بدعوة من الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، السيد عبد اللطيف لوديي، شاركت، يومه الاثنين 27 ماي، بمراكش، في أشغال الجلسة الإفتتاحية لندوة ‘Africa CyberSafe Symposium’ التي تعنى بالأمن السيبراني بإفريقيا والتي نظمتها المديرية العامة لأمن نظم المعلومات.
«الثقة الرقمية والأمن السيبراني ركائز التحول الرقمي في المغرب»
أصبحت التكنولوجيا الرقمية تؤثر في مجتمعاتنا من جميع الجوانب. الإدارات والشركات والأفراد يدركون أن أنشطتهم تتأثر بالتحول الرقمي. وقد أصبح غزو الفضاء الرقمي حقيقة ملموسة، كما يتضح من الزيادة الهائلة في عدد أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية والأشياء المتصلة. اذ سيتم غدًا ربط عشرات المليارات من الأشياء الذكية، والعديد من عناوين الإنترنت التي ستشكل ساحة صيد جد محتملة لمجرمي الإنترنت. وبالتالي، فإن تأمين الفضاء السيبراني للحفاظ على الثقة الرقمية هو قضية وطنية رئيسية.
في الواقع، تشكل الثقة الرقمية في عصر التحول الجديد هذا رافعة رئيسية لتنمية البلدان من وجهة نظر اقتصادية وفيما يتعلق بخدمات المواطنين. ولا يمكن الحصول على هذه الثقة إلا بالإحكام الجيد للفضاء السيبراني، وذلك بفضل استراتيجية حقيقية للدفاع والأمن، واتخاذ إجراءات إعلامية وحملات توعوية تهم مختلف الجهات الفاعلة في المجتمع، لجعل التحول الرقمي فرصة حقيقية لشركاتنا وقوة موجهة للابتكار والنمو في بلادنا.
من الواضح أن تحدي نجاح التحول الرقمي يعتمد بشكل وثيق على إجراءات وتدابير بناء الثقة لدى المستخدم. ومع ذلك، فإن رقمنة الاقتصاد هذه تواجه تحديًا حقيقيًا بسبب تكاثر التهديدات السيبرانية: إذ تجد الجريمة الإلكترونية والتجسس وإساءة استخدام البيانات الشخصية والمعلومات في الفضاء الإلكتروني مسرحًا جديدًا للعمليات ومجالًا جديدًا للتعبير.
يتضح أن مواجهة تحديات الأمن والثقة الرقمية عامل رئيسي للتنمية الاقتصادية، لأنها تسمح للشركات بالابتكار وللسلطات العمومية بتقديم خدمات الثقة للمستهلكين بالحصول على هذه الخدمات بأمان تام. نظرًا لأهمية هذه التحديات، لا يمكن أن تكون هذه المسؤولية منوطة فقط بالشخص المسؤول عن أمن نظم المعلومات أو التقنيات الرقمية، بل يجب أن تصبح الثقة الرقمية أولوية الهيئات الحكومية وقادة المقاولات والأعمال واهتمام جميع للمواطنين.
احتفظ المغرب، الذي يطمح إلى وضع نفسه بين البلدان الناشئة الديناميكية في تكنولوجيا المعلومات والمواصلات، بالثقة الرقمية كإجراء دعم أساسي لترسيخ البلد في الاقتصاد الرقمي. وتستند خطة المغرب الرقمي 2020، التي أطلقتها مؤخرًا وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، والتي تهدف إلى جعل المغرب أحد أفضل البلدان أداءً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من حيث تكنولوجيا المعلومات والمواصلات، إلى ثلاث ركائز تعتمد بشكل كبير على الثقة، ويتعلق الأمر بما يلي:
✔ تسريع التحول الرقمي في المغرب؛
✔ سد الفجوة الرقمية؛
✔ جعل المغرب مركزا رقميا إقليميا.
كما يستند تحقيق توجهاتها الاستراتيجية، التي تقررت على أعلى مستوى في الدولة، إلى إنشاء سلسلة ثقة حقيقية تتيح للمستهلكين (الهيئات والمقاولات والمواطنين) الحصول على خدمات آمنة من البداية إلى النهاية. هذه الخدمات يجب أن تستجيب لاهتمامات المستخدمين الرئيسية:
✔ نزاهة وجودة الخدمة: توفير منصات تكنولوجيا آمنة ومرنة للاقتصاد الرقمي وتزويد المستخدمين بتجربة زبائن مثلى؛
✔ منع القرصنة: حماية المعلومات من السرقة أو الاستخدام غير المأذون به واتخاذ التدابير المناسبة في حالة إساءة استخدامها أو نشر المعلومات الخاطئة؛
✔ حماية الخصوصية والبيانات الشخصية: الاستجابة للقضايا المتعلقة بأمن الأفراد واحترام بياناتهم الشخصية؛
✔ حماية نظم المعلومات الحساسة للبنيات التحتية ذات الأهمية الحيوية.
وعلى هذا النحو، وبالإضافة إلى التوجيهات الوطنية لأمن نظم المعلومات، التي صدرت في 2014 والتي تهدف إلى تجانس مستويات حماية نظم معلومات الدولة من خلال تنفيذ مجموعة من القواعد الأمنية الأساسية، بذلت عدة جهود سنة 2016 لاعتماد برنامج يهدف إلى توسيع نطاق هذه الحماية لتشمل نظم المعلومات الحساسة للبنيات التحتية ذات الأهمية الحيوية. ويهم هذا البرنامج كذلك تعزيز المراقبة الداخلية من خلال إنشاء مراكز العمليات الأمنية (SOC: Security Operations Center) بمختلف الهيئات الشريكة. كما يغطي أيضا الآليات التقنية والتنظيمية للإدارة الفعالة لحوادث الأمن السيبراني.
كما قامت المديرية العامة لأمن نظم المعلومات (DGSSI) بمبادرات أخرى تتعلق بتنمية الثقة. من ناحية، يتعلق الأمر بمشروع تعزيز مرونة الإنترنت في المغرب، الوسيلة الرئيسية للولوج إلى خدمات الثقة. ومن جهة أخرى، بإطلاق دراسة لوضع خارطة طريق تهدف إلى تطوير المصادقة الإلكترونية على الصعيد الوطني.
وهكذا، ومن أجل الاستجابة لضرورة دعم التحول الرقمي في المغرب وإبرام اتفاق بشأن التدابير الأمنية المناسبة التي يمكن تطبيقها لتحسين الثقة الرقمية، نظمت المديرية العامة لأمن نظم المعلومات (DGSSI) يوم 23 ماي 2017 النسخة الخامسة من ندوتها التوعوية السنوية. تحت شعار: “الثقة الرقمية والأمن السيبراني: ركائز التحول الرقمي في المغرب”.
وقد تمحورت هذه الندوة حول ثلاثة برامج تناولت المواضيع التالية:
✔ الثقة الرقمية والرهانات المرتبطة بالأمن: ما الصلة بين الأمن السيبراني والثقة الرقمية؟ أي استراتيجيات لتطوير الثقة الرقمية؟ ردود الفعل من التجارب الوطنية والدولية؛
✔ خدمات الثقة: كيفية بناءها وتطويرها بشكل آمن، وكيفية ضمان المرونة والولوج، وكذا كيفية إدارة أمنها؛
✔ الثقة الرقمية والإدارة الفعالة لحوادث الأمن السيبراني: كيفية التحكم في تأثير هذه الحوادث على ثقة المستخدمين.
وقد حضر هذه النسخة أكثر من 500 شخص يمثلون مديري نظم المعلومات والمسؤولين عن أمن نظم المعلومات في الإدارات والمؤسسات العمومية وكذلك البنيات التحتية ذات الأهمية الحيوية.