تلقيت بصدمة بلاغ معتقلي حراك الحسيمة الذي أعلنوا فيه عن قرار ” التخلي عن الجنسية المغربية احتجاجا على المقاربة التي اعتمدتها الدولة مع ملفهم” !! وإذا كان والد ناصر الزفزافي قد أسهب في شرح خلفيات هذا القرار وإبراز دوافعه , فإن ذلك لم يمنعه من اعتباره قرا را يعكس ” منتهى اليأس والقنوط من الوطن” , حسب تعبيره .
نعم إنه اليأس السياسي في أشد صوره بشاعة , أي عندما يتحول الشعور الحاد بالظلم و ” الحكرة” إلى ” كفر بالمبادئ وبالوطن” ,و بعدما تسد في وجه أفراد أو جماعات كل منافذ الأمل في انعتاق من وضع قاسي معين .وهنا أتساءل , ولا أبرر هذا القرار مهما كانت دوافعه :
_ أليس قاسيا على معتقلي حراك اجتماعي اعترفت الدولة وحكومتها بمشروعية مطالبه , أن يجردوا , وبتعابير جافة , من صفة معتقلين سياسيين أو معتقلي رأي , ويحشروا بالتالي ضمن معتقلي الحق العام !!
_ هل من الإنصاف اختزال حراك اجتماعي دام ما يناهز نصف سنة في مجرد ” أحداث عنيفة لملثمين” ؟
_ أليس ” لبيع وهم ” العفو الملكي للمعتقلين وعائلاتهم في إحدى المناسبات الوطنية أو الدينية نصيب في هذا الإحباط الذي قاد إلى مثل هذا القرار اليائس والصادم والخاطئ بكل المقاييس ؟
لقد آن الأوان لكي يعمل كل من احتضنوا حراك الريف , وتضامنوا مع معتقليه , وأدانوا ظروف محاكمتهم والأحكام القاسية الصادرة في حقهم , وساروا في مسيرات حاشدة مطالبين بالطي السياسي والاجتماعي المنصف استئنافا لمسلسل المصالحة مع المنطقة الذي بدأ به العهد الجديد سنة 1999 .. لكي يقدموا كل الدعم المادي والمعنوي التأطيري لمعتقلي الحراك , ويحثوا ا أصحاب القرار وبعض الهيئات الحقوقية الرسمية والدستورية إلى إعادة نظر جذرية في خطابها ومقاربتها وتقاريرها بخصوص هذا الملف الوطني المعقد والحساس والمصيري ..اليوم , وغدا..
ووبكل صدق وحرقة أتوجه إلى المعتقلين الستة الموقعين على هذا البلاغ بنداء اختصره في كلمة : لا مقايضة “بالانتماء للوطن” , فوراءكم قلوب تتألم لوضعكم, وفعاليات شعبية واسعة تدافع عن حقكم في الحرية والكرامة , وأقلام حرة تتصدى لكل من يسيئون لحراككم … فلا تخذلوهم بمثل هذا القرار اللاعقلاني واللامبدئي .. فمهما قست عليكم الظروف الحالية ,والزائلة حتما , رددوا , كما رددنا ونحن فتيان في معتقل درب مولاي الشريف السيء الذكر :
بلادي وإن جارت علي عزيزة: وأهلي إن ضنوا علي كرام…
فصمودا أبناء وطننا العزيز .. فلكل ليل مطلع فجر..
جليل طليمات / الرباط