نور الدين عقاني
بئيس الديس يغادرنا إلى دار البقاء.
رحل عنا في الساعات الأولى من صباح اليوم الفنان المبدع عزيز الفاضلي تاركا لنا أثرا حسنا و خلف ورائه صدى طيبا و حسا نقيا.
رحل من كان سابقا لعصره في تقديم نشرات جوية ممتعة في قالب كوميدي ليس له نظير.
عندما تحركت التلفزة المغربية و نفضت عنها غبار الماضي و انخرطت في رسم معالم مستقبلية واعدة كان المرحوم عزيز الفاضلي يغرد خارج السرب بإبداعاته في تشكيل لوحة جوية جميلة يطل بها على متابعيه الذين كانوا يتسابقون قبل موعد النشرة للتمتع بآخر ما جادت به قريحة هذا الفنان العبقري. كانت نشرات عزيز عزيزة على المغاربه قاطبة خصوصا منهم الفلاحين حيث كانوا يستبشرون خيرا بإطلالته المسائية في توخي موسم فلاحي متميز و هو ما قد كان بالفعل، إذ عرف المغرب ازدهارا فلاحيا كبيرا طيلة سنوات تولي سي عزيز العارضة الفنية لحلقات الأخبار الميتيولوجية لا سيما بعد الخروج من خمس سنوات جفاف عجاف.
عزيز الفاضلي حفظه معاصروه أيضا في سلسلة بئيس الديس المتيم بعشق كرة القدم، الرجل البوهيمي الذي يتيه و يذوب في حب الجلدة الملعونة و التي اختزلها في تينيسة صفراء يراود بها طيلة النهار أبناء حيه قصد مشاركتهم له هذا الوله و هذا الجنون.
بئيس الديس لوحة فنية أخرى تركها سي عزيز في ريبيرتوار الفن المغربي الأصيل و لعل من يسمعني من الساهرين على أرشيف دار لبريهي أن ينتشل هذا الإبداع من رفوف الطابق السفلي لإعادة عرضه على الأجيال الفتية قصد التمتع و الاستنباط.
بعد مغادرة بئيس الديس النشرة الجوية أصبح حالها فعلا بئيسا و صار كئيبا بكآبة مقدميها المتتابعين الذين افتقدوا لفن الإلقاء العفوي.
اللي خلف مماتش على طريقة المصريين فقد خلف لنا سي عزيز أبناء مبدعين في مقدمتهم حنان التي تعج بمواهب فطرية لا مثيل لها و التي برهنت على ذلك في العقدين الأخيرين باحترافية كبيرة عكست الجو السائد وسط أسرة فنية كبيرة بكبريائها أيضا.
لا نملك إلا أن نترحم على الفقيد و ندعو له بالثباث عند السؤال و نطلب من العلي القدير أن يلهم ذويه الصبر والسلوان و إنا لله وإنا إليه راجعون.