أوقفوا مسلسل الانتهاكات الموجهة ضد الممانعين والمعارضين للفساد والاستبدا
أفاد بلاغ الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حرية التعبير بالمغرب، انها تتابع بانزعاج شديد مسلسل الانتهاكات الحقوقية والقانونية التي طالت ولا تزال العديد من أبناء الوطن الغيورين على حاضره ومستقبله، وهي بهذه المناسبة تتساءل متى ستنتهي حلقات هذا المسلسل القمعي الذي أضحى مُلَطِّخاً لسمعة المغرب دوليا، كما غَدَا معيقا لأي إقلاع تنموي ولأي إصلاح سياسي مرتقب. وعلى الرغم من كل الانتقادات التي وجهت للمغرب داخليا من قبل الفاعلين الحقوقيين، وخارجيا من طرف المنظمات الحقوقية الدولية وآليات منظمة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان والبرلمان الأوروبي والخارجية الأمريكية، لم تزدد سلطاته إلا إمعانا في قمع حرية الرأي والتعبير وتوسيع دائرة الاعتقالات والمتابعات القضائية. في هذا السياق تبرز الهيئة الوطنية جملة من الانتهاكات الحقوقية الممنهجة التي رصدتها وهي كالآتي:
1️⃣ الخروقات القانونية التي شابت محاكمة الدكتور محمد أعراب باعسو من لحظة اعتقاله، ومرورا بتدابير الحراسة النظرية والاعتقال الاحتياطي، ووصولا إلى متابعته شططا بقانون الاتجار بالبشر، وانتهاء بالحكم الجائر عليه بسنة حبسا نافذا، وغرامة 5000 درهم، و60 ألف درهم تعويضا للحق المدني.
لقد كشفت أطوار هذه القضية وجلساتها عن غياب أدنى شروط المحاكمة العادلة التي يتمتع فيها المتهم بأصل البراءة والحرية، وسرية التحقيق، وعلانية المحاكمة. وأمام فراغ الملف وافتقاده الحجج والأدلة على إدانة باعسو فيما نسب إليه، اضطرت المحكمة إلى إعادة تكييف المنسوب وإسقاط تهمة الاتجار في البشر إنقاذا لماء وجه الشرطة القضائية والنيابة العامة ومن يحرك دواليبهما، خاصة بعد تورطهم جميعا في وضع محمد باعسو سبعة أشهر ونصف رهن الاعتقال الاحتياطي دون موجب قانون. إن إسقاط التهمة المنسوبة لمحمد باعسو تستوجب الحكم ببراءته وإسقاط كل إدانة في حقه مع جبر الضرر.
2️⃣ الوضع الصحي المزري للصحفي توفيق بوعشرين، الذي لم تكتف السلطات المخزنية بسجنه 15 سنة نافذة، رغم القرار الأممي الذي أقر بتعرضه لاعتقال تعسفي، بل أمعنت في إذلاله وإهانته بإلزامه التوجه إلى المرافق الصحية مصفد اليدين وبلباس السجن، ما يستدعي حفظ كرامته وتمكينه من حقه في التطبيب. أضف إلى ذلك الاستدعاءات المتكررة لزوجته أسماء مساوي من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالرباط ومصادرة جواز سفرها قصد منعها من حضور فعاليات حقوقية داعمة لزوجها توفيق بوعشرين بالخارج.
3️⃣ المضايقات المستمرة التي يتعرض لها الصحفي عمر الراضي داخل السجن والمتمثلة في تهديده بحرمانه من استعمال هاتف السجن إن خاض مع والديه في أي موضوع سياسي، تحت ذريعة أنه “مصنف في حالة خاصة وأنه تحت المراقبة المستمرة”. فضلا عن ذلك، تمت مصادرة مكتوباته وتم منعه من الكتابة، ومنعه أيضا من الاختلاط بباقي نزلاء السجن وقت الفسحة، إذ لم يكتفوا بالزنزانة الانفرادية وشفعوها بالفسحة الانفرادية إمعانا في التعذيب. وهو أمر مستنكر على إدارة السجن التي تتحدد وظيفتها في تدبير وإدارة السجن وليس إصدار أحكام وعقوبات في حق نزلاء السجن الذين تكفيهم عقوبة سلب الحرية.
4️⃣ عدم استجابة السلطات المغربية للمقرر الأممي المعني بالاعتقال التعسفي الذي أوصى بإطلاق سراح الصحفي سليمان الريسوني وتعويضه عن سنوات السجن، باعتباره معتقل رأي، في المقابل صادرت إدارة السجن مشروع روايته ومنعته من الكتابة، ناهيك عن تأخير جلسة النقض بعد أكثر من سنة والتي ستكون أولى جلساتها يوم 24 يونيو 2023.
5️⃣ استمرار التضييق والتنكيل بالمؤرخ معطي منجب. فبعد الاعتقال الاحتياطي على ذمة التحقيق الذي تعرض له، وبعد الحكم عليه غيابيا، وهو داخل السجن بسنة نافذة، دون إخباره أو إخطار محاميه، وبعد تجميد حسابه البنكي وكل ممتلكاته، ومنعه من السفر إلى الخارج، جاء قرار إيقافه عن العمل بشكل رسمي كأستاذ جامعي. ما جعل هذا الناشط السياسي والحقوقي في وضع مادي متأزم يتحمل فيه المخزن جريمة التجويع الممنهج لمنجب .
6️⃣ منع النقيب محمد زيان من التخابر مع محاميه وهو في سجن العرجات 1، بدعوى رفض محاميه الإفصاح عن سبب الزيارة، وهو أمر مخالف لجميع المبادئ والأسس القانونية لكون العلاقة بين الدفاع وموكله مشمولة بالسرية، ولا يحق للنيابة العامة معرفة أسباب التخابر بأي وجه كان. إن ما قامت به النيابة العامة يعد تجاوزا لسلطاتها، ومسا خطيرا بحقوق السجين وبحرية اختيار محاميه وتعطيلا لمصالحه.
7️⃣ الإمعان في معاقبة الناشطة والمدونة سعيدة العلمي على آرائها المعارضة لنظام الحكم، فبعد الحكم عليها بثلاث سنوات تم تعريضها لمحاكمة أخرى من داخل السجن والحكم عليها بسنتين، لا لشيء إلا لكونها أكدت أمام القضاء حقها في التعبير ووصف الواقع السياسي كما تراه لا كما يراد لها أن تراه.
8️⃣ سحب كتاب الأنثروبولوجي عبد الله الحمودي، ومنعه من العرض والتقديم في معرض الكتاب الدولي المقام بالرباط. وهو سلوك منافٍ تماما لفصول الدستور 25/26/28/154 التي تنص تباعا على حرية الفكر والرأي، ودعم الإبداع والنشر والعرض بكل حرية ومن غير قيد، ثم تخويل الاستفادة من المرفق العمومي بين المواطنين على قدم المساواة.
9️⃣ الاستمرار في التضييق على معتقلي حراك الريف وعلى رأسهم ناصر الزفزافي، وما تعرض له الناشط نور الدين لعواج من مضايقات من طرف إدارة السجن قبيل خروجه بأيام. ناهيك عن اعتقالات طالت محتجين ومدونين وأيضا مناضلين في حركة 20 فبراير من الجالية المقيمة في الخارج.
🔟 متابعة أفراد عائلة ضحية التعذيب ياسين الشبلي بتهم ثقيلة لثنيهم عن الاستمرار في المطالبة بالحقيقة والعدالة في قضية ابنهم، وهي إجراءات تروم طمس التجاوزات التي تحدث في دهاليز الشرطة القضائية، ما يستوجب فضح مثل هذه التجاوزات والوقوف بجانب ضحاياها وسلوك كل السبل المشروعة لإجلاء الحقيقة وترسيخ قاعدة “عدم الإفلات من العقاب”.
وبناء على سبق، فإن الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حرية التعبير بالمغرب، إذ تسجل كل هذه الخروقات القانونية والانتهاكات الحقوقية، فإنها تعلن ما يلي:
▪️رفعها أسمى التهاني وعبارات الصمود للمناضل نور الدين لعواج ولكافة أسرته ومحبيه بمناسبة معانقته لحريته ومغادرته سجن عكاشة سيء الذكر، واستنكارها لكل ما تعرض له من حكم جائر، مع مطالبتها بجبر كل الضرر الذي لحقه،
▪️ شجبها كل ما يتعرض له النشطاء والسياسيون والصحفيون من قمع للرأي والحد من حرية التعبير والحرمان من المساواة في الحقوق،
▪️ دعوتها السلطات المغربية إلى ضرورة إيقاف انتهاكاتها الممنهجة في مجال حقوق الإنسان، وسياستها المشجعة للإفلات من العقاب وكل أشكال الضغط التي تمارسها على المطالبين بالحقيقة والعدالة في قضايا التعذيب والشطط في استعمال السلطة،
▪️ مطالبتها التعجيل بإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي وحرية التعبير، باعتبار ذلك مدخلا لأي إصلاح سياسي وانتقال ديمقراطي يروم إشراك كل كفاءات الوطن في مناخ تسوده حرية الرأي وحرية التعبير والإبداع،
▪️ تحذيرها من الاستمرار في توظيف مؤسسة القضاء لتصفية الحسابات السياسية، ومطالبتها بقضاء نزيه ومستقل من شأنه أن يعيد الثقة للمواطنين في مؤسسات الدولة،
▪️ تأكيدها على ضرورة التمييز بين الجهات المختصة بإصدار العقوبات متمثلة في جهاز القضاء، والمؤسسة السجنية التي لا يحق لها مطلقا إضافة عقوبات لأي سجين لم تذكر في نص الحكم، كمنعه من التحدث في مواضيع معينة أو منعه من الفسحة الجماعية أو منعه من التأليف والكتابة.
وفي الختام تجدد الهيئة نداءها لكافة القوى الوطنية لتوحيد الجهود من أجل تحقيق الحرية للمعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، وبهدف الحد من تغول السلطة وعنفها المتصاعد ضد كل الأصوات الممانعة والأقلام الحرة والهيئات الساعية لتقويض دعائم الفساد والاستبداد.