على نفي سلطات الحماية للملك الشرعي محمد الخامس وتنصيبهم لملك غير شرعي هو ابن عرفة ، نبهت رفاقي إلى أن من الضروري الا تشارك حين بلغني أن أخ محمد البقال قد اعتزم المشاركة فيها . ولما انتهت ، واعتقل العناصر البارزة في التنظيم ، في تلك المظاهرة . والحصيلة ، أن مخاوي زادت من اعتقل بعثت بمحمد بن إيدار إلى محمد البقال ليلتحق بي 2 إحدى الخطارات 2 باب دكالة ، هناك كنت أضرب مواعيد لاجتماعات سرية للغاية حتى لا أضطر إلى تعيين عنوان تذهمني فيه قوات الاستعمار . بدا لي أن محمد البقال كان مندفعا مثل فرس جامح ، ولذا بدأت أهدئ من روعه ، مخافة أن يقوم بعمل يتسبب في اعتقاله ، فيفضح تنظيم الحركة الوطنية عن آخره . وكررت له أن هدفنا هو أن نستأنف نضالنا ، ولكن بحذر شديد . غير أنه لم يتعظ بما قلته له ؛ بل أعرب لي عن استعداده للموت ، مؤكدا بأن لا شيء عاد يهمه بعد لحظة نفي سلطات الحماية للملك لما تيقنت من عزمه على التضحية بنفسه تركته وشأنه ، فتأسفت كثيرا حين بلغني أنه نفذ عمليات ، مثل عملية القطار ، وأنه تعرض للاعتقال مع مجموعة كبيرة من المناضلين ، وأنه أعدم . محمد الخامس …. الشرعي في إطار هذه الوضعية فكرنا ، في مراكش ، في الاتصال بالعناصر التي لم يشملها الاعتقال ، وهي عناصر لم تكن بارزة أكثر في ساحة النضال ، نتيجة الخطة التي وضعناها ، والمتمثلة في التكتم عليها ، وعدم إظهارها للعموم ، وعدم إشهار عملها النضالي . وكانت تنتمي إلى خلية سيدي يوسف بن علي ، ومن بينها عبد الكريم المسيوي ، الذي استعنت به لأعبى باقي المناضلين ، في هذا الحي . اكترينا منزلا بصفة مؤقتة للاجتماع بهم ، وتأطيرهم ، والتأكد من التزامهم بالانخراط في أي عمل مهما كانت خطورته . كنت أجتمع بهم ، ووجهي مقنع ، التزاما مني بالاحتياط اللازم . كما كنت أغير نبرة صوتي ، وأحثهم واحدا واحدا . وكانت منهجيتي ، في اختيار أهم العناصر ، تنبني على استفزازي لهم . وأتذكر أنه كان من بينهم احماد أقلا ، الذي صاح مرة في وجهي :
– أنا بغيت غير نموت فسبيل وطني ، بركا ما تطرح علي فالأسئلة ،كانت هذه أجواء العمل لتعبئة المناضلين فسيدي يوسف بن علي و كان من بينهم كذلك علي رضوان ، الذي كان قد ادعى بهتانا في تصريح له لفائدة جريدة ” أنوال ” ، أنه هو من كان وراء هذا التنظيم .
كان حمان الفطواكي أقرب العناصر الي اذ صاحبني مرة في ذهابي إلى دمنات ، في مهمة أناطها بي حزب الاستقلال : تمثلت في إشرافي على ضبط تنظيم احتفالات استقبال الملك محمد الخامس ، هناك اكتشفت أنه كان جنديا في الجيش الاسباني وأنه ساهم في الحرب الأهلية ، وله خبرة ببعض الأسلحة ، كانت تلك بداية تعرف إلى كثير من أنواع الإسلحة ، برغم أنها كانت بسيطة ، وغير مهمة ، وحينما طرحت علينا قضية الحصول على السلاح ، الدار البيضاء فكرت في أن يخلفني حمان الفطواكي على رأس خلية سيدي يوسف بن علي ، لأنه بدا لي رجلا ناضجا ، ومنضبطا ، ورصينا . عرفته على جماعة سيدي يوسف بن علي ، ولم يكن الساحلي هو الذي تعرف إليها كما زعم . في هذه الأثناء فكرت في أن أذهب إلى الدار البيضاء ، لأتصل ببعض المناضلين ، هناك ، للبحث معهم عن إمكانية التزود بالسلاح . أول شيء قمت به هو الاتصال بمن كنت قد تعرفت إليهم ، أثناء استقبالنا ، هناك ، بعد أن أطلق سراحنا من سجن الكلاوي . وهو حدث كنت قد تحدثت عنه ، فيما قبل . وجدثني ، في شارع مديونة بالدار البيضاء حيث ” سوق العود ” ، أتجول لعلني ألتقي بأحد أعرفه ، التقيت بمحض الصدفة ، باحماد بنموسى الذي كان يدرس معنا في جامعة ابن يوسف ، ونظرا لمعرفته السابقة بي ، وتتبعه لأخبار بعض ما أنجزته من عمل نضالي 4 مراكش ، فقد تحدث مع أخبه المدعو محماد بنموسى ، الذي كان يعمل في خلية الزرقطوني ، وكان هو الآخر يعمل في السوق نفسيه . ضرب لي محماد بن موسى موعدا مع صديقه في النضال محمد الزرقطوني ، الذي لم أكن أعرفه من قبل التقينا في شارع مديونة ، وكنت قد أعطيت لأحماد بنموسى صحيفة ، وأوصيته أن يحملها المعني بأمر اللقاء ؛ ضالتنا أثناء اللقاء التقيت بالزرقطوني ، في ” مرآب العلم ” الذي كان في أسفل عيادة عبد الكريم الخطيب . كانت فرصة لنتحدث ، ونتبادل الآراء حول الأوضاع السائدة آنذاك في المغرب وفي غيره ، أطلعته على كيفية عملنا ، في مراكش ، وكيف يمكننا أن نعمل سويا لمواجهة تلك الوضعية الحرجة ، أخبرني ، إذاك ، بالتقدم الحاصل ، في التحضير لعملية ” مارشي سنطرال ” ، كما أخبرني عن إعداد منشور بشأن ذكرى نفي سلطات الحماية للملك محمد الخامس ، وعن أشياء أخرى كثيرة . تعرفت على مولاي العربي الشتوكي ، وعبد الرحمان الصنهاجي ، الذي كان يشتغل في دكان ، في درب بوشنتوف مع الدا بلعيد . وكان هذا الدكان مركز اتصال بالنسبة إلى مجموعة من التنظيمات داخل الدار البيضاء وخارجها ، الشيء الذي لم أكن أستحسنه ، مخافة أن يفتضح أمره ، خصوصا وأن المترددين على دكانه لم يكونوا يحتاطون بما فيه الكفاية . توصلت والزرقطوني إلى مستوى سادت فيه الثقة بيننا ، وبدأ يصارحني وأصارحه حول نوايانا ، نحن الاثنين . إذاك ، أعلنت له عن حاجتنا إلى السلاح ، أخبرني بأن العتاد يأتي ، عادة ، من الشمال ، لذا يجب انتظار تسليم الصفقة القادمة ، في انتظار ذلك ، طلبت منه أن يزودني بقنابل لنستعملها ضد الكلاوي ، أثناء أدائه صلاة الجمعة ، في جامع الكتبية ، وعلى العموم لم يخف إعجابه الشديد بالكيفية التي كنا نشتغل بها ، في مراكش ، وعلى الخصوص الكيفية التي كنا ننتقي بها ضحايانا من العناصر الاستعمارية المستهدفة من لدن تنظيمنا ، واشتراطنا المسبق أن يكون لها وزن سياسي ، وألا تقتصر ، فقط ، على المتعاونين البسطاء : ” مثل المقدمين ، والمخازنية ” . بهت الزرقطوني لما ذكرت له ، من بين المستهدفين من لدن تنظيمنا ، بعض الأسماء العاملة في الإدارة الاستعمارية : كرؤساء الجهات ” مونيي ” ،و ” تيفا ” و ” دهوثفيل ” وبعض الباشوات و المعمرين ذوي الشأن الكبير ، مع الإمارة الفرنسية ، وكان من أيدي وهوا صاملا بهده الأمور أدراك من او ابالف وتصنع داخل معلومة سلطات الحماية واعجب كثيرا بفرضية ا سهل وسها وهي انه های وان تعرض بنظيمنا الدمع ، وأعضاؤه اللاهتيال ، فيجب أن تكون مقابله خسارة كبيرة * سوف المستعمرين عوض أن تقتصر الخسارة على فقدانهم لعناصر مادية لا تؤثر كثيرا ، و النظارة الاستعمارية إن هي سلطت ميشه وعا ما و تنظيم عملنا و مراكش ، نقتسم المهمات : كنا قد العلا اي منصر من عناصر تنظيمنا من المشاركة فيما يسمى الدعاية ، أو جمع الأموال ، وكنت قد تكفلت شخصيا بتدوين مناضلينا بتنسيق مع الزرقطوني ، وحرصنا على أن تركز على العمل النضالي ، فقط ، وتفادينا ما أمكننا أن نستعرض العناصر المعروفة لدى الجميع ، وخصوصا لدى السلطات حتى لا يكشف أمرها بقيت في الدار البيضاء أنتظر أن أتسلم الأسلحة ، وفي هذا الوقت بدأت اشتغل مع الزرقطوني ، إذ كلفني بتأطير بعض الخلايا لعلها تستفيد من خبرتنا التنظيمية التي جربناها + مراكش ، ومنها خلية ” القريعة ” ، و ” كاريان سنطرال ” ، و ” درب السلطان ” ، و ” درب ليهودي ” ، وتنظيم مدينة الرباط من خلال اتصالي بالدا همو … ي هذا التنظيم الجديد ، انصب اهتمامنا على مدير جريدة ” لافيجي ” ” إيرو ” ، وعلى ” بونيفاس ” ، الذي كنت قد ترصدت خطواته ، في محاولة لتهييء عملية اغتيال ضده . تعقبته إلى حيث سكناه كي أعاين المكان وأعاين جيوبه ، فأدرس الفرصة المواتية لاغتياله ، غير أنه ألقي على القبض ه الصباح الموالي . وخلال مقامي بالدار البيضاء ربطت الاتصال مع محمد الفقي البصري ، فوجدته عاطلا بدون شغل ؛ ومع الفقيه الفكيكي ، وكان يشتغ ي دكان ؛ ومع بوشعيب الدكالي ، الذي كان يشتغل ، هو الآخر ، في دك يبيع فيه ” الشفنج ” .
ولما أخبرنا بتوفر السلاح المطلوب بادرت إلى تسلم القنابل ، وعدت ، للتو ، إلى مراكش مع حسن الصغير ، لتنظيم عملية محاولة اغتيال الكلاوي ومجموعته ، التي كانت تضم أهم معاونيه ، المشاركين في تدبير خلع محمد الخامس ، ومن بينهم أهم القواد والفقهاء : مثل عبد الحي الكتاني ، والقائد المكي ، والهواري ، والمدني بنحيون باشا أكادير ، وآخرين . لكن العملية لم تتم ، لأننا اعتمدنا على تعاون أحد العناصر المدعو الحسين البزيوي ، بحكم سكناه المقابل لدار الباشا ، في درب مجاور لدار ” إيدار ” . اعتمدنا على تعاونه معنا لأنه كان جارا هادئا ، ولم يكن يثير الشكوك ؛ وهو فوق كل ذلك يشتغل أستاذا في مدرسة العبدلاوية . كلفناه بإخبارنا بإشارة منه عادية ، فقط ، حين يخرج وفد الكلاوي من قصره إلى الجامع لأداء صلاة الجمعة ، لكن البزيوي جبن ، ولم يبلغنا بالخبر ، بل تجرأ أن يكذب علينا خوف أن ينكشف أمره . أما عناصرنا فكان من المقرر أن تتدخل حين قدوم وفد الكلاوي داخل جامع الكتبية ، ولما انطلت عليها حيلة الحسين البزيوي فشلت العملية . رجع حمان الفطواكي غضبان أسفاً ، وكان رده عنيفا جدا إذ قرر أن يصفي البزيوي ، إلا أنني كنت أعارضه في ذلك ، محاولا أن ألتمس للأستاذ عذرا ، في موقفه ذاك . لما طال بي التربص بالكلاوي لأغتاله ، عزمت على أن أتوجه ، صحبة المدعو بوجمعة ” لقرع ” ، إلى بيت في ضيعة كانت في ملكية والد مولاي امبارك الناجي ، في تاركة ، لأختبئ فيه . كنت أطبخ وأعجن بيدي ، وأقوم بكل شيء بمفردي . وكان مولاي علي ، الابن الصغير لمولاي مبارك الناجي ، يتلذذ بطبخي ، فذكر ذلك لأمه / أخبر أمه بذلك . ما جعلها تعتقد أن مولاي مبارك الناجي زوجها قد تزوج عليها امرأة أخرى . بقيت مهووسة بذلك إلى أن قدمني إليها ، بعد الاستقلال ، قائلا : هي الضرة ، اللي كنت تشكي فيها ، وتغيري منها .
بقيت هناك أنتظر فرصة لتنفيذ عملية اغتيال في حق الكلاوي ، ولما إذ أقلني * طاكسي كان يشتغل فيه . أثقل علي الانتظار رحلت إلى الدار البيضاء رفقة المدعو بوجمعة ” لقرع ، ا اضطررت إلى أن أغادر مراكش لأستأنف مهماتي الجديدة ، في الدار البيضاء ، فيما بقي حمان الفطواكي مسؤولا عن تتبع هذه المحاولة مع خلية سيدي يوسف بن علي . حاول تنظيم اغتيال الكلاوي مرة لاحقة أثناء صلاة الجمعة ، لكن بدون نتيجة ، بحيث جرح بعض مصاحبيه فحسب ، فلم تكن العملية ذات أهمية بالنسبة إلينا . أصبح حمان ، بعد كل هذا ، بمثابة حلقة اتصال بين مراكش والبيضاء : يأتي إلينا ، كلما كانت حاجثه ملحة إلى التشاور ، أو ليخبرنا عن تطورات العمل النضالي ، في مراكش . فيما بات عملي ، في الدار البيضاء ، يتمثل في إعادة تنظيم الخلايا ، في الأحياء التي سبق أن ذكرتُها ، ومصاحبتها ، أثناء تنفيذ العمليات الجديدة . ومع ذلك استأنفت العمليات ، ي مراكش ، مركزا على اغتيال مونيي ، وتصفية الجنرال دهوتفيل رئيس الناحية .2 ونتيجة لهذه العمليات انتبه الفرنسيون إلى أن مدينتي مراكش والدار البيضاء ، أصبحتا تشكلان خطرا على النظام العام ، فقرروا تقوية الحصار عليهما . في هذا السياق جاء تشديد الفرنسيين للمراقبة في الدار البيضاء ، من خلال تجنيد قواد جدد أصبح عملهم مركزا على التمشيط : 3 يراقبون المنازل والأحياء ، بدون استثناء ، للبحث عن كل من شموا فيه رائحة المقاومة أو التضامن معها . وكانوا يقومون بهذا العمل خاصة في الليل ، وكل من شكوا فيه يسحبونه ليحققوا معه ، في مخفر الشرطة . أما في مراكش فقد تم تجنيد قواد وعناصر من القبائل الموالية للكلاوي ، كان قد استقدمهم من نواحي مراكش والجنوب للقيام بهذا العمل ، طوقوا مراكش ، وساحة جامع الفناء ، وأحكموا قبضتهم على المدينة حتى صار أهلها يدعونهم : ” كلاوة : أي عناصر الكلاوي . أفلحت هذه القوة ي زرع الرعب 4 صفوف الناس ، من خلال المراقبة السيادة عليهم ، واستفزازهم ، ومداهمتهم في منازلهم ، كما كان يحدث ي الدار البيضاء .2 لما قام الفرنسيون بتطويق مراكش والدار البيضاء بدأنا نفكر بجد ي الكيفية ، التي تمكننا من أن نفك الحصار المضروب علينا ، فجاءت فكرة العمل خارج هاتين المدينتين ، لتشتيت اهتمام سلطات الحماية حولهما . انكيبنا على صنع قنابل يدوية ، ووزعناها على مدن أخرى مثل الرباط ، سلا ، الجديدة ، وأسفي ، وهي مدن لم ثراكم ، بعد ، التجربة ذاتها التي راكمناها ، في مراكش والدار البيضاء ، وحرصنا على أن يقوم بهذه العمليات عناصر من المقاومة بالدار البيضاء . وضعنا القنابل في حقائب السفر ، وكان من المقرر أن يضعها المكلفون بتلك المهمة في مقاهي ، ويشعلوا فتائلها لتلتهب ، وتنفجر حين . لكن هذه العمليات لم تنجح إلا مرة واحدة أو مرتين ، لأننا لم نكن قد أحكمنا ميكانيزمات الالتهاب البطيء لجميع الفتائل . بالرغم من ذلك ، فقد كان في صفوفنا عناصر فعالة من بينها الدحوس الصغير ” ، الذي لعب دورا كبيرا في ترصد شخصيات مستهدفة، أغلبها من قطاع الأمن، وكان دقيقا في تنفيذ العمليات التي انيطت به يستعمل مسدسا من فئة ( 11 ملم ) و يرصد رأس المستهدف، ثم يطلق عليه النار لديهم قتيلا، دون أنويترك ادنى أثر لذاك. وهز ما أحدث ارتباكا كبيرا لدى يلطات الحماية .