن المدينة ، بحيث كان تحت نفوذ الباشا ” حسي : أخ الحزب في حي القصبة ، وينتمي إلى الحركة السياسية ، بدأنا نؤطر المواطنين بهذا الحي ، الذي كان شبه خال من المتحزبين لنستقطبهم إلى الحركة السياسية ، حين ذاك خطر ببالي القيام بعمل يجعلني أرتبط بالناس أكثر ، فأعلنت عن تنظيمي لدروس في محو الأمية . بدأ الناس يتناقلون الخبر بحماس شديد ، وبدأوا يتهافتون على التلقي . كنت أقوم بهذا العمل إما في المساجد ، وإما في إحدى مدارس القصبة ، وبهذه الطريقة اتصلت ، أكثر فأكثر ، بالجماهير ، وبدأنا نستقطبهم ، فوفد إلينا مواطنون كثر . كونا خلايا ، في القصبة ، وفي سيدي اعمارة ، فتوسع نشاط الحزب ، وكبر ، وبعد مدة كونا حركة سياسية ، في القصبة ، التي كان لها تأثير وصدى كبيران .
بدأنا نستغل إطار دروس محو الأمية لنقوم بتكوين الخلايا ، ولنستقطب المستهدفين الاختيار من له استعداد للانخراط في خلايا الحزب ، وفتحنا معهم حوارا حول السياسة ، وحول إمكانية تنظيم خلية في القصبة في وقت لاحق أصبح لهذه الخلية صدى تعدى حدودها ليعم المدينة كلها ، بحيث صرت اتصل بالخلايا الأخرى داخل المدينة ، كنت تحدث إليهم بأسلوب بسيط ، وواضح ، مستعملا اللغة الشعبية ، التي اكتسبتها من الحرفيين : كالخرازة ، والدرازة ، والشكايرية ، مع العلم أنه سبق لي ، من تلقاء نفسي ، أن مارست مهنا مختلفة ، في الصناعة التقليدية ، مثل تدرارت ” ، و ” تقشاشبيت ” حتى أتمكن من تغطية تكاليفي لوحدي … كان والدي يذكرني بهذا المثل الدارج : – اللي ما يكتب ابراثو ، وما يدبح شانو ، وما يصبن كساتو ؛ موثو خير من احياتو وقد تعلمت منه بالفعل طريقة الذبح ، بحيث كان يذبح ، وكنا ، أنا وإخواني ، نساعده على السلخ . إلى جانب تجربتي الواسعة مع الحرف والحرفيين ، فإن شغفي بالنضال السياسي هو ما دفعني إلى التردد على الخلايا الحزبية ، في جميع حومات المدينة ، والاشتغال معها ، وقد استمر هذا العمل مدة ، إضافة إلى ماكنت أقوم به في جامعة ابن يوسف ، بحيث قررت أن أستقطب طلبتها إلى الحزب . اشتغلنا معهم بشكل جيد ، وخصصنا كل قسم بخلية حزبية ، ولما أحسسنا بتصاعد استعداد الطلبة صرنا نشتغل معهم ، في جميع المناسبات والأفراح ، إذ لا نترك مناسبة تمر دون أن نتحدث عن النضال ، والكفاح ، والاستعمار ، وظلم الإدارة الفرنسية . كما أولينا اهتماما للرياضة ، إلى درجة أننا وصلنا إلى تأسيس اثنتي عشر فرقة لكرة القدم ، في مراكش ، وحرصنا على أن تنتمي كل فرقة إلى حرفة معينة ، كانت الحرف تشارك بواجب شهري ، عن كل واحدة . كنت انخرطت ، أنا ومولاي اسليمان العلوي في فرقة الدباغة ، التي اخترنا لها اسم ” الكتبية ” . كنت أدير هذه الفرقة لأن الدباغين كان لهم شأن ، في سنوات الحرب العالمية الثانية ، إذ كانت للجلد قيمة تدر على الدباغة أموالا طائلة ، حتى أن أهلها كانوا من صنف أغنياء المدينة ، فساعد ذلك في تسيير الفرقة ، وإقامة التجمعات ، والمشاركة في حفلات عيد العرش .
بدأنا نستغل إطار دروس محو الأمية لنقوم بتكوين الخلايا ، ولنستقطب المستهدفين الاختيار من له استعداد للانخراط في خلايا الحزب ، وفتحنا معهم حوارا حول السياسة ، وحول إمكانية تنظيم خلية في القصبة في وقت لاحق أصبح لهذه الخلية صدى تعدى حدودها ليعم المدينة كلها ، بحيث صرت اتصل بالخلايا الأخرى داخل المدينة ، كنت تحدث إليهم بأسلوب بسيط ، وواضح ، مستعملا اللغة الشعبية ، التي اكتسبتها من الحرفيين : كالخرازة ، والدرازة ، والشكايرية ، مع العلم أنه سبق لي ، من تلقاء نفسي ، أن مارست مهنا مختلفة ، في الصناعة التقليدية ، مثل تدرارت ” ، و ” تقشاشبيت ” حتى أتمكن من تغطية تكاليفي لوحدي … كان والدي يذكرني بهذا المثل الدارج : – اللي ما يكتب ابراثو ، وما يدبح شانو ، وما يصبن كساتو ؛ موثو خير من احياتو وقد تعلمت منه بالفعل طريقة الذبح ، بحيث كان يذبح ، وكنا ، أنا وإخواني ، نساعده على السلخ . إلى جانب تجربتي الواسعة مع الحرف والحرفيين ، فإن شغفي بالنضال السياسي هو ما دفعني إلى التردد على الخلايا الحزبية ، في جميع حومات المدينة ، والاشتغال معها ، وقد استمر هذا العمل مدة ، إضافة إلى ماكنت أقوم به في جامعة ابن يوسف ، بحيث قررت أن أستقطب طلبتها إلى الحزب . اشتغلنا معهم بشكل جيد ، وخصصنا كل قسم بخلية حزبية ، ولما أحسسنا بتصاعد استعداد الطلبة صرنا نشتغل معهم ، في جميع المناسبات والأفراح ، إذ لا نترك مناسبة تمر دون أن نتحدث عن النضال ، والكفاح ، والاستعمار ، وظلم الإدارة الفرنسية . كما أولينا اهتماما للرياضة ، إلى درجة أننا وصلنا إلى تأسيس اثنتي عشر فرقة لكرة القدم ، في مراكش ، وحرصنا على أن تنتمي كل فرقة إلى حرفة معينة ، كانت الحرف تشارك بواجب شهري ، عن كل واحدة . كنت انخرطت ، أنا ومولاي اسليمان العلوي في فرقة الدباغة ، التي اخترنا لها اسم ” الكتبية ” . كنت أدير هذه الفرقة لأن الدباغين كان لهم شأن ، في سنوات الحرب العالمية الثانية ، إذ كانت للجلد قيمة تدر على الدباغة أموالا طائلة ، حتى أن أهلها كانوا من صنف أغنياء المدينة ، فساعد ذلك في تسيير الفرقة ، وإقامة التجمعات ، والمشاركة في حفلات عيد العرش .
كما وعلينا اهتماما الرياضة، الى درجة اننا وصلنا الى تأسيس اثنتي عشرة فرقة لكرة القدم ، في مراكش ، وحرصنا على أن اسی عمل سرا إلى حركة معينة . كانت الحرف تشارك بواجب شهري ، عن كل واحدة كما أولينا اهتماما للرياضة ، إلى درجة أننا وصلنا إلى تأسيس التي كنت انخرطت ، أنا ومولاي اسليمان العلوي – فرقة الدباغة التي اخترا لها اسم الكتبية ” . كنت أدير هذه الفرقة لأن الدباغين كان لهم شارع سنوات الحرب العالمية الثانية ، إذ كانت للجلد قيمة تدر على الدباسة أموالا طائلة ، حتى أن أهلها كانوا من صنف أغنياء المدينة : مساعد ذلك * تسيير الفرقة ، وإقامة التجمعات ، والمشاركة في حفلات عيد العرش كانت منتوجات الحياكة والجلباب تباع بثمن معقول ، وكذلك كان الإقبال مهما على المنسوجات ، وصناعة الشكاكير : ومن حسن حظي أنني قد تعلمت ” تشكايريت ” لتذر علي بعض المال . كانت الحرف تسعفنا المكان بالذات له رمزية ، ونصرة للملكية ، وكانت هناك قبة تسمى قبة بتكوين هذه الفرق ، وكنا ننظم المباريات في المشور ، لان إجراءها + هنا المباريات ، بين هذه الفرق الاثني عشرة . كانت كذلك فرقة ، 2 جامعة ابن الصويرة تستعملها مستودعا للملابس . كان يسود التضامن ، في تنظيم يوسف ، تحمل اسم اليوسفية ، وكنا ، في الحركة الوطنية ، لا نترك أي فرصة تمر ، في ” النزاهة ” ، وفي أي مناسبة إلا ونتكلم عن الحركة الوطنية ال وعن وضعية المغرب ، وعن تسلط الاستعمار . هكذا حرصنا على أن تشمل القضية الوطنية جميع الميادين . ولكي تنتشر أكثر ، كان علينا أن نشارك في جميع المناسبات ، سواء الرياضية ، أو غيرها . وقد حرصنا على أن نكون حاضرين ؛ نتبادل أطراف الحديث ، ونؤطر الجماهير ، وهو ما جعل الحركة السياسية تنتشر في هذه الفترة الممتدة من 1949 إلى 1953 : أي إلى حدود نفي الملك . بغتة ، هدأت الأوضاع نتيجة تعيين مقيم عام آخر هو ( إريك لابون ) ، وكان من الفريق الاشتراكي ، نظرا لتولي الحكومة الاشتراكية مقاليد الحكم ، في فرنسا آنذاك . وقد جاء هذا المقيم بأسلوب جديد ، سمح للمغاربة الاحتفال رسميا بعيد العرش .
وقعت بعد هدوء دام زهاء عامين مجموعة من الحوادث . ففي ابن يوسف عندما تبين أن حضورنا أصبح ذا فاعلية نظمنا انتخابات ، مع أننا لم نكن نعرف شيئا عنها ، ولا عن مفهوم الديمقراطية . نظمناها لانتقاء لجنة لتسيير الطلبة ، وكنا ننسق مع عبد الله إبراهيم للإشراف على التنظيم . كونا لجنا على أساس المستويات التعليمية ، بحيث كان لدينا لجن على مستوى التعليم الابتدائي ، ولجن على مستوى التعليم الإعدادي ، وأخرى خاصة بالثانوي ، ولجن على مستوى النهائي : ” التعليم العالي ” . كانت هذه التنظيمات تشمل التسيير ، وكذلك الدعاية ، والإعلام ، وكانت القوة تتمثل في النظام ، الذي وضعناه بصفة عامة لضمان استمرارية العمل على مستوى جامعة ابن يوسف . إضافة إلى ذلك ، تم تكوين لجنة احتياطية على مستوى عال ، بحيث قررنا ، في النظام الداخلي ، أنه في حالة اعتقال اللجنة الأولى ، أو شيء من هذا القبيل ، ستعوضها اللجنة الاحتياطية . كان هذا التنظيم مفاجأة كبيرة بالنسبة إلى الحزب ، وإلى الحركة السياسية ، وقد ظهرت فعالية هذه المفاجأة عندما تدخل الفرنسيون ، في جامعة القرويين بفاس ، واعتقلوا بعض العلماء ، وبعض الطلبة . في هذا الوقت صعدت الإدارة الفرنسية قمعها ، وتدخلها في المؤسسة الدينية ، فقررنا التضامن مع أطر جامعة القرويين . وهنا برزت حركة الطلبة في ابن يوسف ، إذ نظمت إضرابا تضامنيا مع طلبة القرويين . طلب مني أن أعلن عن الإضراب ، بحكم مكانتي المتميزة بين إخواني الطلبة . أخبرنا عبد الله إبراهيم ، الذي أخبر بدوره اللجنة التنفيذية للحزب ، واجتمعنا في جامعة ابن يوسف ، وصعدت فوق منضدة ، وأعلنت الإضراب ، تضامنا مع طلبة القرويين وعلمائها . تحفظت اللجنة التنفيذية في الحزب من ذلك ، متوجسة في أعمال متهورة قد تكون لها عواقب وخيمة ، وهو ما أخبرنا به عبد الله إبراهيم ، طالبا منا أن تُخبره بتفاصيل ما سنقوم به خلال هذا الاضراب ، وبما إذا كنا قادرين على إنجاحه ، وتحمل تبعاته ، فأكدنا له أننا قادرون على كل ذلك ، وطمأناه على أن الأمور ستسير وفق نضال وجدية ، فأعطانا الضوء الأخضر .